بصرى.. صورة على هامش الاحتقان

التجاوزات بقلم الحكومة

واقع بصرى اليوم بعيد عن ماضيها فهذه المدينة الأثرية تكاد تدفن نتيجة صوم عمليات التنقيب والترميم، وما يزيد الطين بلة، الإهمال الذي تتعرض له المدينة من القائمين عليها فالسائح لا يرى من بصرى سوى الأعمدة الملقاة على جوانب الطرقات والأشواك تفترش التيجان وتتغلغل بين الأعمدة عدا عن ذلك تقف الأوابد الأثرية صامدة بوجه الإهمال أملاً بعابر سبيل ينقذها من الموت تحت أكوام الأتربة.

لا تقف الحكاية عند الدفن بالتراب أو أكياس القمامة أو الصرف الصحي في النبع القديم ولكنها بحسب تقرير لجنة الكشف على الشارع المستقيم للسوق الروماني في بصرى، والتي اصطلح على تسميتها لجنة القرار 450، يتبين وجود مجموعة كبيرة من المخالفات أهمها بحسب مارود بالفقرة الأولى من التقرير وجود فرق الارتفاع بين مستوى أرض الشارع ومستويات أرضيات المنازل الواقعة على جانبيه، وهو ما فرض وجود درج أمام مداخل تلك المنازل وأغرى بعض الأهالي في التجاوز والتعدي على الشارع المستقيم الذي يعد المحور الرئيسي للمدينة القديمة وواحداً من أهم معالمها، تلك التعديات تمثلت بانتزاع جزء من الشارع على طول واجهة المنزل وعرض الدرج وتخصيصها للمنزل واستغلالها كتراس أو حديقة أو مستودع أو كراج، منها مخالفة العقار 206 المستملك لمصلحة المديرية العامة للآثار والمتاحف وينضم لهذه المخالفة العقاران 207 و208 وهما مستملكان أيضاً لمصلحة الديرية ذاتها وبالطبع هناك مخالفة العقار 890 والعقار 305 إضافة للعقار 1629 .

الزفت فوق الآثار

يضاف إلى ماسبق تعبيد الطريق الجانبية وأجزاء من الشارع المستقيم بالزفت فوق الأرضيات الحجرية، وبعد استقصاء اللجنة المختصة للواقعة تبين أن البلدية زفتت الجزء الأوسط من الشارع المستقيم والطريق المؤدية إليه، وجاءت تلك العملية بناء على طلب رئيسة الدائرة الأثرية، ثم عادت البلدية ونزعت الزفت من الشارع المستقيم وأبقته في الطريق المتفرعة عنه.

أما كاتدرائية بصرى والتي تعد من أولى الكاتدرائيات في العالم يعلوها خزان اسمنتي تم وضعه منذ فترة الاحتلال الفرنسي وما زال حتى اللحظة قائماً رغم تقديم العديد من الكتب لإزالته كونه مشوهاً لمنظر الكاتدرائية ومنذ اكتشافها لم تخضع لأي ترميم أو تنقيب بداخلها، ويقابل الكاتدرائية في الجهة الأخرى صومعة الراهب بحيرة هذه الصومعة التي لا يتناسب مظهرها الخارجي مع الداخلي فلم ترمم حتى الآن والسبب في ذلك تأخر مديرية الآثار في استملاكها مما يشكل خطراً لزائر الصومعة في حال دخوله إليها.

وفي تعبير لرئيسة الدائرة وفاء العودة حول الوضع المزري الذي تعاني منه مدينة بصرى الأثرية بأنه عائد لنقص الكادر الفني العلمي حيث لا وجود إلا لأربعة حراس على ملاك الدائرة وهناك مهندس معماري وحيد لا يعرف الكثير عن علمه بحسب تعبير العودة التي أكدت بأنها طالبت مدير عام الأثار والمتاحف برفد الدائرة بكادر جديد من عمال ومهندسين وخلافه ولكن لم تلق غير الرفض لعدم وجود الشواغر والميزانية الكافية لمثل هذه الخطوة، وتسأل العودة عن البعثات التي تخرجت من فرنسا؛ لماذا لم ينظف أو يرمم في بصرى؟ ويتفق المفلح مع العودة بأن اللوم يقع على عاتق وزارتي الثقافة والسياحة وخاصة مديرية الأثار التي لا تجد الكثير من العون من السياحة بحسب اتفاق غالبية الأثاريين في سورية.

أين الميزانية؟

ويبقى السؤال بأن التعاون المطلوب لا يقدم ولا يؤخر في حال أن الحاجة التي تحدثت عنها العودة لبناء المشاريع قرابة 7 مليون ليرة سورية فقط ويصرف لمصلحة بصرى سنويا حوالي 25 مليون ليرة سورية إضافة لمعونات الوزارات وغيرها، فأين تذهب كل تلك ؟! ولماذا لايزور مدير عام الآثار والمتاحف مدينة بصرى بعد انقطاع تجاوز عاما ونصف حسب تعبير العودة؟