د. قدري جميل د. قدري جميل

التأخر بالإصلاح هو العدو الأساسي للاستقرار والوحدة الوطنية

أوضح د. قدري جميل عضو رئاسة مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين،أن أي حل للوضع الراهن في سورية يتطلب بالدرجة الأولى معرفة ماذا يريد الشعب وإدماج إرادته بعملية الإصلاح المطلوبة، وتابع في حديث مع إذاعة شام FM صباح الثلاثاء 5/4/2011 إن قانون أحزاب جديداً وجيداً لن يكفي وحده لحل المشكلة في سورية، فجهاز الدولة لديه جهاز رقابي وجهاز تشريعي والمفترض أن يكون الجهاز التشريعي مفصولاً عن جهاز الدولة، فعندما يلعب جهاز الدولة دوراً بانتخاب المجلس التشريعي فإن هذا الأخير يفقد جزءاً كبيراً من استقلاله النسبي في الرقابة على جهاز الدولة ويصبح غير قادر على التعبير عن تطلعات وآمال ومشكلات المجتمع، أي تغلق الأقنية بين المجتمع وبين جهاز الدولة، وعندما تغلق هذه الأقنية لا يبقى هناك اتصال وتتراكم المشكلات لتنفجر فجأةً بأشكال مختلفة.

وأكد د. جميل أن المطلب الملح حالياً هو فتح هذه الأقنية المغلقة، ولا يكفي لتحقيق هذا وضع قانون أحزاب جديد مهما كان جيداً، فالأحزاب لا تخلق بجرة قلم وقانون، وإنما هي بحاجة إلى مجتمع يتحرك، وبالتالي فما لم يرافق قانون الأحزاب قانون انتخابات جديد عصري ينسف قانون الانتخابات الحالي الذي ورثته سورية من مرحلة الاستعمار الفرنسي ولم يتغير فيه حرف منذ 60 عاماً، فلن يكون هناك حياة سياسية في سورية.

وفي سياق الحوار الإذاعي أشار د. جميل إلى المشكلات الاقتصادية- الاجتماعية التي راكمتها الخطة الخمسية العاشرة والتي ساعدت بإيجاد ثغرات اجتماعية سهلت امتداد المخططات الخارجية إلى الساحة الداخلية، وأوضح أن معالجة هذه الثغرات والتعامل مع الأحداث الراهنة في سورية يتطلب الذهاب إلى جذر المشكلة الذي هو اقتصادي- اجتماعي بكل تأكيد، ويدور حول هذا الجذر انخفاض مستوى المعيشة وانخفاض شعور المواطن السوري بالكرامة.

وأشار د. جميل إلى أن ما يجري حالياً يمكن وصفه بالمعادلة التالية؛ ارتفاع مستوى عدم الرضى عن السياسات الداخلية المتعلقة بالوضع المعيشي إلى درجة فاقت في بعض الأحيان مستوى الرضى العام عن السياسات الوطنية المتعلقة بالثوابت الوطنية.

وفي حوار آخر أجراه مع موقع «دي برس» ونشر بتاريخ 6/4 تابع د. جميل موضحاً: نحن نعي منسوب عدم الرضا لدى المجتمع السوري نتيجة الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية التي سببتها السياسيات الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الخمس الماضية، ونعلم بأنه إذا كان مستوى الفقر الرسمي 30% قد بدأ حسب أرقام الأمم المتحدة منذ بداية الخطة الخمسية العاشرة، وانتهى إلى نسبة 33%، بينما كانت الخطة جعل 24% من السكان فقط تحت خط الفقر، والرقم الحقيقي هو 44% حسب تقديراتنا الأولية، كون حد الأجر الطبيعي والضروري لعائلة مكونة من 5 أشخاص هو 24 ألف ليرة سورية والحد الأدنى للأجر هو 6 آلاف، أي أن هناك فارقاً 4 أضعاف بين الحد الأدنى للأجر والحد الأدنى لمستوى المعيشة وهو فرق كبير، ما يضطر الشخص ليعمل بأكثر من وظيفة، أي إستهلاك القوة العاملة وتخفيض الإنتاجية وتخفيض العمر المحتمل للفرد، وعلى المستوى البعيد تخفيض عدد السكان.

وأضاف د. جميل أنه وأمام كل هذه السياسات الاقتصادية الخاطئة لابد من تهنئة الفريق الاقتصادي كونه صنع أكبر إجماع في الشارع السوري ضده..

وتابع د. جميل مؤكداً على ضرورة البحث عن موارد داخلية، وهي موجودة في مكامن الفساد فمثلاً مطار دمشق الدولي تم ترميمه بمبلغ 40 مليار يورو وفعلياً تم صرف 14 مليون يورو، أي أن حجم السرقة 200% ، فأموال الفساد تأكل من الدخل الوطني بين 20% و30% أي ما يساوي 700 مليار.

والمصدر الداخلي الثاني هو تأميم الخليوي بكل شركاته، فالخليوي هو شراكة الهواء وهو ملك للدولة.

وأوضح د. جميل أنه في حال لم تقم الدولة بمكافحة الفساد، فإن المجتمع هو من سيخلّص نفسه من هذا الفساد، فهذا ما حدث في تونس ومصر لذلك يجب علينا التعلم من غيرنا.. وأعرب عن ثقته بوجود أناس مخلصين داخل مؤسسات الدولة سوف يقومون بتنظيف المؤسسات من الفساد.

وفي لقاء سابق على الأحداث مع الفضائية السورية بتاريخ 23 آذار الماضي (قبل المؤتمر الصحفي الذي أقامته بثينة شعبان)، أوضح د. جميل أنه يجب تناول قضية الإصلاح من حيث أن مسارات الإصلاح هي مسارات متلازمة، ولكن بإطار الممارسة يفرض الواقع أن يتم البدء بمسار قبل مسار، ولذلك ليس هناك وصفة مسبقة لممارسة الإصلاح فهناك تداخل بين المسارات، وطرح د. جميل مثالاً على ذلك الفساد، هل هو قضية سياسية أم اقتصادية؟ هو قضية ذات بعد سياسي واقتصادي بل واجتماعي أيضاً في الوقت نفسه، وبالتالي فإن معالجة أية قضية نوعية هامة تهم مستقبل البلد والنمو والمستوى المعيشي يجب أن تكون قضية تمس جميع المسارات، والفصل التعسفي بين المسارات الأساسية بين الإصلاح هو غير صحيح وغير عملي.

ورأى د. جميل أن الإصلاحات في سورية تأخرت عما هو مطلوب في الواقع، وهي تدق الباب اليوم بشدة لأن الضرورة تفرض ذلك وعلى كل المسارات، وما زالت الفرصة التاريخية متاحة لكي يستطيع المجتمع السوري القيام بهذه المهمة بسلاسة، وهذه الإمكانية ما زالت موجودة.

 

وتابع: إن ما أراه اليوم هو أن التأخير بالإصلاح جعله كبير التكلفة، والتأخير اليوم هو العدو الأساسي للاستقرار والوحدة الوطنية، ولفت إلى أن البعض قد يرى أن قوى الفساد لها وزن جيد في جهاز الدولة وأن المواجهة معها في هذه الظروف الإقليمية الخطيرة ذات كلفة مرتفعة، ولذلك يتم ترحيل الموضوع وتأجيله ولكن هذا لا يمكن أن يتم إلى الأبد، وبالتالي فعندما لا يعود بالإمكان سوى معالجته ستكون كلفته عند ذلك أعلى من كلفته مما لو كانت المعالجة تمت فيما سبق.