تصريح باسم رئاسة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين

تثير الأنباء المتسارعة عن الاضطرابات التي تزداد اتساعاً وعمقاً في أرجاء البلاد القلق الشديد في أوساط الجماهير الشعبية. وفي هذا السياق نؤكد من جديد أن الأرضية المشروعة لهذه الاحتجاجات كانت التدهور الكارثي لمستوى معيشة الأكثرية الساحقة من السكان بسبب السياسات الاقتصادية ـ الاجتماعية القصيرة النظر والمنحازة للأغنياء، ما أدى إلى ازدياد صعوبات العيش بكل أشكاله، وانسداد الآفاق وخاصة أمام الأجيال الشابة، هذه الأمور التي ترافقت مع انخفاض منسوب الحريات السياسية مما لم يسمح للأوساط الواسعة من الشعب التعبير عن استيائه في الوقت المناسب تجاه الظواهر السلبية التي يعاني منها، وخاصة الفساد وعدم تكافؤ الفرص والبطالة.

 

 

لقد حذرنا سابقاً، مراراً وتكراراً، ومنذ سنوات، من مخاطر ونتائج السياسات الداخلية المتبعة التي تفتح الباب واسعاً أمام مختلف أنواع الاحتجاجات، والتي يمكن أن تستخدم في لحظة معينة من جانب أي كان لتمرير أهداف أخرى لا علاقة لها بالمطالب المشروعة، ولكن مستخدمة إياها كغطاء، مما سيجعل الأمور تختلط على الناس التي لا تثق بالإعلام الرسمي أصلاً بسبب قصوره التاريخي، خالقاً بلبلة لا يستفيد منها إلا العدو المتربص بالبلاد من أجل تفتيت وحدتها الوطنية، سلاحها الأهم في مواجهة المخططات الأمريكية ـ الصهيونية في المنطقة...

قبيل بدء موجة الاحتجاجات في 25/ 2، أكدنا في بلاغ مجلس اللجنة الوطنية، وما زلنا حتى اليوم، نطالب بالإسراع بالإصلاح الجذري الشامل، وحدّدنا رؤيتنا له ولحدوده.. ونرى أن هذا الإصلاح هو العلاج الجذري الشامل لما نعاني منه الآن..

لقد أصبح واضحاً أن هناك قوى مشبوهة تريد أن تركب موجة الاحتجاجات المشروعة، مستفيدة منها لحرفها عن مسارها باتجاه المزيد من إراقة الدماء وتهديد الوحدة الوطنية، وذلك عبر الشحن الطائفي وصولاً إلى إلغاء الدور الذي تلعبه سورية تاريخياً في الصراع العربي ـ الإسرائيلي..

وتؤكد الأحداث أن هذه القوى المشبوهة موجودة في كل مكان، وتتغطى بأكثر من غطاء، وهي بذلك تحاول تفعيل كل منظومات الثنائيات الوهمية المدمّرة، فهي موجودة أحياناً في قوى الحراك الشعبي وتحاول دفعه في اتجاه استخدام السلاح. وهي موجودة أيضاً في بعض أجهزة الدولة التي عصت الأوامر المعطاة بعدم إطلاق النار على المتظاهرين السلميين منذ بادئ الأمر.

إن هذه القوى تعبر في نهاية المطاف عن مصالح قوى الفساد الكبرى من كل شاكلة ولون، العابرة للطوائف والأديان والقوميات، والمرتبطة في نهاية المطاف بالعدو الخارجي وأهدافه، والتي ترى أن ساعة الحساب الشعبي قد اقتربت، وهي تريد حرف المطالب المشروعة عن هدفها للنفاذ بجلدها وتأبيد نهبها.

إن هذه اللحظات الدقيقة والحرجة تتطلب أقصى درجات الحذر واليقظة وضبط النفس وعدم تساهل الشعب مع كل من تسوّل له نفسه، أياً كان، وأينما كان، التلاعب بالوحدة الوطنية عبر الاحتكام إلى السلاح.. كما تتطلب من القوى النظيفة الشريفة في جهاز الدولة التي تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في هذه اللحظة، أن تُخرج من جحورها في الجهاز نفسه وفوراً، تلك القوى التي مهدت بسلوكها للأحداث الحالية، والتي تحاول حتى هذه اللحظة خلط الأوراق، مضحيةً بالبلاد والعباد حفاظاً على مصالحها الخاصة الضيقة..

إن الوضع الحالي يتطلب أن تضمن القيادة السياسية للبلاد فوراً، تسريع وتيرة الإصلاحات وتعميقها من أجل عزل وتصفية كل القوى المشبوهة أينما وُجدت...

الناطق الرسمي باسم هيئة رئاسة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين

دمشق 11/4/2011