نازحون... ومزاودة سياسية
مع تدفق أعداد جديدة من النازحين إلى منطقة عفرين مؤخراً، نتيجة العمليات العسكرية في قرى (كفرنايا- تل رفعت- معرستة الخان- رتيان- ماير، وغيرها)، والمقدر عددهم بعشرة آلاف مواطن حتى الآن، ومع الاستمرار بتدفق اللاجئين إليها، وبوجود لاجئين موجودين سابقاً بها، فقد بات واقع حال المنطقة والأهالي هناك ينذر بالكارثة الإنسانية، بسبب شح المواد الإغاثية من غذاء ودواء وخيم، وغيرها الكثير، من الاحتياجات الأساسية والضرورية للاستمرار بالحياة.
يشار إلى أن منطقة عفرين لم تصلها المساعدات الإغاثية منذ أكثر من عام، باستثناء بعض العبوات البلاستيكية لتعبئة المياه، وعدد من الكراسي للمعاقين، ومع ذلك وعلى الرغم من ضعف الإمكانات المتوفرة لدى الأهالي، فقد قاموا بما تيسر لديهم من جمع بعض المساعدات الغذائية، كما بعض المستلزمات الضرورية الأخرى، وهم ما زالوا عند موقفهم الإنساني والوطني تجاه أهلهم من النازحين في حسن الاستقبال والضيافة، وتأمين بعض المستلزمات، حسب المتاح لديهم من إمكانات، مع العلم بأن شُعَب الهلال الأحمر في المنطقة طلبت من فرع الهلال في حلب ضرورة تأمين المستلزمات الإغاثية بشكل عاجل، خاصة بعد وصول دفعات من المساعدات الإغاثية إلى نبل والزهراء، حيث وعد فرع الهلال بحلب أن يتم تأمين ذلك حال تأمين الطريق، علماً أن الطريق بين نبل والزهراء وعفرين أصبح سالكاً، ولم يعد هناك من مبرر لعدم وصول المساعدات إلى عفرين، خاصة وأن المسافة الفاصلة بين هاتين المنطقتين لا تتجاوز 10 كم.
مساعي لإفشال الحل السياسي
مخيم باصلحايا (روبار) ومخيم قطمة، بات يعج بالنازحين، وقد ترافق ذلك مع إغلاق الحدود التركية أمام اللاجئين، لتجتمع آلاف مؤلفة من أبناء قرى المنطقة على الحدود وليحولها الجانب التركي كعادته إلى مادة للتضخيم الإعلامي، وللمزاودة والاستثمار السياسي، ساعياً إلى محاولة فرض المزيد من التدخل في الشأن السوري، وصولاً إلى التلميح بالتدخل العسكري المباشر، حسب تقارير إعلامية، كما هي مادة مناسبة له للاستثمار بورقة اللاجئين على المستوى الأوربي خاصةً والدولي عموماً، وفي محاولة منه لتجيير استثمار المعاناة الإنسانية بإطار مساعيه الرامية إلى إفشال الحل السياسي بنهاية المطاف، والتي لن تكلل بالنجاح، كما غيرها من مساعيه البائسة السابقة.
معاناة تستصرخ الإغاثة
وقد بات هؤلاء في العراء على الحدود، وشُعَب الهلال الأحمر في عفرين وكفر جنة أصبحت عاجزة عن تأمين المستلزمات الضرورية للأعداد الكبيرة المتواجدة في تلك المخيمات، وخاصة الخيم في هذه الظروف الجوية القاسية، ومع وجود عدد كبير من النساء والأطفال بين هؤلاء، وبغياب الإيواء والغذاء والدواء والدفء والرعاية، فان وضعهم سيزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخاصة مع استنفاذ أهالي عفرين لإمكاناتهم تباعاً أيضاً، وعدم وصول المساعدات حتى تاريخه.
الهلال الأحمر والأهالي والنازحين في منطقة عفرين، يستصرخون السرعة في إيصال المساعدات الإغاثية للمنطقة، درءاً لعواقب كارثة إنسانية بدأت معالمها بالظهور.
تعزيز مسيرة الحل السياسي
إن سرعة إيصال المساعدات الإغاثية للنازحين، من أبناء الوطن على الحدود التركية، والسعي إلى إعادة كل منهم إلى مدينته وقريته بأقرب وأسرع وقت، سيفوت الفرصة عملياً أمام عمليات الاستثمار والإتجار السياسي بمعاناة أهلنا هناك، من قبل العديد من القوى المحلية والإقليمية والدولية، كما سيعزز مسيرة الحل السياسي الشامل المنشود.