الانتخابات، والسعي نحو عملية سياسية
ستشهد البلاد في السابع من أيار الجاري انتخابات مجلس الشعب التي يحضر لها في ظروف الأزمة الوطنية العميقة.بكل ما تحويه هذه الأزمة وظروفها من تعقيدات واستعصاءات، وما تولده من انقسامات واستقطابات في صفوف الشعب السوري، وقواه السياسية والاجتماعية وما تنتجه من مواقف متناقضة ومتعارضة.
إن ما يحكم موقفنا من الانتخابات الحالية بالدرجة الأولى هو السعي والسير نحو عملية سياسية تؤدي إلى الخروج الآمن من الأزمة، أي أن هذه الانتخابات يمكن أن تكون خطوة ما في الاتجاه الصحيح نحو العملية السياسية والحل السياسي. فيما لو سارت هذه الانتخابات باتجاه بدء ظهور التعددية السياسية التي نص عليها الدستور الجديد في مادته الثامنة الجديدة.
أي بكلمة بدء الانتقال الفعلي على الأرض من نظام سياسي أحادي إلى نظام سياسي تعددي .إن قانون الانتخابات القائم حاليا هو قانون مفصل على قياس النظام الأحادي و فيه لا يمكن أن يصل إلى مجلس الشعب إلا المرشحون الذين يدعمهم جهاز الدولة أو قوى المال. وهو بهذه الطبيعة يعيد انتاج التركيبة السابقة نفسها في مجلس الشعب الجديد حتى إذا تغير الأشخاص وتغيرت الوجوه. وهذا القانون لا بد من استبداله بقانون جديد ونرى أن مبدأ النسبية واعتبار سورية دائرة واحدة هو البديل الذي يلبي متطلبات وجود وتطور النظام السياسي التعددي وهو شرط لا بد منه لتطور القوى السياسية.
وباعتبار أن هذه الانتخابات ستجري في ظل القانون الحالي. طالبنا بثلاثة تعديلات على التعليمات الإجرائية. وهذه التعديلات هي:
1- تخفيض عدد المراكز الانتخابية والصناديق في الدائرة الواحدة
2- جعل الانتخابات ليوم واحد فقط بدلا من يومين
3-تشديد الإجراءات القانونية لمنع عمليات التصويت المتكرر وقيام المحكمة الدستورية بفحص قوائم الناخبين عند الطعون
إن التجاوب مع هذه المطالب فعليا يمكنه أن يخفف من الآثار السلبية في العملية الانتخابية وان كان بالتأكيد لا يلغي هذه الآثار. ويمكن أن تشكل ضمانات لمستوى معقول من نزاهة وشفافية الانتخابات في حال الالتزام بها.
إن هذه الانتخابات تشكل اختبارا حقيقيا للنظام في السير نحو نظام سياسي تعددي جديد او البقاء في اسر الاصلاحات الشكلية والتجميلية.
وفي الفترة الأخيرة قبل الانتخابات أخذت تبدو بوضوح عبر وسائل الإعلام والقوائم المعلنة وقوائم الظل والأسماء المتداولة للمرشحين «المستقلين» المدعومين والمرضي عنهم من جهاز الدولة أخذت تبدو بعض المظاهر التي تشير، إلى أن النظام يتبنى ويروج لفكرة واحدة، هي أن المسؤول عن حالة ووضع ودور مجلس الشعب السابق هو أعضاء مجلس الشعب السابق أنفسهم الذين لم ينتجوا شيئاً، ولم يطرحوا مشاكل الشعب، وبالتالي لم يكن من الممكن حلها وعلى أساس ذلك ينبغي استبدال هؤلاء بوجوه جديدة.
إنّ المشكلة كما شخّصناها سابقاً تكمن في قانون الانتخابات والنظام الانتخابي المفصل على قياس النظام السياسي الأحادي. وحل مشكلة دور مجلس الشعب بالدرجة الأولى يكمن في تغيير هذا القانون وهذا النظام ما يسمح لقوى المجتمع من خارج جهاز الدولة وخارج قوى المال بالوصول المؤثر لهذا المجلس ما يمكن أن يؤدي لبدء ظهور التعددية الحقيقية في مجلس الشعب كبداية لظهور النظام السياسي الديمقراطي التعددي ومن دون ذلك ستكون الانتخابات المقبلة تكرارا لسابقاتها في إعادة إنتاج مجلس بالتركيبة السابقة نفسهاوبالدور نفسه، وستتحول الانتخابات المقبلة إلى مجرد فرصة ضائعة أخرى من الفرص العديدة التي سنحت لدعم الخروج الآمن من الأزمة الحالية. وهو إذا ما حصل سيؤدي لرفع كلفة الخروج من الأزمة على البلاد وعلى النظام. و هو ما لا نرغب أن نكون طرفا فيه ولو اضطراراً.