المعارضة السورية تجمع على ضرورة تمثيل أطيافها كلها في «فيينا»
عقد ممثلو «لجنة متابعة نداء موسكو» مؤتمراً صحفياً في موسكو قبل ظهر الخميس 12 تشرين الثاني، وذلك في ختام زيارتهم إلى العاصمة الروسية ولقائهم مع عدد من كبار مسؤولي وزارة الخارجية الروسية، وذلك في إطار التحضيرات الجارية لاجتماع فيينا.
وحضر المؤتمر الصحفي عن لجنة المتابعة كل من د. قدري جميل، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، أمين حزب الإرادة الشعبية، وخالد عيسى من قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، ونمرود سليمان ممثل المجتمع الآشوري في الولايات المتحدة، وأحيقار رشيد عضو قيادة تجمع سوريا الأم، ومحمد حجازي عضو قيادة هيئة التنسيق الوطنية السورية في المهجر، حيث شددوا جميعاً على أهمية أن يفضي اجتماع فيينا إلى تسوية مسألة تمثيل المعارضة قبل إطلاق الحوار مع الحكومة السورية.
وأكد د.جميل على ضرورة أن يضم لقاء فيينا ممثلين عن أطياف المعارضة السورية جميعاً، بلا استثناء مشيراً من جانب آخر إلى أن الطيران الروسي يلعب دوراً كبيراً في مواجهة الإرهاب، لكنه لن يتمكن بمفرده من حل هذه المهمة في سورية، وأنه لا بديل عن الحل السياسي في سورية، رغم الأهمية الكبرى للعمل العسكري ومواجهة الإرهاب، كما لفت النظر إلى أنه يخطئ من يعتبر أن الحل في سورية هو عسكري بحت.
وحسب موقع «روسيا اليوم» فقد شهدت التصريحات الأولى لأعضاء وفد المعارضة السورية، خلافاً بين المتحدثين في المؤتمر حول بعض القضايا، حيث اعتبر محمد حجازي أنه لا ينبغي على الرئيس السوري بشار الأسد خوض الانتخابات الرئاسية، وحمّله المسؤولية كاملة عما يحدث في سورية، بينما أكد قدري جميل انعدام الجدوى من وضع شروط مسبقة قبل المفاوضات إن كان من طرف المعارضة أو النظام، مشيراً إلى أن المفاوضات هي التي ستمثل حلبة يتم عليها بحث النقاط الخلافية جميعها.
وفي تصريحات منفصلة لـ«سبوتنيك» الإنكليزية، نشرتها الوكالة الخميس أيضاً، قال د.جميل إن مسألة تمثيل الحكومة والمعارضات السورية المختلفة في اجتماعات فيينا ستجري مناقشتها في اجتماع فيينا3 المزمع عقده في 14 الشهر الجاري.
المداخلة الاستهلالية
وقد استهل د.قدري جميل المؤتمر الصحفي بمداخلة جاء فيها:
يجلس على هذا المنبر ممثلو ثلاث جهات، قامت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة بلقاءات مع وزارة الخارجية الروسية. نشكر، من جهتنا، جهود الخارجية الروسية التي فتحت الأبواب واسعة مع ممثلي مختلف أطياف المعارضة، إن هي أرادت الحضور إلى موسكو من أجل التشاور حول آفاق العملية السياسية في إطار النشاط الذي يجري في فيينا.
نحن هنا ممثلون عن أطراف مختلفة. اجتمعنا بشكل منفرد ومنفصل مع وزارة الخارجية الروسية. جبهة التغيير والتحرير، وممثلوها هنا الأخ أحيقار رشيد، وأنا. وممثل هيئة التنسيق هو الأخ محمد حجازي. وممثلا لجنة متابعة نداء موسكو2 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الأستاذ نمرود سليمان، والرفيق خالد عيسى.
تصويب خلل تمثيل المعارضة
أذكركم بالنداء الذي وقع عليه أكثرية المعارضين الذين حضروا لقاء «موسكو2»، والذي يطالب الأمم المتحدة بالعمل على عقد «جنيف3» على أساس بيان «جنيف1»، ويطالبها بإعادة النظر في شكل تمثيل وفد المعارضة في الحوار، والمفاوضات مع النظام. لأن هذا الوفد كان مشوه التشكيل خلال «جنيف2»، وكان يمثل فقط طرفاً واحداً من أطراف المعارضة، هو «الائتلاف».
نريد اليوم أن تشارك أطراف المعارضة السورية كلها في العمل اللاحق. لا نريد إقصاء أحد، ولا نسمح لأحد بإقصائنا، ولا نسمح لأحد بإقصاء أحد. هذا هو موقفنا المبدئي. فالأزمة السورية معقدة، والمطلوب أن تشارك في النقاش حولها، وحلها، جميع الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية. لذلك، رأينا في فيينا، خطوة هامة في هذا الاتجاه، لأنها حلت عقدة من عقد «جنيف2»، حول عدم إقصاء أي طرف إقليمي هام، يمكن أن يكون له دور في الأزمة السورية. وكان حضور إيران نقطة إيجابية، ونأمل أن نسير قدماً في هذا الاتجاه في تمثيل المعارضة السورية.
أعتقد أن تمثيل المعارضة السورية تعددياً قد تم الاتفاق عليه من حيث المبدأ بين الأطراف الإقليمية والدولية. ولكن، إلى الآن لم يحل موضوع كيفية هذا التمثيل، ونسب هذا التمثيل. ونأمل خيراً أن تذهب هذه القضية إلى الحل خلال «فيينا3» القادم، لأنها نقطة موجودة على جدول الأعمال.
تلازم «العسكري» و«السياسي»..
الفاشية والخطر على الوجود السوري
تسير الأمور بشكل سريع. والعملية العسكرية الروسية ساهمت بإحداث زخم سياسي كما ترون، ولكنها وحدها لا يمكن أن تحل الأزمة السورية، بل هي خلقت واقعاً جديداً. نحن في الجبهة (التغيير والتحرير) قلنا إن العمليات العسكرية، براً وجواً وحدها لا يمكن أن تحل الأزمة السورية، فالمطلوب أن يجري معها على التوازي عملية سياسية عميقة توحد السوريين في نضالهم وقتالهم ضد الخطر الأكبر، الخطر الداهم، خطر الفاشية الجديدة، خطر «داعش» وأخواتها، التي لا تضع في أهدافها وبرامجها أي هدف يخص سورية، لأن أهدافها عابرة للبلدان، وعابرة للقارات، وهي خطر كبير على الإنسانية جمعاء. ومن حيث جذورها ومآلها، لا تختلف هذه الفاشية الجديدة كثيراً عن الفاشية القديمة، فاشية الثلاثينيات التي عانت منها البشرية كثيراً(..) اليوم نتطلع إلى أن يستطيع العاقلون في الغرب وفي الشرق أن يتفقوا من أجل القضاء على هذا الخطر الداهم. إن المشكلة السورية اليوم خرجت من إطار المشكلة السياسية البحتة، وأصبحت قضية إنسانية عامة. اليوم، تعاني سورية جملة من المشاكل. المشكلة الأولى: المشكلة الانسانية الكبرى، التي اعترفت الأمم المتحدة بأنها أكبر مشكلة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية. فاليوم، ملايين السوريين مهجرون، ضمن بلادهم أو خارج بلادهم، ويعيشون في أوضاع مزرية. اليوم، خطر «داعش» وأخواتها كبير على المنطقة، وعلى سورية خصوصاً، إذ أنها تهددها من حيث المبدأ، وتهددها كوحدة جغرافية سياسية، فهي تهدد الوجود السوري كله. لذلك، يجب إيقاف هذا الخطر. وثانياً: مشكلة التغييرات السياسية الضرورية التي يجب أن تنطلق. فكيف ننظر نحن في الجبهة إلى قضية التغييرات السياسية المطلوبة؟
لا حائط صينياً
نحن لا نضع حائطاً صينياً بين القتال والنضال ضد «داعش» والإرهاب، وبين التغييرات السياسية المطلوبة. ونرى أنهما أمران مترابطان، ويتطلبان بعضهما البعض. اليوم، هزيمة «داعش» ودحرها بشكل نهائي تتطلب وحدة السوريين جميعاً أينما كانوا، معارضة أو موالاة. لذلك، يجب توجيه جميع البنادق بهذا الاتجاه. ولتحقيق ذلك، مطلوب توحيد جميع السوريين. والمطلوب من السوريين جميعاً أينما كانوا أن يجلسوا على طاولة الحوار، ليصلوا إلى اتفاقات حول شكل سورية القادمة، وأن يبدأوا بعملية التغيير الجدية، لأن هذه العملية هي ما يوحد السوريين فعلياً، وتؤمن الأرضية من أجل الانتصار النهائي والشامل على «داعش».
الحرب الشعبية العظمى
يلعب الطيران الروسي الحربي دوراً إيجابياً، ولكنه، وحده لا يمكن أن يحل مشكلة الإرهاب، هو يؤمن الأرضية لذلك. الجيش السوري يتقدم في الفترة الأخيرة، ويلعب دوراً إيجابياً في مواجهتهم، ولكن أقول إن تجربة السنوات الأربع الماضية، أثبتت أنه وحده رغم كل الجهود التي يقوم بها لا يستطيع أن يحل هذه المهمة جذرياً، وهي تحل بوحدة السوريين في حربهم الشعبية والوطنية العظمى ضد «داعش» وأخواتها. من هنا، فالحل السياسي للأزمة السورية مطلوب لأنه عامل هام ومؤثر في الحفاظ على سورية.
نحن ضد الرؤية التي تقول محاربة الإرهاب أولاً وثانياً وثالثاً، والتغيير السياسي فيما بعد. وضد الرؤية التي تقول إن التغيير السياسي أولاً وثانياً وثالثاً، ومحاربة الإرهاب فيما بعد.
لذلك، نرى أن الأمرين مترابطان. والعملية العسكرية الروسية بزخمها، أعطت العملية السياسية زخماً جديداً، نراه اليوم بأشكال مختلفة. وما حضورنا إلى موسكو، والحضور اللاحق لوفود متعددة إلى موسكو، إلا دليل على ذلك. وما فيينا1 و2 و3، إلا دليل على الزخم السياسي الذي تأخذه العملية السياسية هذه الأيام.
نأمل أن تسير بسرعة لأن التباطؤ في هذا المجال مأساوي. وكل يوم في سورية ثمنه دم. لذلك، يجب اختصار الوقت قدر الإمكان، من أجل تخفيف الخسائر البشرية والمادية التي تعاني منها سورية.