أبرز وقائع المؤتمر الصحفي لممثلي لجنة نداء موسكو
وضم الوفد والمؤتمر الصحفي كلاً من المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية حسن عبد العظيم، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وممثلها وأمين حزب الإرادة الشعبية د.قدري جميل، وخالد عيسى عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي، والمعارض المستقل نمرود سليمان من مجلس رجال الأعمال.
جميل: «موسكو 3» ضروري بمقدار تخديمه لـ«جنيف 3»
في مستهل المؤتمر وبعد ترحيب الجهة المضيفة بأعضاء المؤتمر الصحفي أعطي الكلام للدكتور قدري جميل الذي أوضح بعد رده للشكر وترحيبه بالصحفيين: «نحن وفد- توخياً للدقة- شكله أغلبية المشاركين من المعارضة في اجتماع «موسكو 2»، من الموقعين على النداء الموجه للسيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة. هؤلاء الموقعون شكلوا لجنة للمتابعة، هذه اللجنة مهمتها متابعة وقائع النداء. النداء يشمل على ثلاث نقاط أساسية. النقطة الأولى: هي الدعوة لتسريع «جنيف 3»، النقطة الثانية: «جنيف 3» على أساس «جنيف1»، النقطة الثالثة: إعادة النظر بتشكيل وفد المعارضة إلى جنيف الذي كان مشكلاً بشكل غير متوازن وغير عادل في «جنيف 2»، وكان أحد أسباب فشل «جنيف 2». هذه هي المطالب المتضمنة في الرسالة المرسلة إلى بان كي مون وشكلت لجنة متابعة».
وعن مباحثات اللجنة مع الوزير لافروف أوضح جميل: «ماذا جرى البارحة؟ أهم شيء لحظناه هو أن أحد أهم أهداف النداء هو إعادة النظر بتشكيل وفد المعارضة، وهذا قد أصبح أمراً واقعاً وأصبحت هذه القضية وراءنا. عملياً استطعنا أن نكسر احتكار الائتلاف لتمثيل المعارضة السورية، ولكننا لم نصل بعد إلى الصيغة النهائية حول شكل التمثيل. وهذه مسألة يجري البحث فيها. أي أن الأمم المتحدة عبر كل القوى التي شاركت وتشارك في التحضير لمؤتمر «جنيف 3» الآن في طور التحضير لتشكيل وفد المعارضة. الأسس والمبادئ قد وضعت».
وأضاف: «نحن نرى أن اقتراحات دي ميستورا التي أيدها مجلس الأمن في بيانه الرئاسي هي اقتراحات ممكن أن تساهم في تسريع حل الأزمة السورية، لذلك سنشارك، كل من موقعه، في عمل هذه اللجان، بقدر ما ندعى للمشاركة بها. وفيما يخص موسكو، البعض يدعو لعقد «موسكو3»، ولقد بحثنا هذا الموضوع البارحة مع الخارجية الروسية، وتوصلنا إلى فهم مشترك مفاده أن «موسكو3» ضرورية بقدر ما هو ضروري «جنيف3»، فإن كان الطريق مفتوح إلى «جنيف3» لم يعد هناك حاجة لـ«موسكو3»، لأن «موسكو1» و«موسكو2» يكونان قد أديا الوظيفة. أما إذا تعثر الطريق إلى «جنيف 3» فمن الممكن أن تنشأ الحاجة مرة أخرى لموسكو. أي أنه ليس هناك موقف مسبق ونهائي من اجتماع موسكو، وسنتصرف حسب الضرورات والأحوال على أرض الواقع، وحسب تطور الظروف نفسها».
عبد العظيم: نؤيد خطة دي ميستورا
بدوره، وفي توضيحه لطبيعة المداولات السياسية مع الوزير لافروف أكد الأستاذ حسن عبد العظيم على أن «الخارجية الروسية ترى أن الوضع في سورية لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه، لأنه وصل إلى درجة عالية من الخطورة، وترى أنه لابد من الحل السياسي الذي أشار إليه بيان «جنيف1» في «جنيف3»، والمعارضة مجمعة على ذلك، لأن الأزمة لم تعد سورية– سورية، وإن كان أطرافها سوريون، لكن دخلت فيها أطراف عربية وإقليمية ودولية، ولابد من مؤتمر دولي وهو «جنيف3»، وأيضاً ترى الخارجية الروسية أنه ينبغي توحيد رؤية المعارضة وجهودها لتتمكن من تشكيل الوفد المفاوض للوفد الحكومي في «جنيف3»، حتى ينجح اللقاء، وترى دعم خطة دي ميستورا فيما يتعلق باللجان الأربع، أو فيما يتعلق بالأفكار المقبلة حول اتفاق الإطار وهي ترى ضرورة تكامل الجهود الروسية والمصرية والإقليمية والدولية حتى ينجح الحل السياسي».
وأوضح: «في ذلك كله كنا متفقين مع الخارجية الروسية في جهودها المختلفة التي تبذلها، ومع استقبالها لوفود المعارضة، من الداخل والخارج، بما فيها وفد «الائتلاف الوطني السوري»، من أجل توحيد الرؤية، وتوحيد الجهود على الحل السياسي». وأضاف أن «ما حصل في مؤتمر القاهرة في 8–9 حزيران الماضي هو أن أكثر من نصف المعارضة حضرته، وأنتجت خارطة طريق للحل السياسي، وأنتجت ميثاقاً وطنياً سورياً لمستقبل سورية، ومبادئ دستورية لمستقبل سورية، أي أن هناك تكاملاً لجهود المعارضة».
وشكر عبد العظيم «الجهود الروسية التي تعمل ليل نهار لوقف نزيف الدماء في سورية ولوقف النزيف الداخلي والنزوح الخارجي»، وأضاف «نحن مع خطة دي ميستورا التي طرحها أمام مجلس الأمن والنداء الذي أطلقه مجلس الأمن بجدية واهتمام، بدون فيتو روسي أو أمريكي، بحيث نرى أن آفاق الحل السياسي والتسوية السياسية أصبحت تتكافل الجهود عليها وتتكاثف، وبخاصة أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا، أصبحت ترى خطر تنظيم داعش الذي يستقطب الشباب والشابات الأوربيين والأوروبيات، وبالتالي أصبحت هناك جدية أكثر مع الخارجية الروسية من أجل العمل على الحل السياسي، ونحن في المعارضة الوطنية الديمقراطية نرى في الجهود الروسية الكثير من الاهتمام، ونرى في الجهود المصرية والعربية والإقليمية الآن التي تتجه إلى تبنٍ للحل السياسي أهمية كبيرة، ونرى الاهتمام الدولي بأن الأزمة السورية، فيما إذا استمرت على ما هي عليه، ستقع سورية تحت سيطرة داعش وأخواتها من النصرة وغيرها من القوى الإرهابية، وبالتالي ستدخل المنطقة تحت سيطرة القوى العنفية والإرهابية، التي لا تمت لا للإسلام ولا للوطنية ولا الإنسانية بأي صلة».
سليمان: دلالات الحجيج الإقليمي والدولي إلى موسكو
وبعد انتقال الكلام له قال السيد نمرود سليمان: «بداية أعلن موافقتي على كل ما أعلنه السيد حسن ود.قدري، وأريد أن أقف عند بعض المدلولات التي لها معنى ومغزى كبير جداً. كما لاحظتم خلال الأسبوعين الماضيين كان هناك كم هائل من الحجيج الإقليمي والدولي إلى موسكو، ماذا يعني هذا سياسياً؟ هذا يعني أن السياسة التي مارستها الخارجية الروسية حول منطقتنا ومنطقة الشرق الأوسط، وبشكل خاص سورية، والذين كانوا يسيرون عكس هذه السياسة، الآن الواقع أجبرهم على الحل السلمي، وأن تجربة السنوات الأربع ونيف من الحرب المسلحة أثبتت فشلها. ومنذ البداية الروس كانوا يقولون نحن مع الحوار، والحوار سياسي، وهذا له معناً ومغزاً كبيراً جداً. ثانياً: في مؤتمر جنيف الذي عقد، بعض الدول ارتأت أن يكون الائتلاف محتكراً للورقة السورية، وكانوا يقولون الائتلاف فقط لأسباب سياسية معروفة، ونحن نعلم وأنتم تعلمون من يسيطر على سياسية الائتلاف».
وأضاف: «السياسة الروسية استطاعت أن تقنع الغرب، وخاصة أمريكا وفرنسا أن هناك معارضات أخرى لذلك الآن في مؤتمر جنيف القادم ستكون كل المعارضات السورية ممثلة، لأن الحياة، مثلما أثبتت سياسة الحزب الواحد أثبتت أيضاً فشل المعارضة الواحدة. حول ما جرى في الأمس بتصوري الروس أو الخارجية الروسية تسعى بشكل حثيث جداً إلى توحيد كل المعارضات، بغض النظر عن أحجامها أو أوزانها، ولكن لازالت هنالك بعض القوى الإقليمية التي لازالت تلعب دور المعرقل لهذه السياسة، لذلك مطلوب من المعارضة، ومطلوب من الجميع، لعب دور الضاغط حتى تلين مواقفهم. على سبيل المثال، الموقف السعودي لا زال متعنتاً بالرغم من أن الآخرين غيروا مواقفهم، مثل الفرنسيين الذين غيروا مواقفهم كثيراً. فالبيان الأخير الذي أصدرته الأمم المتحدة كان صياغة فرنسية، وهناك تحول سياسي ونوعي كبير جداً عندما قال أن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب وعندما اعترف بكل المعارضات هذا تطور، ونتمنى من كل من السعودية وقطر وتركيا أن تعمل الشيء ذاته، لأن سياسة الدول الثلاث ما زالت ذاتها ولم تقرأ المتغير الجديد، مثلما فهمته الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام».
وأوضح: «يبدو أن الأمريكيين اقتنعوا بأنه يجب على روسيا أن تقوم بالدور المفتاحي في حلحلة الوضع في سورية. بتصوري هذه المدلولات السياسية لها ما لها، ولها أبعاد سياسية كثيرة جداً».
وأضاف سليمان: «سأتوقف عند جزئية: أنتم تعلمون أن الآشوريين هم من أقدم شعوب المنطقة، وفي نيسان القادم سيحتفل الآشوريين بالذكرى 668 لعيد رأس السنة الآشورية، وكانوا مكوناً أساسياً، تعرضوا لاضطهادات كثيرة، لكنهم اليوم يتعرضون لعملية اقتلاع من الجذور، وخاصة في العراق وسورية. طرحنا هذا الموضوع في الأمس، وقال الوزير لافروف نحن أبوابنا مفتوحة لكي نستقبل الوفود الآشورية، وسنعمل على ضمان حقوقهم وحقوق الجميع من خلال الدستورين العراقي والسوري، ونحن مع الجميع بغض النظر عن العدد واللون».
عيسى: لا نوايا انفصالية لدى أكراد سورية
أما خالد عيسى، ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد أكد في مستهل حديثه على «أن لا صفة قومية أو دينية لحزب الاتحاد الديمقراطي. فبعض أجهزة الإعلام تخطئ في بعض الحالات، وتضيف كلمة كردي أو كردستاني. أما البرنامج الذي يتبناه حزبنا فهو الإدارة الذاتية الديمقراطية لشعوب المنطقة التي نعيش فيها بدون أية مرجعية قومية أو دينية، لأن مجتمعنا ذا تعدد قومي وديني».
وأوضح عيسى أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال سورية «أثبتت صحتها ليس من الناحية النظرية فقط، بل من الناحية العملية، فعندما رأينا أن النزاع في سورية يتجه نحو الطائفية والعنصرية بتدخلات إقليمية بدرجة أولى، وتوجه نحو التسلح، دافعنا نحن عن مناطقنا بهذا المشروع، لأن هذه الإدارة الذاتية الديمقراطية لم نستطع أن نقوم بها لوحدنا، بالرغم من أن التنظير لها كان من قبلنا، ولكن بمشاركة بقية المكونات الموجودة في المناطق ذات الغالبية الكردية. شركاؤنا الآشوريون، السريان، الكلدان، والعرب، من مختلف الطوائف الدينية».
وأضاف عيسى: «مجيئنا إلى موسكو طبعاً يأتي ضمن إدراكنا أن الملف السوري يجب أن يحل ليس على المستوى الوطني فقط، بل أصبحت القوى الإقليمية وخاصة الدولية لها الدور الفاعل، لذلك رأينا أن الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي تدير منطقة، تزيد أكثر من ضعفي مساحة دولة مثل لبنان، بنحو 30 ألف كيلو متر مربع، يديرها العرب والأكراد والآشوريون والسريان والكلدان والشركس والتركمان معاً بمشاركة متعادلة، ومع المساواة التامة بين حقوق الرجل والمرأة، ونحاول قدر الإمكان أن نراعي حقوق الإنسان في المناطق، ولكن في ظروف الحرب الأمور لا تسير بشكل سهل، وخاصة أننا محاصرون من قوى لا تريد لسورية السلام، ولا الديمقراطية، وخاصة الجارة التركية التي نتشارك معها بحدود 850 كيلو متر، لا تستطيع أن تتحمل أن يعيش الأرمن الذين نجوا من المجازر أن يعيشوا مع إخوتهم من السريان والكلدان والآشوريين الذين نجوا أيضاً من هذه المجازر، أن يعيشوا بسلام مع الأكراد. نحن نقول للمجتمع الدولي نحن نريد علاقات حسن الجوار مع كل دول الجوار، ونحترم الاتفاقات الدولية للحدود، ولا نطالب بالانفصال، كما تقول بعض القوى المعادية للشعب السوري، وليس للشعب الكردي فقط، ضمن إطار وحدة البلاد، ونحن جزء من هيئة التنسيق الديمقراطي».
وأكد عيسى أن «روسيا دولة لها تاريخ عريق مع الشعب السوري بمختلف مكوناته (..) وهي دولة عضو دائم في مجلس الأمن، ولها دور كبير، ونحن نراهن على مجلس الأمن لكي يجد توافقات دولية تنعكس على الدول الإقليمية والضغط عليها لإيقاف عرقلة عملية السلام لإنقاذ ما تبقى من سورية. ونحن في حزب الاتحاد الديمقراطي، وفي الإدارة الذاتية الديمقراطية وشركاؤنا على المستوى الوطني في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، نحن جاهزون للعمل مع المجتمع الدولي بما فيه خير كل السوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية ونأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الإقليمية والدولية على أن يأخذوا بعين الاعتبار مصالح السوريين ونحن السوريون بمختلف مكوناتنا ندافع عن بلدنا ومصالحنا ونرجو منهم أن يتفهموا مصالحنا».
أسئلة وأجوبة
وفي رده على أحد الأسئلة فيما يتعلق بالعودة إلى موسكو3 إذا تعثر الطريق نحو جنيف3، أوضح جميل: «موسكو في الأساس كانت لقاءً تشاورياً من أجل التحضير لجنيف، أي لتسهيل الوصول إليه، وكما لاحظتم في الواقع لن أقول أنه كان التحضير لجنيف سهلاً، بل كانت هناك صعوبات كبرى. ولكن الآن كلنا، وكل العالم يتحدث عن «جنيف 3»: بيان رئاسي من مجلس الأمن، مجموعة دولية ستجتمع في أكتوبر، المجموعات التي أقرها البيان الرئاسي على أساس تقرير دي ميستورا يجب أن تنهي عملها في منتصف تشرين الثاني، حسب البيان الرئاسي. أي أن «جنيف3» أصبح على الأبواب، وهو في طور التحضير الجدي. ما المطلوب حتى ينتهى العمل بالتحضير لـ«جنيف3»؟ المطلوب قضيتان، أولاً: تشكيل وفد المعارضة، وثانياً: تحضير جدول الأعمال. فيما يخص جدول الأعمال أعتقد أن المجموعات الأربع في بحثها في القضايا الإنسانية والعسكرية والأمنية وقضية إعادة البناء وقضايا الأسرى والمخطوفين والمعتقلين تضع الأرضية المناسبة، وعلى الأقل، إن لم يتفق السوريون فيما بينهم، فإنهم سيحددون نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف مما سيسهل البحث في «جنيف3» بحد ذاته».
على واشنطن والرياض تحمل مسؤولياتهما
وأضاف جميل: «في الدوحة، وليس سراً ما سأقول، وهو ما قاله لنا السيد لافروف البارحة، أن السعودية والأمريكيين والروس اتفقوا من حيث التحضير على من سيشارك، واتفقوا كخطوة أولى على أن يتم تقديم قوائم واقتراحات للبحث اللاحق ليتم اختيار المشاركين في «جنيف 3». الجانب الروسي قدم اقتراحاته خلال 48 ساعة من اجتماع الدوحة واقتراحاته، وحسبما فهمنا هي قائمة المدعوين للمشاركة بـ«موسكو2»، وهي عبارة عن 38 اسماً. اليوم مضى شهر على اجتماع الدوحة، لا السعودية ولا الأمريكيين قدموا اقتراحاتهم. لذلك المطلوب منهم أن يتحملوا المسؤولية ويساهموا بحل الأزمة السورية وأن ينفذوا بسرعة المطلوب منهم، لأن عرقلة هذه المسألة هي ببساطة عرقلة لـ«جنيف 3». لذلك ننادي المجتمع الدولي للضغط على الأطراف اللاعبة التي تتثاقل في التحضير لجنيف. ندعو المجتمع الدولي والقوى الخيرة في العالم كي تضغط بهذا الاتجاه، على الأقل أن يقدموا اقتراحاتهم كمسودات ليكون هناك مادة للبحث كما فعل الروس. هذا طريق غير معبد وجديد نحو «جنيف3» ويمكن أن تنشأ صعوبات وعقبات».
وأوضح: «موسكو كمنصة مؤهلة لتذليل العقبات، لأن موسكو لها علاقة مع جميع قوى المعارضة خلافاً لكل اللاعبين الدوليين والإقليميين، فالأمريكيون عملياً لديهم علاقة مع طرف من أطراف المعارضة جيدة جداً وعلاقات بين الحين والآخر مع أطراف أخرى، ومع أطراف أخرى لا علاقة لها معها نهائياً، بينما الروس أثبتوا من خلال القائمة التي قدموها للبحث والتي فيها كل المدعوين لـ«موسكو2» أنهم موضوعيين لأن في هذه القائمة موجود الائتلاف وهيئة التنسيق وجبهة التغيير والتحرير ومستقلين وكل القوى الأساسية في المعارضة السورية، لذلك لا يمكن لأحد أن يدعي أن الروس منحازون لطرف ضد طرف من أطراف المعارضة. علاقتهم جيدة مع الكل، وعلاقتهم جيدة مع النظام، وبالتالي هم قادرون على أن يلعبوا دوراً».
البعض يريد أن يهرب من «جنيف1»
وأعرب جميل عن أمله في «أن تسير الأمور بشكل جيد وألا نضطر للقدوم إلى «موسكو3» الذي يعني تأخير «جنيف3»، مشدداً: «نحن لن نقبل بأي شكل من الأشكال الهروب من بيان «جنيف1» مهما كان السبب. البعض يريد أن يهرب من «جنيف1» ويخترع العديد من الأسباب، وهناك البعض أصبح يحب «موسكو3» كثيراً، في حين إذا نظرنا إلى سلوكهم السابق لم يكونوا متشجعين حيال «موسكو1» و«موسكو2». ولكن بربط الأحداث ببعضها نرى أنه مع اقتراب «جنيف3» اندفع البعض باتجاه «موسكو3». ونحن لسنا ضد «موسكو3» ولكن نبحث في دوره الوظيفي، فإن كان دوره تسريع «جنيف3» فأهلاً وسهلاً، أما إن كان سيعرقل «جنيف3» فلا، وهذا موقفنا في هذا الموضوع.
روسيا لم تقل أنها متمسكة بالرئيس أو بالنظام
وفي تعقيبه على الموضوع ذاته وإجابته كذلك عن سؤال آخر قال عبد العظيم: «روسيا لم تغير موقفها من الحل السياسي من بداية الأزمة حتى اليوم، ولم تقل أنها متمسكة بالرئيس أو بالنظام، بل تريد أن تكون عملية التفاوض بدون شروط مسبقة، لأن لا المعارضة استطاعت أن تسقط النظام أو تزيل الرئيس، ولا النظام استطاع أن يزيل الاحتجاجات الثورية والمعارضة وينهيها. وبالتالي وصل الحل العسكري للنظام والحل المسلح للمعارضة (إلى طريق مسدود). النظام استعان بقوى من لبنان والعراق وإيران، والمعارضة المسلحة دعمت من الدول التي ترعاها بالمتطرفين من كل دول العالم، ولم يؤد ذلك إلى حسم الصراع، وإن حصل الآن فسيكون لمصلحة سيطرة القوى الإرهابية المتطرفة، وليس لسيطرة الائتلاف أو هيئة التنسيق أو المعارضة الوطنية الديمقراطية»(..) موضحاً أنه الآن «بالتالي هناك جهود واسعة سواء من المبعوث الأمريكي السابق (وغيره الذين) يذهبون إلى موسكو، ويقبلون بالجهود الروسية وبـ«جنيف1» و«جنيف3»، ولكن هناك محاولة للتهرب من بيان «جنيف1» لأنه الوثيقة الوحيدة التي تتمسك بها قوى المعارضة والثورة لأنها هي التي تؤدي إلى رحيل النظام القديم، ومجيء نظام تعددي تداولي»، مشدداً على ضرورة أن تكون «القوى الفاعلة على الأرض، التي لا تريد تدمير مؤسسات الدولة (السورية) وتريد الحل السياسي، طرفاً أساسياً في الحل السياسي وفي «جنيف 3»».
ورأى عبد العظيم أنه «استكمالاً لجواب الأخ قدري على موضوع «موسكو3»، فنحن إن تعثر عقد «جنيف3» وكان «موسكو3» لتسهيل الوصول إلى «جنيف3» فلنا مطالب تتلخص بالتالي: أن يكون التمثيل الحكومي على مستوى وزير خارجية فما فوق، ولا نقبل بأقل من ذلك. النقطة الثانية: أن يقتصر «موسكو3» على إجراءات بناء الثقة والقضايا الإنسانية، تمهيداً للبنود الثلاثة الأخرى في تشكيل الحكومة الانتقالية في «جنيف3». النقطة الأخرى: أن تكون هناك مبادرة من السلطة في سورية بإطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين، وخاصة النساء والأطفال، وعلى رأس المعتقلين قياديي هيئة التنسيق الوطنية».
معايير نجاح فرق دي ميستورا
ورداً على سؤال موجه له عمّا هو الشرط الأساسي لنجاح فرق عمل دي ميستورا في سورية من أجل التسوية، قال جميل: «مقياس فرق العمل، أولاً: أن تشكل، وثانياً: أن تجلس للنقاش، وبغض النظر عن النتائج التي ستبلغها فإنها حتماً ستصل إلى تحديد نقاط اتفاق ونقاط اختلاف. ليس المطلوب من فرق العمل اتخاذ قرارات، بل المطلوب منها تأمين الأرضية الضرورية للنقاش اللاحق في «جنيف3»، وهي عملياً ستساعد في اختصار المراحل في «جنيف3» وهي ورشات عمل تؤمن المادة الخام لأخذ القرارات النهائية في «جنيف3» ولذلك أقول أن قرار ورشات العمل الذي اتخذه دي ميستورا لا مجال لفشله نهائياً، لأنه إن اتفقوا أو لم يتفقوا هو إنجاز بحد ذاته».
لا شروط مسبقة في جنيف1
وفي رده على سؤال عن إطلاع المسؤولين الروس لوفد نداء موسكو على وجود مبادرة إماراتية ترتكز على بقاء الرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية، قال جميل: «لم يتم الحديث حول موضوع كهذا، لكن نحن لا نستغرب أية مبادرة اليوم، لأن سوق المبادرات مفتوح الآن نتيجة النشاط السياسي العالي الدولي والإقليمي حول المسألة السورية، وانتقال مركز الثقل إلى الحل السياسي. وبالتالي من الطبيعي أن يحاول أي طرف من الأطراف أن يدلي بدلوه ويصوغ آراءه بمبادرة ما. ولكن أية مبادرة لكي تنجح يجب أن لا يكون فيها شروط مسبقة. ونحن هنا من على هذا المنبر، منذ ثلاث سنوات، نكرر أن الشروط المسبقة ستضرب إمكانية أي حوار. على السوريين أن يتفاوضوا، وأن يتناقشوا، وأن يصلوا فيما بين بعضهم البعض إلى حلول على أساس الأرضية الموفرة في «جنيف1» الذي تحدث عن هيئة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، ولم يتحدث عن رحيل الرئيس، ولم يتحدث عن بقائه، أيضاً.(..) يجب أن نتعامل مع أية مبادرة من أي طرف كان بروح إيجابية، ونناقش الجوانب التي تستحق الأخذ والرد فيها. وأعتقد أن الظاهرة بشكل عام إيجابية، فالجميع يسعى لطرح حل سياسي، بينما قبل عام كان هناك كثر يسعون إلى تقديم الدعم بالسلاح والمال والرجال».
أخير الحل السياسي جريمة إبادة جماعية
ورداً على مداخلة طلبت من المعارضة السورية التوافق فيما بينها وليس الرغبة في القيادة بما يسهل المخططات الأمريكية والأطلسية لنشر الإرهاب، أجاب جميل: «الوضع في سورية اليوم لا يسمح بأية طموحات حزبية ضيقة أو أية طموحات شخصية. اليوم لدينا كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، وصفتها الأمم المتحدة بالأكبر بعد الحرب العالمية الثانية. عدد القتلى بمئات الآلاف، وعدد المهجرين بالملايين، مستوى المعيشة متدن جداً، ونسبة عالية من السوريين تعيش تحت حد الفقر. لذلك فإن المهام التي تضعها أمامنا الكارثة الإنسانية هي مهام ما فوق سياسية، هي مهام إنسانية عامة. والذي يريد أن يؤخر الحل في سورية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، هو مجرم بحق الشعب السوري، ومجرم بحق الإنسانية، ويجب اتهامه بممارسة الإبادة الجماعية، حتى وإن كان لا يستخدم السلاح(..) الإبادة الجماعية ليس المهم أن تتم بسلاح قاس، أو بسلاح رحيم. الجوع إبادة جماعية، العيش في العراء وفي البرد إبادة جماعية، تخفيض مستوى المعيشة، وعدم السماح للسوريين بتأمين قوت يومهم هو إبادة جماعية. لذلك كل من يساهم بتأخير الحل السياسي يساهم في الإبادة الجماعية، وأعتقد أن كل من يريد أن يضع شروطاً للحل يستفيدون منها ويؤمنون مكاسب ومواقع هم يشاركون في هذه الجريمة. هذه هي المهمة التي لا يعلو عليها اليوم».
الغرب.. هتلر.. داعش
وأضاف: «ثانياً: الإرهاب القادم من الخارج هو شكل من أشكال الفاشية الجديدة، وإذا درسنا تاريخ الفاشية القديمة في الثلاثينات نرى لوحة طريفة لسلوك الغرب مع الفاشية القديمة (هتلر). المرحلة الأولى: دعم سري من 1929– 1932، المرحلة الثانية: سكوت مشبوه مريب من 1932– 1936، المرحلة الثالثة: من 1936– 1939 كلام ضد الفاشية، كلام فقط لا غير، المرحلة الرابعة: 1939، انتهت بإنزال النورماندي، حرب ضد الفاشية التي ساهم الغرب في صنعها. لذلك الغرب له تاريخ عريق في التعامل مع ظواهر من هذا النوع. الغرب صنع الفاشية القديمة، وحاربها، لأنه كان لها دور وظيفي مطلوب منها، وهو محاربة الاتحاد السوفيتي، وبعدما أثخنت بالجراح ساهم في ذبحها. اليوم انظروا إلى تاريخ تطور «داعش»: دعم سري أول الأمر، ثم سكوت مريب، وثم كلام ضده الآن يجري، وأنا متأكد أن الغرب سيساهم في القضاء على داعش التي رباها وصنعها. لذلك لا تستغربوا، فلها دور وظيفي، حيث قامت بصنع الفوضى في المنطقة، وإن زادت أصبحت تشكل خطراً على الغرب، وقد أصبحت تشكل هذا الخطر الآن. لذلك مطلوب إيقاف الخطر الذي صنعوه هم».
وأضاف جميل: «أنا مصر على تعريف ديميتروف للفاشية، وداعش فاشية ليس لأنها تذبح وتأكل القلوب فقط، وإنما لأنها تمثل مصالح اجتماعية. ديميتروف في تعريفه قال: هي أشد أشكال الحكم رجعية لرأس المال المالي في ظل أزمته. اليوم داعش هي شكل من أشكال التحالف مع رأس المال المالي العالمي الذي أصبح له طابع إجرامي. اليوم تقول المعاهد العالمية أن 30% من دورة رأس المال العالمي هي دورة إجرامية لها علاقة بالسلاح والدعارة والمخدرات. لذلك فإن داعش، وقبلها «القاعدة» والأفيون والمخدرات، كلها سلسلة واحدة. واليوم سينتهي الدور الوظيفي لداعش وستستطيع الشعوب الخروج من الأزمة التي سببها لها الغرب الإمبريالي وحكوماته منتصراً كما خرج الشعب السوفيتي منتصراً، ونبني حياة جديدة لنتجاوز كل المحن التي خضناها. وبالتالي داعش يمكن هزيمتها، وهي ليست خطراً لا راد له، واليوم الغرب مضطر أن يمضي بهذا الاتجاه».
معركة مزدوجة
وفي معرض تعقيبه على السؤال ذاته، قال عبد العظيم: «أمريكا تدرك الآن أنها فشلت في محاربة الإرهاب والتطرف لأنهم شجعوا على دخول الجماعات المتطرفة بحجة القضاء على نظم استبدادية. ولكن الشعب أصبح بين حجري رحى، بين نظم الاستبداد من جهة، والإرهاب من جهة أخرى. لذلك الحل السياسي والنجاح في مواجهة إرهاب داعش وغيرها ينبغي أن يبنى على حل سياسي (يناهض) الاستبداد(..) نحن نخوض معركة مزدوجة، ولا نقبل إلا بالتغيير الديمقراطي الجذري والشامل للسلطة في سورية، وأيضاً مواجهة الإرهاب التي لا تتم بغارات جوية ولا بملاحقة أرضية، وإنما بقضايا ثقافية وعدالة اجتماعية وغيرها وإقامة مجتمع جديد يكون فيه المجتمع السوري وباقي شعوب المنطقة هم أصحاب الكلمة، وهو صاحب القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وليس للنظم الاستبدادية».
المعارضات أنواع
بدوره قال نمرود سليمان: «هناك تجربة أثبتها التاريخ. أية دولة في العالم تدخل بالتجربة السورية نفسها سيظهر فيها نوعان من المعارضات أو نوعان من الأحزاب. هناك معارضات تخرج من التراب الوطني، من رحم الدولة ومن رحم الأمة، وهناك معارضات تزرع في رحم الدولة لتحقيق مصالح الغير، إن عدم التوافق بين المعارضات لأن هناك معارضات لدول في سورية، وهناك معارضات في سورية، علينا أن نميز بين المعارضة المزروعة والمعارضة الحقيقية».
القضية ليست في مستوى تمثيل النظام ولكن..
وفي تعقيبه على سؤال موجه عن اشتراط الهيئة رفع مستوى التمثيل الحكومي في حال تمت الدعوة إلى موسكو3، أوضح جميل: «نحن (في جبهة التغيير والتحرير) لا شروط لدينا. من يأتي من النظام يأتي فهذا حق سيادي للنظام، مثلما نحن لا نسمح للنظام بالتدخل في تمثيلنا، وهو قد حاول(..) القضية ليست هنا. القضية هي الإرادة السياسية باتجاه تحقيق نتائج في هذا المحفل أو ذاك(..) وباتجاه تحقيق اختراق في مجال الحل السياسي. وقتها من سيأتي لن تصبح قضية».
أطراف المشكلة.. أطراف الحل
وفي تعقيبه على سؤال يشكك بالنوايا والممارسات التركية تجاه سورية والشعب السوري أوضح عبد العظيم: «نحن نصر على أن يحضر جميع أطراف الأزمة، العرب والإقليميون، إلى «جنيف3» لأنهم كانوا أطرافاً في المشكلة، ويجب أن يكونوا أطرافاً في الحل، أن تحضر تركيا وإيران والسعودية وقطر وأن تحضر المجموعة الدولية والدول الكبرى الخمس والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والجامعة العربية وبالتالي الدول العربية من مصر وغيرها، لأننا شئنا أم أبينا، شاء النظام أم أبى، أصبحت الأزمة عربية إقليمية دولية، وبالتالي لابد من حلها بجمع الأطراف على الحل السياسي».
وقبل نهاية المؤتمر الصحفي عقب خالد عيسى: «وبالتأكيد هذا موقفنا.. ونطالب الجارة التركية بأن تحترم اتفاقات الحدود وتقيم معنا علاقات حسن الجوار والاعتراف بالمصالح المشتركة».