بوظو لـ«سبوتنيك»: الإدارة الأمريكية لم تكن يوماً صديقة للشعب السوري
أجرت إذاعة صوت روسيا/ سبوتنيك بالعربية، مساء الأربعاء 3/6/2015، اتصالاً هاتفياً مع الرفيق عبادة بوظو، أمين حزب الإرادة الشعبية، ومسؤول العلاقات الخارجية والإعلامية فيه، وعضو جبهة التغيير والتحرير، لاستطلاع رأيه حول ما وصفته بالتناقض في الموقف الأمريكي من سورية، وأزمتها، ومحاربة الإرهاب فيها، حيث كان هذا الحوار، كما جرى:
كيف ترى التناقض الأمريكي في الموقف والتصريحات من محاربة داعش، فهي تعلن محاربة التنظيم، وفي الوقت نفسه لا تعطي الشعب السوري والجيش السوري الحق في محاربته؟
أعتقد أن هذا يندرج في إطار النفاق الأميركي المعهود، لأن الولايات المتحدة، بمعنى الإدارة الأمريكية، لم تكن يوماً صديقة للشعب السوري، وهي كانت ولا تزال طرفا في تأجيج الأزمة السورية. أما التحالف الذي أنشأته خارج الشرعية الدولية، تحت ذريعة محاربة داعش، فهناك إقرار أمريكي، وغربي نفسه من الحلفاء ذاتهم، بأنه لا يقوم بدوره في إعاقة تمدد داعش. وبالأساس، هناك شكوك حول هذا التحالف من أنه قد يخرج عن إطار استهدافه لداعش لاستهداف بنى الدولة والجيش السوريين، ولذلك كانت هناك دعوات لضرورة توسيع إطار هذا التحالف بالاتجاه الذي يؤدي حقاً إلى استهداف داعش.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية غير معنية، لا بإيجاد حل للأزمة السورية- هذا أساساً ومن حيث المبدأ- ولا هي معنية بمحاربة داعش، لأن داعش أساساً هو صنيعة أمريكية، بمعنى أن تنظيم داعش هو أحد أدوات الفاشية الجديدة، الممتدة الآن من أفغانستان إلى وسط أفريقيا، والتي رأينا شكلها السابق في الذراع الأيمن في أوكرانيا مثلاً في محاولة لإعاقة التراجع الأمريكي على المستوى الكوني. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة كساحة حرب واحدة، ولذلك هي تنشط هذا الذراع الفاشي الجديد.
بناء على بعض مما ورد في طرحك، هل ترى تشابهاً بين ما يجري في أوكرانيا وما يجري في سورية؟
هناك تشابه، وهناك اختلاف، بطبيعة الحال. الأزمات المفتعلة في المنطقة، وفي بقية دول العالم، لها عواملها الذاتية ولها عواملها الموضوعية. في الشق الموضوعي هي عوامل تأجيج وافتعال، ولها عواملها الذاتية بطبيعة الحال. التشابه بين أوكرانيا وسورية هو أن الأطراف الخارجية تعمل على تأجيج الأزمات القائمة هناك بعد انفجارها، أو تمهد لانفجارها بطريقة أو بأخرى، بحيث أنها تحاول أن تعيق تراجعها في إطار ميزان القوى الدولي الجديد المتشكل. فهناك ميزان قوى دولي جديد يتشكل لم تعد فيه الولايات المتحدة الأمريكية هي الآمر الناهي، كما كان الحال في السابق. والآن هناك علاقات مالية ونقدية جديدة.. هناك دول واقتصادات صاعدة بالمعنى السياسي والاقتصادي والعسكري، في مقدمتها بريكس. وهذا التحول في ميزان القوى الدولي يمتد من دول الشرق العظيم- بالمعنى الجغرافي أقصد وليس بالمعنى السياسي بعد- وهذا يمتد وصولاً إلى أمريكا اللاتينية. ومثلاً، في احتفال الذكري التسعين لعيد النصر في موسكو رأينا إشارات لنشوء تحالف عسكري دولي جديد، ولأول مرة نشهد مشاركات عسكرية من الصين ومن الهند. هذه إشارة دولية حول تغير طبيعة العلاقات الدولية.. بنك التنمية في البنى التحتية الذي أنشأته مجموعة بريكس هو إشارة إلى تحول آخر. إذاً، المشهد الدولي كله يتغير، وضمن هذا الإطار تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاولة تنظيم تراجعها، وبهذا المعنى فقد خسرت واشنطن في أوكرانيا بكل المقاييس، لأنها لم تستفد بالمعنى العسكري، أي لم تنتصر عسكرياً، عبر أذرعها المختلفة، سياسياً وفاشياً، بمعنى القوى المتطرفة، ولم تستفد بمعنى العقوبات التي فرضتها على روسيا، بل على العكس استطاعت روسيا أن تستوعب هذه العقوبات وتمتصها. صحيح كان لها آثار جزئية، هنا وهناك، ولكنها لم تؤثر عليها بالمعنى الكلي، كما كان مأمولاً. ونرى في المقابل الانزياحات الجارية في مشهد الاتحاد الأوربي ذاته باتجاه أوراسيا، وزيادة الحديث عن أوراسيا، والميل الموضوعي لألمانيا باتجاه أوراسيا، مقابل احتمال الخروج اليوناني من يمين الاتحاد الأوربي، والبريطاني من يسار هذا الاتحاد. بمعنى هناك جملة من العلاقات الدولية المختلفة، التي تأخذ فيها الولايات المتحدة الأمريكية حجمها الطبيعي بناءً على تراجعها. هي تحاول أن تعيق ذلك، وأن تنظمه.
وبرأيك، كيف سينتهي هذا الوضع مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية، في ضوء ما تم الحديث عنه، مضطرة في ظل هذا التوازن الدولي الجديد إلى الذهاب إلى حلول سياسية، لأن ما قد تحصل عليه اليوم، قد لا تحصل عليه غداً.