جميل: توازن القوى العالمي سيجبر الجميع على تقديم التنازلات
قال أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير المعارضة، قدري جميل، السبت 7\2\2015، إن ما جرى في اجتماع الحوار الذي شهدته العاصمة الروسية موسكو، أواخر الشهر الماضي، فاق التوقعات من حيث ما نتج عنه وما استطاع تحقيقه.
وأضاف جميل، خلال لقاء مغلق مع عدد من كوادر الحزب في مدينة القامشلي، أن لقاءً ثانياً سيعقده المتحاورون في المكان نفسه بعد نحو شهر من الآن، لكنه سيتضمن جدول أعمال وتوصيات، بعكس ما جرى في المؤتمر الأول الذي كان تعارفياً إلى حد كبير.
وأوضح جميل، الذي كان يتحدث من موسكو عبر دائرة فيديو مغلقة، أن الوسيط الروسي شكل لجنة لمتابعة كل القضايا السياسية والميدانية والإنسانية، وأن الطرفين السوريين المتصارعين، النظام والمعارضة، سيتقدمان إلى اللجنة بكل ما يريدانه.
وقال إن اجتماع موسكو الأخير، سيجعل من الدور الروسي في الأزمة السورية أكبر مما هو عليه الآن، لاسيما وأن الروس يتمتعون بثقة طرفي النزاع السوري، بما فيهم قسم من المسلحين.
وأضاف أن الاجتماع المقبل في موسكو، سيبحث نقاطاً محددة، وبالتالي سينتج عنه توصيات، كما سيحضره للمرة الأولى المبعوث الدولي إلى سورية ستافان ديمستورا.
وتابع «تميز مؤتمر الحوار في موسكو، بكونه لقاءً حراً غير رسمي ولا ملزم، لكنه يأتي بعد فشل مؤتمر جنيف وانقطاع الحوار بين النظام والمعارضة، كما استطاع جمع أطياف المعارضة السورية باستثناء الائتلاف الوطني، وهي أول مرة تجلس فيها المعارضة مع بعضها البعض».
حوار موسكو: اقتناع الأطراف بالحل السياسي
وذكر جميل أن جلوس المعارضة والنظام للحوار في موسكو، يعني اقتناعهما بفكرة الحل السياسي، بعد أربع سنوات من بدء الأزمة السورية، كان الطرفان فيها ينتظران الحسم أو الإسقاط، خلال أسبوعين، لم يمرا بعد كل هذه المدة الطويلة.
وأشار جميل إلى أن دعوة حزب الإرادة الشعبية إلى الحل السياسي منذ بدء الأزمة السورية، لم تستند إلى التنجيم، بل بنيت على فكر استشرافي لينيني، رأى أن الانتصار العسكري مستحيل لأي من الطرفين، بالنظر إلى اللوحة الدولية كاملة، والتي اتضحت من خلال الفيتو الروسي الصيني الأول الذي صنعه التوازن العالمي الجديد.
وبين جميل أن مشكلة النظام السوري كانت من خلال توقف ذهنه وتفكيره على أحداث الثمانينات، معتقداً أنهم مجموعة من الخارجين عن القانون ولابد من تأديبهم، دون أن يلاحظ النشاط السياسي العالي للشارع السوري والتدخل العالمي فيه.
السلاح وعواقبه الكارثية
وقال جميل إن حزب الإرادة الشعبية أجاب عن السؤال المتكرر عن ماهية الحل السوري بالدعوة إلى الحوار بوجود ألفي قتيل سوري أفضل من الجلوس لاحقاً بوجود مليون قتيل سوري مستشهداً بلبنان والجزائر.
ونبه جميل من خطورة الإصرار على حل الأزمة السورية بالسلاح، قائلاً «حل الأزمة بالسلاح إن حدث رغم استحالته، فهو مشكلة كارثية لسورية، لأن ذلك يعني وجود غالب ومغلوب سوريين، وهو ما ينسف السلم الأهلي إلى الأبد» مشيراً إلى التجربة الإسبانية.
وتابع قائلاً :«للأسف الشعوب لا تتعلم إلا من تجاربها العملية والمتراكمة تاريخياً والتي تقوم بتشكيل مستوى جديداً من الوعي الاجتماعي».
وأشار خلال حديثه إلى أن الوسيط الروسي يتميز بعلاقاته مع أغلب الأطراف السورية بعكس الولايات المتحدة التي لا تملك التواصل إلا مع الائتلاف.
وقال: إن الأمريكيين دعوا روسيا للضغط على النظام في مؤتمر جنيف2 وهو ما لم تفعله روسيا لأنه لا يمكن أن يكون شريك بشار الأسد هو أحمد الجربا، مبيناً أنه كان على الأمريكيين دعوة كل أطياف المعارضة للحوار في جنيف2 وليس الائتلاف فقط.
وأضاف، أن الأمريكيين خسروا هيبتهم بسبب هذه العقلية التي اتخذت سياسة غير واقعية ولا تراعي التوازن العالمي الجديد.
وأكد جميل أن النظام والمعارضة حضرا إلى موسكو تحت الإلحاح الروسي، ولو ترك الأمر لهما لما حضرا.
الثلاثية في المهمة رقم1
وبين أن تقسيم سورية لن يحل الأزمة، بل سيزيدها اشتعالاً، من خلال تحويل سورية لخنادق اشتباك مستمر سيهدد حياة السوريين واستقرارهم ويحولهم إلى لاجئين في دول الجوار، ويقضي على سورية كدولة بالمعنى الجغرافي– السياسي.
وقال إن المهمة الأولى للحوار حالياً، هي إنهاء الكارثة الإنسانية بسبب تأثيرها الشامل، ومن ثم تشكيل جبهة عريضة من خلال التغيير الديمقراطي الشامل عبر الحل السياسي، لتتمكن هذه الجبهة من مساندة الجيش العربي السوري الذي لن يستطيع وحده مواجهة الإرهاب.
وأوضح أن ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يدرك هذه الحقيقة جيداً، لذلك يعمل على ترويع المدنيين وترهيبهم لمنعهم من تشكيل أي جبهة شعبية ضده ستحقق انتصاراً بالتأكيد.
واستشهد جميل بما حصل في عين العرب (كوباني) داعياً إلى تعميم التجربة على كل سورية.
وقال جميل إن روسيا دعت بشكل رسمي للحوار، لكنها جمعت الطرفين السوريين تحت مظلة معهد الاستشراق الروسي لترسيخ قاعدة حوار سوري- سوري بدون تدخل وسيط بينهم.
وأشار إلى أن الحل السياسي، رغم صعوبته، لا بديل عنه لإنهاء الأزمة السورية، التي يريد كل السوريين حلها، ويدعمهم التوازن الدولي الجديد، لكن استمرار الأزمة سيحول البلاد إلى دويلات.
وذكر أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال في موسكو إن على الجميع تقديم تنازلات، وهو يشير إلى النظام كذلك.
الكارثة السورية والوعي الاجتماعي
وقال إن الكوارث الطبيعية كالزلازل لا يمكن أن تفعل بسورية مثلما فعلت الأزمة، مشيراً إلى أن الكارثة المصنفة دولياً في المركز الثاني بعد الحرب العالمية الثانية، تسببت في عدد مرعب من القتلى والمصابين والمعاقين والأرامل واللاجئين والنازحين، والخراب والتدمير وتوقف التعليم.
وأضاف أن استمرار الأزمة السورية سيتسبب في تغيير الوعي الاجتماعي السوري سلبياً.
وقال إن الروس مهتمون في إنهاء الأزمة السورية، ليس طمعاً في ثرواتها الاقتصادية التي لا تزيد عن حاجة السوريين بكثير، ولكن بسبب أن الجغرافية السياسية ترى في سورية مفتاحاً للشرق الأوسط.
وقال إن مشروع التقسيم الأمريكي يشمل حتى روسيا، لذلك هي مضطرة للتركيز على سورية والدفاع عنها من أن تسقط في يد الأمريكيين بعد الفشل الروسي في ليبيا والعراق، ونجاح أمريكا في إسقاط النظام السياسي وبالتالي سقوط الدولة والمجتمع.
وقال إن التغيير في سورية عملية مجهرية دقيقة ومعقدة، لابد في أولها من فصل النظام السياسي عن الدولة.
واختتم كلامه بمقولة "تفاءلوا بالخير تجدوه" مشيراً إلى تنامي دور مصري مساند للجهود الروسية، وهو دور يضاهي السعودية وقطر وتركيا مجتمعين، داعياً إلى توقع المفاجآت في الدور المصري.