أولاً مكافحة الإرهاب.. وأولاً التغيير الوطني الديمقراطي!
أجرى الرفيقان د. قدري جميل و م. علاء عرفات جملة من اللقاءات الإعلامية على هامش اجتماع موسكو التشاوري (من 26-29/كانون الثاني)، وضّحوا خلالها تقييمهم لما جرى في موسكو خلال مرحلتي النقاش، بين المعارضة نفسها في اليومين الأولين، وبينها وبين الوفد الحكومي في اليومين التاليين، كما عبروا عن رؤية حزب الإرادة الشعبية والحلفاء في جبهة التغيير والتحرير لموقع هذا اللقاء التشاوري ضمن عملية الحل السياسي ومكافحة الإرهاب المنشودتين في سورية، كما بيّنوا وقائع التشاورات مفندين الإشاعات التي تداولتها وسائل إعلام مختلفة، تابعة لأطراف متباينة ومتناقضة، أريد لها أن تفشل اللقاء أو تقلل من أهميته. وفيما يلي مقتطفات من هذه اللقاءات..
أجرت إذاعة شام إف إم اتصالاً هاتفياً بالرفيق قدري جميل يوم الخميس 29/1 بعد انتهاء أعمال لقاء موسكو، عرض خلاله تقييمه للقاء إضافة إلى قضايا أخرى:
كيف تقيّمون ما جرى في موسكو؟
ما جرى في موسكو قضية هامة وجدية جداً وإيجابية لأنها أولاً: كسرت احتكار الائتلاف الذي أراده الغرب بيد جزء من المعارضة، فخلال الأيام الماضية اجتمع في موسكو طيف واسع من المعارضة، ومعارضتنا تعددية، وهذا شيء طبيعي لأنها على مقاس المادة الثامنة الجديدة (من الدستور السوري) التي تعكس التعددية السياسية والحزبية التي يجب أن تكون مكرسة بسورية اليوم وسورية الغد.
ثانياً: اللقاء الذي جرى بين المعارضة والوفد الحكومي هو الأول من نوعه منذ بداية الأزمة، ففي اللقاء التشاوري (تموز 2011) كان هنالك جزء يسير من المعارضة، وفي «جنيف-2» جرى اللقاء برعاية دولية، في حين أنّ ما يجري هنا هو حوار سوري- سوري وفرت له موسكو الساحة كي يتحاور السوريون فيما بينهم دون تدخل خارجي، وهذه العملية هامة جداً؛ وإن كانت قد تأخرت ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألاّ تأتي أبداً!!.
هنالك من يعتقد أن الخطوة غير كافية، ما تعقيبك؟
طبعاً غير كافية، فهو لقاء تشاوري تمهيدي غير ملزم، وهو تحضير لشيء جدي قادم، لذلك السيد نعومكين اليوم بمؤتمره الصحفي أكد أن لجنة المتابعة التي كلفها السوريون (مؤلفة من اختصاصين روس كانوا يديرون الحوار في موسكو) تقوم بالتحضير لاجتماع ثان خلال شهر، وبجدول أعمال هذه المرة. وأشار السيد نعومكين أن الفرصة مفتوحة لمن لم يحضر أن يحضر. خلال يوم ونصف من النقاش مع الوفد الحكومي جرى تحديد عناوين بالدرجة الأولى، ولكن لم ندخل بالعمق بأي قضية جدياً لأن هذه ليست مهمة الاجتماع، المهمة كانت التحضير للقاء جدي وهذا اللقاء سيجري حسب تصريح السيد نعومكين بعد شهر.
هل هذه المدة كافية لإقناع المعارضات الأخرى بالمشاركة في اللقاء المرتقب؟
ج- هذا اللقاء سيكون تمهيداً نهائياً للذهاب إلى «جنيف-3» وصرح السيد نعومكين خلال مؤتمره بخبر هام جداً هو أن ديمستورا سيكون موجوداً في لقاء موسكو الثاني، ووجوده على ما أعتقد سيكون في إطار تحضير جدول أعمال «جنيف-3» انطلاقاً من إعادة النظر بتركيب وفد المعارضة، ودعني أقول وفد المعارضات السورية حيث لا توجد معارضة واحدة بل معارضة تعددية ومتنوعة، وهذا شيء جيد ولا يخجل منه، بل يجب تأكيده فنحن بهذا ننتقل من سورية الحزب الواحد إلى منظومة تعددية، والمعارضة السورية يجب أن تكون على شاكلة سورية القادمة.
ما رأيك بقرار القاهرة؟
انطلاقاً من الورقة الموقعة قلت لأصحابها أنها بشكل عام ليست سيئة، ولكن لم تعط الحجم المطلوب لمكافحة الإرهاب ومواجهته. برأيي أن مكافحة الإرهاب والتغيير الديمقراطي المنشود في البلاد هما عمليتان متوازيتان لا يمكن الفصل بينهما، لذلك فنحن ضد أن يقول البعض أن محاربة الإرهاب أولاً وبعدها يأتي كل شيء، وبالمقابل ضد أن ينسى البعض الآخر محاربة الإرهاب ويضع التغيير أولاً وبعده كل شيء.. رأينا هو أولاً مكافحة الإرهاب وأولاً التغييرات الوطنية الديمقراطية المنشودة بالبلاد، فهما عمليتان متوازيتان، وتخدمان بعضهما ولا يمكن لإحداهما أن تنجح دون الأخرى.
هل يمكن لقطر والسعودية أن يسمحوا بنجاح أي لقاءات مرتقبة على صعيد حل الأزمة السورية؟. وهل سيستمر «الضوء الأخضر» الأمريكي المعطى لموسكو؟
توازن القوى الإقليمي والدولي يتغير، ويجب أن نرى الأمور ضمن هذه الحركة، ولذلك فليس كل من استطاع بالماضي أن يفرض مسار تطور الأحداث يستطيع اليوم فعل ذلك. ليس هنالك ضوء أخضر، ربما برتقالي. الأميركيون في ورطة كبيرة جداً، ولا بديل عندهم عما يطرحه الروس، لذلك فهم قاعدون وينتظرون تطور الأوضاع وما ستؤول إليه حتى يحددوا موقفهم، وذلك لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في كل سياساتهم خلال الفترة الماضية.
كيف تقيم أداء الوفد الحكومي خلال اللقاء؟
كان يمكن أن يكون أفضل، من عدة نواحٍ، ينبغي أن تكون لهجته توافقية، ويجب أن ننتهي من لغة الشك بالآخرين، لأن كل الذين كانوا يجلسون على الطاولة هم أناس وطنيون.
كيف ترى العلاقة بين مبادرة ديمستورا وما جرى في موسكو؟
ديمستورا يشتغل على الجزئي وفي موسكو يجري العمل على الكلي، إذا سارت العمليتان معاً والتقيتا فهذا سيساعد على تأمين حل شامل للأزمة السورية.
د. جميل: لم نأت لاستبدال مهام جنيف بل لإحياء مساره!
التقت قناة العربية يوم الاثنين 26/1 مع د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية، ونعرض هنا جانباً من الأسئلة التي وجهت له:
بخصوص الاتفاق على ضرورة التغيير الجذري الشامل، هل يعني ذلك بأن الموجودين في موسكو وهم أحزاب متفاوتة في موضوع معارضتها وتمثل أطيافاً مختلفة، هل التغيير الجذري الشامل يتضمن إقرار الكل بعدم وجود الرئيس الأسد في السلطة؟
هذا الموضوع لم يبحث نهائياً، لأن منظورنا لموضوعة التغيير الجذري الشامل موضوع آخر نهائياً، يعتمد على إعادة النظر في المنظومة السياسية والاقتصادية- الاجتماعية بحيث يُسمح للشعب السوري أن يقرر مصيره وينتخب من يراه مناسباً في المستقبل، هذه القضية لم تكن مركز نقاش أساسي، جرى المرور عليها أحياناً بهذا الشكل أو ذاك، لذلك أرجو وضع الأمور بنصابها، أنا أنقل الصورة الواقعية لما جرى النقاش حوله، الحديث اليوم كيف ستكون سورية الجديدة، ولكن قبل سورية الجديدة لدينا مشكلة الكارثة الإنسانية التي من الممكن أن تودي بسورية بكاملها، ولدينا مشكلة الإرهاب الذي إن لم يقف عند حده في الفترة المنظورة القادمة فمن الممكن أن يؤدي إلى تقسيم سورية وإلغائها كوحدة جغرافية سياسية، لذلك لدينا مهام ملحة، والموضوعات المتعلقة بتفاصيل الحل السياسي والتغيير السياسي الجذري هي قضايا البحث اللاحق في جنيف بالدرجة الأولى، نحن في موسكو لم نأت لاستبدال مهام جنيف، بل لإحياء مسار جنيف كي نستطيع أن نتمركز هناك على القضايا التي تتطلب الحل.
إلى أي مدى تعتقد أن النقاط الكبيرة التي تطرحها حضرتك والمجتمعين وتتناقشون فيها في موسكو ممكن أن تطرح وتكون في مؤتمر من جهة لم يتمثل فيه كل المعارضين، أو أتى بعضهم بتمثيل منخفض، ومن جهة أخرى السلطة تأتي بتمثيل منخفض، حتى موسكو خفضت سقف التوقعات؟
أرجو عدم التقليل من أهمية اللقاء، إن كان أحد فصائل المعارضة لم يأت فهذا لا يعني أن المعارضة لم تأت. في «جنيف2» كان هنالك فصيل واحد ولم نسمع من الفضائيات العربية عن غياب أطراف المعارضة الأخرى، اليوم الائتلاف دعي كما دعي غيره كشخصيات واعتذر بشكل لبق وترك الباب مفتوحاً من أجل المستقبل وهذا تطور هام، ولكن فصائل أساسية من المعارضة بغض النظر عن مستوى تمثيلها كانت موجودة، هيئة التنسيق موجودة بـ (6 أو 7) أشخاص في المؤتمر لا أذكر، وكان لها الحصة الأكبر نسبياً بين المتحاورين، والفصائل الأخرى من المعارضة السورية كانت موجودة. أعتقد أن اللقاء هام جداً من هذه الزاوية لأنه عملياً يُصلح (الغلطة) التاريخية في «جنيف2» بإعطاء الحق الحصري لتمثيل المعارضة لفصيل واحد.
هل فهمتم لماذا كان من المفترض أن يكون الوزير المعلم مترئساً لوفد النظام وتم تخفيض مستوى التمثيل؟
أنا شخصياً لم أهتم لهذا الموضوع، المهم أن النظام ممثل والمهم أن يكون ممثلاً بشكل رسمي. المستوى قضية ثانوية بالنسبة لي، ولا أحد يقف عند هذه القضية، هنالك قضايا أهم، قضايا الشعب السوري، هنالك الملايين التي تعيش في مأساة وعذاب هي التي يجب أن تشغل بالنا، القضايا الأخرى التي تتفضلون بها هي قضايا ثانوية بالنسبة لنا، نحن نريد بسرعة السير بحل الأزمة باتجاه تخفيف آلام الشعب السوري.
ذكرت أنكم لم تتوقفوا عند مسألة هيئة الحكم الانتقالية أو حكومة الوحدة، بل درستم بيان جنيف كله، فما هي صيغة الحل التي تطرح بين الأطراف في موسكو؟
هذا الموضوع بالذات يتطلب النقاش بين السوريين معارضة ونظاماً كي يجدوا المخارج له، والأفضل أن يحلّوا هذا الموضوع لأن الشعب السوري سيحاسب حساباً عسيراً من لم يتعامل بروح مسؤولية وجدية مع هذه القضية وفي الوقت المناسب، الوقت ينفذ الآن لذلك على السوريين أن يحلوا هم هذه القضية.