وفد «التغيير والتحرير» في موسكو: تأكيد على الحل السياسي للأزمة السورية
عاد الوفد القيادي لجبهة التغيير والتحرير المعارضة في سورية إلى دمشق بعد زيارة عمل للعاصمة الروسية استمرت بضعة أيام، تم خلالها البحث مع كبار مسؤولي الخارجية الروسية في آخر مستجدات الوضع في سورية، وسبل الخروج من أزمتها الراهنة، وضرورة استئناف مسار الحل السياسي لها بهدف وضع حد للكارثة الإنسانية في سورية ودور القوى الوطنية السورية في ذلك.
ضم وفد «التغيير والتحرير» كلأ من د.قدري جميل، وعلاء عرفات، أميني مجلس حزب الإرادة الشعبية، وعادل نعيسة، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، وفاتح جاموس، رئيس تيار طريق التغيير السلمي، ود.مازن مغربية، رئيس التيار الثالث من أجل سورية، ويوسف سلمان رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وعباس حبيب، ممثل «الهيئة الوطنية العربية».
اللقاء مع لافروف و«أخطاء» الإعلام
وبعيد وصوله موسكو يوم الاثنين 26/5/2014، التقى الوفد في مقر وزارة الخارجية الروسية مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، حيث جرى خلال اللقاء تبادل معمق للآراء حول تطور الوضع في سورية مع التركيز على ضرورة متابعة البحث عن تسوية سلمية للأزمة في سورية.
وعلى الرغم من صدور بيان عن وزارة الخارجية الروسية يوضح طبيعة الاجتماع وخلاصاته، على الأقل من وجهة نظر الجانب المضيف، إلا أن بعض المواقع الالكترونية الروسية التي تنشر باللغة العربية، ارتكبت جملة من الأخطاء المهنية والسياسية حول اسم الجبهة أولاً، وحول مجريات الاجتماع وما طرحة الجانب الروسي، بحيث تم اجتزاء ذاك الطرح من سياقه، وتقديمه ككلام موجه لجبهة التغيير والتحرير حصراً، وهو ما اضطر أعضاء الوفد خلال مؤتمرهم الصحفي في اليوم التالي في مقر نادي الشرق في وكالة «روسيا سغودينيا» لإعادة وضع الأمور في نصابها (مجريات اللقاء الصحفي في الصفحتين التاليتين)، علماً بأن قناة «روسيا اليوم» عملت عبر موقعها الالكتروني على تدارك ذاك الخطأ في اليوم التالي.
بيان الخارجية الروسية
وقد أصدرت وزارة الخارجية الروسية مساء الاثنين ذاته بياناً حول لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو مع وفد الجبهة، ونشرت الوزارة هذا البيان على موقعها الالكتروني، وهذا نصه كاملاً غير مقتطع من سياقه:
التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف يوم 26/5/2014 وفد جبهة التغيير والتحرير المعارضة في سورية المكون من قدري جميل، وفاتح جاموس، وعباس حبيب، وعلاء عرفات، وعادل نعيسة، ويوسف سلمان، ومازن مغربية.
جرى خلال اللقاء تبادل معمق للآراء حول تطور الوضع في سورية مع التركيز على ضرورة متابعة البحث عن تسوية سلمية للأزمة في سورية.
قيّم الجانب السوري عالياً الجهود التي تبذلها روسيا لمنع التدخل الخارجي في سورية والإصرار على الوصول إلى توافق وطني سوري يأخذ بعين الاعتبار مصالح كل فئات المجتمع السوري. وعبر أعضاء الوفد عن شكرهم للخطوات العملية التي تأخذها روسيا في تقديم المساعدات الإنسانية لسورية.
من جانبه أكد لافروف استعداد موسكو الدائم للتعاون مع جميع الأطراف السورية المعنية بمصير بلادها، معرباً عن دعم روسيا لتوحيد جميع القوى الوطنية السورية على أساس الحوار الوطني الواسع ومواجهة الإرهاب والتطرف. ودعا الوزير لافروف قوى المعارضة الوطنية إلى المشاركة الفعالة في العملية السياسية الهادفة إلى وقف العنف وتوسيع ممارسة المصالحات المحلية وحل المشاكل الانسانية التي يعاني منها سكان البلاد.
غداء عمل مع بوغدانوف
وفي ثالث أيام زيارة وفد جبهة التغيير والتحرير المعارضة في سورية إلى موسكو، أقامت الخارجية الروسية غداء عمل على شرف الوفد الزائر في قصر الضيافة بمبنى الخارجية، حيث تم خلال الاجتماع الذي حضره عن الجانب الروسي كبار مسؤولي الخارجية الروسية وفي مقدمتهم نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، مواصلة المباحثات بين الجانبين حول مستجدات الأزمة في سورية وسبل الخروج منها.
وذكر بيان صادر عن الخارجية الروسية يوم الأربعاء 28/5/2014 حول هذا الاجتماع أنه «تم التركيز خلال المحادثات حول الوضع في سورية على الحاجة إلى تعزيز دور جميع أطراف المعارضة الوطنية في التسوية السياسية الفورية للأزمة السورية وتوطيد وحدة المجتمع السوري، بما في ذلك مهمة مكافحة الإرهاب والتطرف».
كما بحث خلال الاجتماع طيف من الخطوات العملية الكفيلة بتشكيل وفد للمعارضة السورية في محادثات جنيف، المطلوب استئنافها، على أن يعكس هذا الوفد حقيقة التعددية في المعارضة السورية، بهدف إيجاد تمثيل متوازن على الطاولة يسمح بالوصول إلى حل حقيقي للأزمة السورية.
حوار «جميل» مع «صوت روسيا»
وكانت إذاعة «صوت روسيا» أجرت عقب لقاء الوفد مع لافروف حواراً مع د.قدري جميل عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وأمين مجلس حزب الإرادة الشعبية للوقوف على مضامين اللقاء واستطلاع آراء الجبهة بآخر تطورات المشهد السوري. وفيما يلي نص هذا الحوار:
عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وأمين حزب الإرادة الشعبية المعارض في سورية، قدري جميل، أهلا ومرحبا بكم.. أنتم الآن في موسكو للقاء بعض القيادات الروسية ومناقشة الأوضاع والأحداث الجارية في سورية، سواء كانت ميدانياً أم سياسياً أم اجتماعياً أم اقتصادياً، وحتى أيضاً كما جاء في الإعلان، ارتباطاً بالمساعدات الانسانية، حبذا لو نتحدث عن محاور هذه اللقاءات ومن ثم نتحدث عن بعض التفاصيل الهامة التي تخصكم كمعارضة وتخص الأوضاع في سورية؟
جرى لقاء بين وفدنا الموسع ووفد وزارة الخارجية الروسية برئاسة السيد لافروف، وجرى بحث طائفة واسعة من المسائل تتعلق بالأزمة السورية، ابتداءً من ضرورة إيجاد مخرج سريع باتجاه الحل السياسي، وانتهاءً بالمساعدات الإنسانية التي أصبحت أكثر من ضرورية، للوصول إلى المناطق المختلفة من سورية بشكل مستمر وآمن وعادل.
من وجهة نظركم، ما الذي يكفل فعلاً إعادة استقرار الدولة، وحل المشاكل المتراكمة من جراء الأزمة، وضمان بداية تطور الوضع في سورية، خاصة وأنكم عدلتم عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وهكذا ينحسر دوركم إلى حد ما، على الأقل في المرحلة الآنية؟
أنا لا أحب هذه الأحكام القاطعة (ينحسر ويتقدم) انطلاقاً من موقف محدد.. كيف تستطيع أن تعرف أنه انحسر؟ ما أدراك أنه انحسر؟ من الممكن أنه تقدم!
موقفنا من الانتخابات له علاقة، أولاً، بوجوب إيجاد الفرصة المناسبة للانتخابات، ليشارك فيها أكبر عدد ممكن من السوريين، كي تكون انتخابات شاملة وتعددية وحقيقية، أي أننا كنا نريد لهذه الانتخابات أن تكون مدخلاً وأداةً للحل السوري السياسي ولسنا من أنصار أن تستخدم هذه الانتخابات من العدو من أجل التجييش وتعقيد الأمور وإبعاد الحل السياسي.
سورية حسب الدستور ساري المفعول هي تعددية، ونحن لدينا رؤيتنا السياسية فيما يخص هذه الانتخابات ودورها في اللحظة الحالية والوظيفة التي يجب ان تقوم بها، بالتالي من حقنا أن يكون عندنا موقف من هذا الموضوع، وأعتقد أن جزءاً هاماً من السوريين من غير المحسوبين على المعارضة المتشددة والمرتبطة بالخارج يتفهمون رأينا تماماً، ونحترم رأي القسم الآخر من السوريين الذين يريدون إجراء الانتخابات الآن، ولكننا لم نكن نرى ضرورة للاستعجال بها في هذه المرحلة. البعض يفند رأينا بحجة أن الانتخابات هي استحقاق دستوري، نعم ولكن الدستور لا يمنع عدم إجراء الانتخابات وهذا لا يحدث أي فراغ دستوري كما يدعي البعض، لأن الرئيس القائم يستمر بممارسة صلاحياته حتى تنشأ الظروف المناسبة لإجراء انتخابات تؤدي مهمتها الوطنية والسياسية المطلوبة.
دكتور بالتوازي مع هذا السؤال لابد أن نتحدث عن عدم مشاركتكم بشكل أدق في الانتخابات، السؤال هنا ما هو البديل الذي أمامكم أنتم كمعارضة أو حتى البديل الذي يمكن أن تقدموه؟
ماذا تعني السياسة؟ تعني القرار الملموس والوضع الملموس. حول إجراء الانتخابات رأينا هو ألا تجري.. ولكن بعد أن تجري سيحدث واقع ملموس جديد سنتعامل معه في حينه. نحن نختلف عن موقف المعارضة المرتبطة بالخارج، حيث أنها ترفض كل الانتخابات، وترفض توحيد السوريين، وتريد أن تضع شروطاً مسبقة، وتريد أن تمنع ترشيح هذا أو ذاك من المرشحين. نحن نفكر بشكلٍ مختلف إذ أننا نحاول أن ندمج أكبر عدد من السوريين في هذه العملية، كي تكون أداة لتوحيد السوريين وسورية أرضاً وشعباً ومنع محاولات تقسيمها التي يحاول الخارج الاستعماري القيام بها.
دكتور السؤال الأخير وانطلاقاً مما تفضلتم به، وانطلاقاً من الظروف والتغيرات والتبدلات الحالية التي تجري على الساحة الداخلية في سورية أين برأيكم تسير سورية؟
الحسم العسكري مستحيل رغم الانتصارات لهذا الطرف أو ذاك في هذه الفترة أو تلك هنا أو هناك، وهو مستحيل ليس لأن الجيش العربي السوري ضعيف. هو مستحيل لأن توازن القوى الدولي الحالي لا يسمح بذلك. الصراع الكلي ينعكس على الجزئي، وبالتالي الحسم العسكري مستحيل. السؤال الذي يجب أن يطرحه أي سياسي مسؤول أمام نفسه، ويطرحه كل سوري أيضاً: هل يمكن لسورية أن تستمر بالاستنزاف؟ وكم تستطيع أن تستمر بالاستنزاف الذي يجري فيها؟ ننزف منذ ثلاث سنين. كم سنة سنتحمل أيضاً؟ الخسائر كبيرة، وسورية ليست كبيرة بالمعنى الجغرافي والبشري والاقتصادي، هل تستطيع أن تتحمل خسائر مثل التي تحملتها إلى الآن، وخلال الفترة القادمة؟ أم يجب إنهاء هذا النزيف والذهاب إلى كلمة سواء وإيجاد توافقات تمنع نزيف الدم وتسمح للسوريين بين بعضهم بأن يتفقوا بعيداً عن أي تدخل خارجي بأمورهم الداخلية. هذا الذي كنا نبحث عنه ومازلنا نبحث عنه.