عرفات: السكون في تطورات الوضع السياسي يؤدي إلى سكون مماثل في الحراك السياسي
خلال لقاء أجرته معه إذاعة «ميلودي اف ام» يوم الأربعاء 21/5/2014 جدد الرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، تأكيد جوهر الموقف بخصوص عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة لا ترشيحاً ولا تصويتاً
موضحاً أن موقف الجبهة والحزب بهذا الموضوع يستند إلى الحرص على البلاد وحل الأزمة والخروج منها «لأننا نريد ونتمنى ونرغب أن تكون هذه الانتخابات جزءاً من عملية سياسية ترتكز على حل الأزمة، وبالتالي فقد قلنا بأنه لو تأجلت هذه الانتخابات وذهبنا إلى التمديد بالتوازي مع الدعوة لحل الأزمة بأي شكل من الأشكال التي يراها السوريون مناسبة، سواء الدعوة لحوار وطني داخلي يسمح للسوريين أن يناقشوا كل مسائلهم، أو عبر التركيز على الذهاب إلى بوابة جنيف التي لا غنى عنها والمطلوب منها وقف التدخل الخارجي ووقف العنف وبدء عملية سياسية، وبالتالي فجوهر موقفنا في هذه المسألة هو العمل على تثبيت ودخول الحل السياسي للأزمة.
بيان الجبهة ملزم معنوياً لأعضائها
وقال عرفات «نحن لم ندع الناس إلى المقاطعة ولن ندعوهم، نحن عرضنا موقفنا والناس تعرفه، وفي نهاية المطاف نعتقد أن المواطن السوري يختار ما يناسبه» موضحاً أنه فيما يتعلق بأعضاء جبهة التغيير والتحرير «فالقرار ملزم بالمعنى الأدبي، لأن العضو في الجبهة والموافق على خطها، سيصله موقفها في سياقاته القائلة بأولوية الحل السياسي للأزمة، كونه المهمة رقم واحد اليوم بالنسبة إلينا، ومن المؤكد أن المتفقين مع الجبهة بهذا الموقف سيلتزمون عن قناعة، وليس على شكل قرارات».
وحول الخط السياسي العام للجبهة ونشاطها أكد أن «الجبهة تعمل اليوم مع القوى السياسية التي تملك النهج ذاته من أجل التقارب ودعوتها للذهاب نحو التركيز على الحل السياسي، بدءاً من النظام وانتهاءً بأطراف المعارضة المختلفة، على الأقل الوطنية لأن لا علاقة لنا بالخارجية منها وأقصد الائتلاف وأشباهه. إضافة لانتظار اللحظة المناسبة لتجميع صفوف هذه القوى. بالنسبة لجنيف فهو الآن معلّق قسراً من الأمريكيين كما هو واضح، وبالتالي فنحن أمام حالة تأجيل للمدخل الهام والأساسي وهذا يؤدي إلى إمكانية القيام بأشياء كثيرة في الداخل، فيمكن التركيز على المصالحات الفعلية، لأنه ورغم كون الهدنات والتسويات أمراً إيجابياً، ولكن المصالحات حالة أعلى، وهناك فرق كبير بين التسويات التي تخلق مناخاً مريحاً نسبياً والمصالحات التي تسمح بعودة الحياة الطبيعية فعلياً»، مشدداً على أن «الحلول العسكرية لن تؤدي إلى نتيجة، على الرغم من وجوب محاربة التكفيريين وإقصائهم وإنهائهم، ولكن هذا لا يمكن أن يتم دون وجود حل سياسي».
وحول الانكفاء البادي على المعارضة الداخلية في الأشهر الماضية وكأن كل طيف قد حجز مكانه بموقفه ورؤيته للأزمة واكتفى بهذا القدر، أجاب عرفات أن «هذا الكلام صحيح إلى حد بعيد، ولكن سببه ليس المعارضة بل الظرف السياسي، بمعنى أدق نوع من السكون في تطورات الوضع السياسي يؤدي إلى سكون مماثل في الحراك السياسي، لذلك فالموضوع ليس موضوع المعارضة فقط فماذا عن النظام، حيث أنه هو الآخر في حالة سكون بالمعنى السياسي، وما هي المبادرات التي قدمها النظام؟».
السيادة لا تجتزأ
ورداً على التقليل من أهمية ودلالة عدم إجراء الانتخابات في كامل الأراضي السورية وأن بعض الأماكن الخارجة عن سيطرة الدولة لم تعد فيها كثافات سكانية كبرى، أكد عرفات أن «القضية لا تقتصر على وجود سكان أو العكس، فهناك العديد من المحللين السياسيين المحترمين يتحدثون عن السيادة كلما قمت بطرح رأي ما، ولكن أليس هناك علاقة بين السيادة وعدم إجراء الانتخابات في بعض مناطق سورية؟ حتى لو لم يكن هناك سكان. لماذا لم يتحدث أحد عن عدم وجود سيادة في هذا الموضوع؟ لذلك فالموقف من هذه المسألة لا علاقة له بالنسب السكانية الموجودة في هذه المنطقة أو تلك وحسب، بل إنها تتعلق بأن الانتخابات في القانون والمنطق وفي حق السوريين يجب أن تكون شاملة لكل الأراضي السورية وشاملة لكل السوريين وعلى أساس هذه الشمولية يمكن أن تتحدد التعددية. وبالتالي سينشأ لدينا تجاوزات وهذا طبيعي، كالقول بأن الانتخابات ستغطي غالبية الأراضي السورية، لكن حتى كلمة غالبية هي كلمة غير مرضية بالنسبة لنا».
وحول كيف ستتعامل جبهة التغيير والتحرير مع نتائج الانتخابات أوضح عرفات أن «الجبهة ستتعامل بشكل عادي وطبيعي، حصلت انتخابات وأصبح هناك رئيس، فأين المشكلة بالتعاطي مع الأمر الواقع؟ الإشكال بالنسبة لنا هو أنه كان من الأفضل ألا تجري هذه الانتخابات، فنحن كنا نطالب بالتمديد والتمديد يعني بقاء رئيس الجمهورية الحالي في نهاية المطاف، وبغض النظر عما سيتقوّل به الغربيون لأنه مهما جرى سواء انتخابات أم تمديد فهناك من سيتكلم. أما نحن فنتحدث عن رؤية السوريين بين بعضهم عن ما هو الأصلح، الذهاب إلى التمديد ليكون بمثابة تطمين للسوريين المختلفين بين بعضهم بمعنى وجود طرف وهو النظام يريد الذهاب إلى حل سياسي وهو مستعد أن يقدم كل الضمانات والتنازلات التي تسمح بأن يكون الوضع في سورية موحداً وبأنه سيبذل جهده في هذا الاتجاه، هذه هي وجهة نظرنا».
التمثيل الحكومي أقل شأناً
وأوضح أن صفة المعارضة لا علاقة لها بالانتخابات، «فنحن معارضون في إطار برنامج سياسي- اقتصادي- اجتماعي»، قائلاً في إجابته على سؤال آخر «إن بحث أية مشاركة لاحقة بأية حكومة وحدة وطنية سيبحث في حينه على أساس معرفة برنامجها المحدد والملموس وماذا ستفعل وصلاحياتها، فحكومة وبرنامج وحدة وطنية لا يعنيان الإتيان بشخص من كل طرف فقط، وإن الشيء الأقل شأناً في حكومة الوحدة الوطنية هو التمثيل».
وحول جنيف3 وما إذا ما بات في خبر كان قال عرفات «لا أعتقد ذلك، دعنا ننتبه إلى أن الصراع في سورية قد تدوّل إلى مرحلة كبيرة، سواء من حيث الأدوات أو الحل، والصراع السوري ليس الصراع الوحيد في العالم، فقد نشأ صراع جديد وهو الصراع في أوكرانيا(..) وإذا تراجع مستوى الصدام في الأزمة الأوكرانية فمن الممكن أن يُفتح ملف الأزمة السورية بمعنى جنيف3 أو شيء من هذا القبيل. في النهاية، ارتبطت الأزمة السورية بالصراعات الدولية والإقليمية وأصبح حلها مرهوناً إلى حد بعيد بتطورات هذه النزاعات مع الأسف».
وعن رؤيته لصورة جنيف3، وهل سيكون بذات الصيغة التي كانت موجودة في جنيف2، أعرب عن اعتقاده أنه في حال انعقاد المؤتمر فإن وفد المعارضة سيكون تعددياً ولن يكون هناك وفد واحد، وإلا لا داعي لعقده «فالمنطق يقول بأن ميزان القوى سيكون قد أصبح فيه مؤشرات أوضح للطرف الصاعد، لأن المؤشرات على الأرض سواء بالاقتصاد العالمي أو في الوضع السياسي العالمي تشير إلى ذلك الطرف الذي يتقدم اليوم».
البحث عن أفغانستان ثانية
ورداً على سؤال آخر حول إلى أين تتجه ليبيا ومدى استفادة الغرب من إعادة تقسيم المنطقة قال إن ليبيا تتجه نحو المزيد من الفوضى، لقد كان السيناريو القديم المُعد لليبيا هو تقسيمها إلى ثلاثة أقاليم، مضيفاً أن المتشددين في الغرب اكتشفوا بعد مئة سنة أن الدول القائمة في المنطقة بحكم اتفاقيات سايكس بيكو يمكن أن تتطور وتقوى رغم التقسيم، لذلك فقد عمدوا إلى التقسيم مرة أخرى. وأوضح أن الأمريكيين يحتاجون لأفغانستان ثانية اليوم، وهذا ما يحاولون القيام به في ليبيا وأن محاولتهم لتطبيق هذا الأمر في سورية لم تنجح، رغم أن ذلك يجري في الأماكن التي يسيطر عليها المسلحون، إلا أن الدولة السورية ما تزال قائمة، أما في ليبيا فلا يوجد حتى جيش كما يجب.