إضاءات على مشروع الموضوعات البرنامجية
هاني خيزران هاني خيزران

إضاءات على مشروع الموضوعات البرنامجية

إن الموضوعات البرنامجية هي ثمرة جهد وعمل الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين خلال الفترة السابقة، والتي تستند إلى كل  الإرث الكبير الذي تركه الشيوعيون السوريون منذ تأسيس حزبهم، حزب الخبز والجلاء، وصولاً إلى قيام اللجنة الوطنية التي أخذت عل عاتقها إعادة بناء الحزب الشيوعي الحقيقي القادر على القيام بدوره الوظيفي في حياة البلاد على كافة الصعد السياسية الاقتصادية الاجتماعية، من خلال توحيد كل الشيوعيين السوريين تحت راية حزبهم المنشود واستعادة الألق الشيوعي.

وهنا يحسب للموضوعات اعترافها بالآخر، وعدم ادعائها امتلاك الحقيقة كاملة، والطلب إلى كل المهتمين الإدلاء بدلوهم عبر طرح الموضوعات البرنامجية للنقاش العام ليتسنى للجميع رفاقاً داخل التنظيمات الحزبية وخارجها وأفراداً مهتمين بالشأن العام لمناقشتها، حيث أصبح الوضع في بلدنا يحتم على الجميع تحديد موقف مما يجري، وعدم الاكتفاء بأخذ دور المتفرج، فالموضوعات وضعت لأول مرة في تاريخ حزبنا تحليلاً شاملاً للوضع العام انطلاقاً من العام، وهو ما يجري في العالم من سيطرة الامبريالية العالمية وخاصة الأمريكية والصهيونية وتفردها برسم السياسة العالمية على سطح الكرة الأرضية وتسخيرها لكل الإمكانات والثروات للخروج من أزمتها التي نزعم أنها نهائية لأنها أزمة بنيوية عميقة ضربت كل مفاصل النظام الرأسمالي العالمي، إلى الوضع بالمنطقة التي نعيش فيها والتي تشكل وحدة اقتصادية متكاملة  قادرة على النمو والتطور لتمتعها بثروات بشرية واقتصادية واجتماعية هائلة، التي لو توفرت الإرادة بتوجيهها لخدمة شعوب المنطقة ومصالحها لحققت الكثير، وهذا الذي يجب على كل شعوب المنطقة من قزوين إلى المتوسط أن تعيه وتتبناه لأنه يخدم مصالحها الحالية، ويساعدها على الوقوف في وجه الاحتكارات الامبريالية العالمية ودحرها وإفشال كل مخططاتها، وصولاً إلى تحطيمها وتغيير النظام العالمي القائم حالياً.. وانتهاء بالوضع الداخلي في بلدنا الحبيب المتبني موقف الممانعة الذي نسعى بالتعاون مع كل الشرفاء من كل الأطياف أن نجعله موقف مقاومة شاملاً لتكون رافعة الشرق ونموذجاً لتحرر كل الأحرار في المنطقة والعالم وهو الخاص الذي تنتهي إليه الموضوعات.

إذاً الموضوعات طرحت مشروعاً متكاملاً بالاعتماد على النظرية الماركسية التي هي مرجعيتنا الفكرية واعتماد منهجها الديالكتيكي بشكل خلاق يتناسب مع ظروفنا وتوصيف الوضع بكل مشكلاته وضعت تصوراً للحلول التي تراها قادرة على حل كل هذه المشاكل بكافة الصعد.

إن ما طرحته الموضوعات من قانون أحزاب ومطبوعات وقانون انتخابي عصري نسبي يخدم مصالح كل القوى السياسية الوطنية الشريفة في الساحة السورية كلها، ويعيد النشاط السياسي للجماهير التي ابتعدت عن ساحة العمل السياسي لعدم ثقتها بجدوى النضال السياسي وعدم ثقتها بالأحزاب والقوى السياسية وما تطرحه من حلول لمشاكل الجماهير.

إضاءات حول المرجعية الفكرية

الشيوعية هي مملكة الحرية، وتعني وعي الضرورة، أي فهم صحيح للقوانين الموضوعية التي تفعل فعلها خارج إرادة الإنسان، ولكن يمكن بعد فهمها واكتشاف عناصرها التحكم الواعي بها لزيادة سرعتها أو تخفيفها تبعاً لمصلحة المجتمع والإنسان، وعليه لا بد من فهم الواقع الموضوعي فهماً دقيقاً بعد تحليله استناداً إلى منهج الماركسية اللينينية، وهو الثابت متمثلاً بالمادية الديالكتيكية لكي نصل إلى التغيير، وهذا يحتاج تفسير صحيح الذي يستلزم اكتشاف الواقع الموضوعي بكل جوانبه كما أسلفنا، وأي نقص في المعلومات عن الظاهرة المدروسة أو عدم رؤية أحد جوانبها أو أي عنصر من عناصرها يؤدي إلى تفسير غير مكتمل، مما لا يعيق التغيير المطلوب، حتى وإن توفرت أدوات التحكم وهي الحزب الثوري.

كما أن التغيير يجب أن يكون محدداً ومعرفاً بدقة حسب الأهداف الاستراتيجية، فهناك أهداف قريبة ومتوسطة وبعيدة، بالإضافة إلى تحديد الزمن اللازم لإنجاز هذا الهدف، فلا يوجد برنامج حقيقي بدون هدف وزمن لازم للوصول إليه.

إن أهمية الماركسية تتبع من خلال كونها الفلسفة التي تعتمد التنبؤ للوصول إلى هدفها الثوري وهو التغيير تغيير العالم وفقاً لمصالح الأغلبية العظمى من الكادحين الشغيلة، وهذا هو هدف كل القوى الوطنية التحررية في العالم، التي يجب أن تطابق بين النظرية والتطبيق للوصول إلى أهدافها، بهذا المعنى النظرية هي كل التطبيقات الصحيحة السابقة، والتطبيق هو حالة خاصة من النظرية حسب الظروف المستجدة الراهنة في كل حالة.

وعليه فالتطبيق غير الصحيح يؤدي إلى نظرية متقوقعة معرفياً، كما أن النظرية غير الصحيحة تؤدي إلى تطبيق غير ممكن، فإذا لم تلتحم النظرية مع الواقع من خلال التطبيقات سيؤدي ذلك إلى تأخر النظرية، مما يعني أن الأدوات المستخدمة غير كافية لوجود انقطاع أو فراغ في المعطيات، وهنا نصل إلى وجوب تكون الرؤية كأساس لتكوين النظرية، وهذه الرؤية ضرورية لإنتاج السياسات الجارية وضرورية لتحقيق نجاحات تنظيمية وهذا التنظيم الناجح بدوره يخدم الرؤية وويؤثر فيها.

مما سبق يتحتم علينا أن نصل إلى مستوى معرفي عال، ومع توفر الظروف الموضوعية نستطيع أن نقوم بالتغيير المطلوب، بعد أن نكون فسرنا الواقع بشكل صحيح، وأوجدنا أداة التحكم اللازمة وهي التنظيم.

إن من واجباتنا ومسؤولياتنا الدائمة توضيح الفارق بين الثابت والمتغير بشكل مستمر، والتفريق بينهما بشكل نظري صحيح، لكي يسهل فهم الظواهر التي ندرسها  بعمق، وصولاً إلى تغييرها.