في ندوة تلفزيونية الرفيق علاء عرفات: نحن نذهب إلى الحوار كنقيض للعنف... وبناء سورية المستقبل
في إطار الإطلاع على المواقف والرؤى السياسية المختلفة للقوى والأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة في سورية حول الأزمة السياسية الشاملة، أسبابها وتداعياتها.
وأيضاً للإطلاع على رؤية كل طرف من الأطراف حول الكيفية الممكنة للخروج الآمن من هذه الأزمة ، استضافت القناة الفضائية السورية الرسمية في برنامج « سورية تتحاور » بتاريخ 5/2/2013 ، الرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، بالإضافة إلى كل من الأستاذ د. مهدي دخل الله الوزير والسفير السابق ، الأديبة د. ناديا خوست والكاتب والباحث الأستاذ نضال نعيسة، ومجموعة ممن يمثلون القوى والأحزاب السياسية والمجتمعية في سورية منهم: ( السيدة رغداء الأحمد باحثة في قضايا المجتمع، الفنانة جيانا عيد ، الاستاذ خالد العبود عضو مجلس الشعب ، الاستاذ عصام خليل عضو مجلس الشعب ، الصحفي مصطفى بغداد، د. إبراهيم زعير عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوري.... الخ ). سنكتفي هنا بالأسئلة التي وجهت للرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، لذا وجب التنبيه.
• بداية حول طرح ضرورة «الحوار»، لماذا يجب الذهاب إلى الحوار ؟
ـــ أولاً نحن نذهب إلى الحوار ضمن مرحلة محددة، مرحلة امتدت لأكثر من عشرين شهراً ساد فيها العنف ، وبالتالي نحن نذهب إلى الحوار كنقيض للعنف ، بعدما بدأت غالبية الشعب السوري بالاقتناع بأنه لا حل في خيار استخدام العنف في سورية، هذا أولاً. ثانياً ، نحن نذهب إلى الحوار لأنه بعد الخروج الآمن من الأزمة سيكون لدينا استحقاق جديد يتعلق بسورية المستقبل.
الحوار إذاً له غايتان أساسيتان اليوم هما:
أولاً: الخروج الآمن من أزمة وطنية شاملة عميقة ومن حالة الإنقسام الكبرى التي تعيشها البلاد.
ثانياً: تخطيط الرسم المقبل لسورية المستقبل.
• إذا انطلقنا من ضرورة الحوار وأهميته كخيار حضاري في ظل الأزمة الراهنة في سورية ، كما جاء في الكثير من مداخلات الحضور ، هل نحن بالفعل وصلنا اليوم إلى مرحلة لا يقبل فيه أحدنا رأي الآخر، وصولاً إلى عدم قبول الآخر؟
ــ لا أعتقد ذلك.
• لكن هناك أطراف من المعارضة الخارجية رفضت الحوار، وأيضاً في الداخل السوري هناك أطراف رفضت دعوة الحوار.
ــ هذا حديث آخر، أولاً: الذين رفضوا الحوار هم كثر منذ البداية، يشمل طرفي الصراع في سورية، وليس طرفاً واحداً كما تفضلت. والسؤال هنا، لماذا يرفض أحد الأطراف الحوار؟ لأنه يعتقد أنه قادر على الانتصار باستخدام حل العنف (الخيار العسكري) ، حتى هذه اللحظة نحن أمام حالة من هذا النوع، وهذا التقدير بإمكانية الانتصار عبر العنف هو تقدير خاطىء بالمعنى السياسي، وهو أحد أهم أسباب استمرار الأزمة خلال كل الفترة السابقة وحتى الآن.
أما بخصوص فكرة استطاعة أو عدم استطاعة السوريين على التحاور فيما بينهم، فأقول جازماً إنهم يستطيعون ذلك. فقط ينبغي تهيئة الظروف داخل سورية ودفعها باتجاه هذا الحوار. وبالنتيجة ستكون الأمور بألف خير.
لدي جملة من الملاحظات حول موضوعتي الحوار والتفاوض:
عندما نتحدث عن التفاوض فإننا نتحدث عن وجود طرفين متبلورين متكاملين ، قواهما محسوبة بدقة على أرض الواقع، وهو ما يسمح بعملية التفاوض بين طرفين واضحين متكاملين. أما في الحالة السورية: أحد طرفي الصراع على الأقل غير متبلور بشكل كامل، اليوم في سورية هناك ما نسميه ونصطلح عليه في حزب الإرادة الشعبية بـ « الثنائية الوهمية »، الافتراض الذي يحدد النظام ككتلة واحدة ومنسجمة، ويحدد ما يسمى بالمعارضة أيضاً ككتلة واحدة ومنسجمة.
ولكن إذا دققنا في الحالة السورية، سيتبيّن لنا أنه لا النظام كتلة واحدة ومنسجمة، وبالتالي وجود طرف معارض داخل النظام، ولا المعارضة كتلة واحدة ومنسجمة، وبالتالي وجود طرف يعبر عن النظام داخل المعارضة.
وبالتالي إحدى مهمات الحوار هي فرز حقيقي للطرفين، وأيضاً ما هي المصالح والأهداف السياسية، وإلى أين ينبغي أن تذهب الأمور، لذلك الحديث عن طرح الحوار هو طرح دقيق الآن، وهو ما سيتبلور في نهاية المطاف بعملية التفاوض التي ستدفع البلاد باتجاه الحلول في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
في هذه الجلسة طرحت أكثر من مرة أفكار تدور أغلبها حول صعوبة الحوار ومسألة التنوع في المجتمع السوري واعتبارها مانعاً وعائقاً أمام الحوار بين السوريين، وهنا أنا غير موافق البتة على هذه الطروحات، فالمسألة بالنتيجة ليست هنا.
المسألة اليوم في سورية تتجسد بصراع سياسي أخذ شكلاً مسلحاً وعنفياً، سبقته منذ سنوات أزمة ذات طابع اقتصادي اجتماعي، كما تعرفون في سورية اليوم هناك ملايين من المهمشين الذين تحولوا إلى وقود وحطب لمعركة طرفي الصراع الحالية، وبالتالي الأزمة لها سبب اقتصادي، وأيضاً لها أسباب سياسية تجلت بانخفاض مستوى الحريات، وحالة الإقصاء، وأيضاً انخفاض مستوى الديمقراطية بمختلف أشكاله، والممارسات الأمنية الضاغطة على أنفاس الناس.
كل هذه الأسباب تراكمت وأنتجت حالة من الاحتقان خلال الفترات السابقة، ثم تفجرت بمفعولها التراكمي الخطر في لحظة واحدة، كما لاحظنا دخول العامل الخارجي على خط الوضع الداخلي المنفجر ومحاولة استثماره إلى أقصى حد ممكن تنفيذاً لسياساتها العدوانية.
الآن وصلنا إلى حالة من الانقسام العميق، فيما الأطراف المتصارعة جرّمت نفسها بالعنف، وصولاً إلى الدخول في أزمة وطنية عميقة في سورية، وبالتالي المخرج الوحيد لهذه الأزمة الشاملة هو بالذهاب إلى الحوار. وعندما نتحدث عن الحوار فنحن نقصد الحوار السياسي الوطني الذي يتناول الأزمة الوطنية العميقة الشاملة بكل أبعادها، الذي يطرح رؤية سياسية شاملة للحل.
• برأيك هل الآن، في ظل تعقد الأزمة، هو الوقت المناسب للذهاب إلى الحوار؟
ــ إذا كان لا بد من الذهاب إلى الحل السياسي، فيجب أن نذهب إلى الحوار مهما كانت الظروف، البعض يقول «إذا لم يتوقف العنف فلا يجب الذهاب إلى الحوار»، هذا الكلام غير صحيح، يجب الذهاب إلى الحوار أياً كان الوضع، لأنه بمجرد البدء بالحوار يمكن أن يتم الضغط على حالة العنف الموجودة وبالتالي سيؤدي إلى تخفيضها بشكل تدريجي.
الحالة المثالية، التي يتحدث عنها البعض، والتي تدعو إلى وقف العنف أولاً ثم الذهاب إلى الحوار، برأي المقصد منها عدم الذهاب إلى الحوار وبالتالي المقصد عدم الذهاب إلى الحل السياسي.
لا أنظر إلى هذه الفكرة كفكرة بريئة، فهي غير بريئة بتاتاً. يجب الإسراع في الذهاب إلى الحوار والبدء فيه بمن حضر، على أن يبقى الباب مفتوحاً لانضمام بقية القوى والأطراف الأخرى.
لدي تعقيب على ما قاله الوزير السابق د. مهدي دخل الله، فيما يتعلق بـ «التحولات الإيجابية التي جرت في عهد حزب البعث» ، نعم جرت تحولات إيجابية، ولكن ما لم يذكره د. مهدي دخل الله أنه جرت تحولات سلبية أيضاً في البنية السورية في عهد حكم حزب البعث، كان ينبغي قول ذلك، نحن دخلنا إلى هذه الأزمة في عهد حكم حزب البعث، ينبغي أن يقال هذا وذاك.
• برأيك، ما هي الأولويات التي يمكن طرحها على طاولة الحوار ؟
ــ الأولويات هي:
1ــ بحث موضوع النظام السياسي الذي يجب أن تكون عليه سورية.
2ــ بحث النموذج الاقتصادي ـ الاجتماعي، أي شكل وطريقة توزيع الثروة في المجتمع السوري.