الافتتاحية: الانتخابات النقابية والخروج الآمن من الأزمة
إن الخروج الآمن من الأزمة الوطنية الراهنة تتطلب مشاركة كل القوى الوطنية والشعبية، والحركة النقابية كانت ومازالت جزءاً أساسياً من هذه القوى و هي تملك من الإمكانيات، والتجربة، والخبرة ما يمكّنها من المساهمة في إنجاز هذه المهمة الوطنية الكبرى، وهذه المساهمة لها شروط لابد من توفرها، وفي مقدمتها إطلاق طاقات الطبقة العاملة وحركتها النقابية، ولاسيما أن الظروف تسمح بذلك بعد إقرار الدستور الجديد، وانفتاح الأفق السياسي أمام الحركة الشعبية والطبقة العاملة لتعبر عن حقوقها ومطالبها المشروعة بشكل سلمي وصولاً إلى التغيير الديمقراطي السلمي الجذري الذي سيحافظ على بنية الدولة، ويطورها بما يؤمن حاجات الشعب السوري في حياة حرة وكريمة.
إن الطبقة العاملة السورية أمام فرصة استثنائية للمساهمة في عملية التغيير الجذري المنشودة من خلال الانتخابات النقابية القريبة القادمة عبر خوض هذه الانتخابات بشكل ديمقراطي يفضي إلى وصول مناضلين نقابيين قادرين على قيادة الحركة النقابية في المرحلة القادمة التي تتطلب الجرأة، والحزم والصلابة بالدفاع عن حقوق العمال، ومكاسبهم، والحفاظ على الخط النقابي المستقل بعيداً عن وصاية جهاز الدولة، وتعزيز وحدة الحركة النقابية، والحركة العمالية.
إن الانتخابات النقابية القادمه إذا ما أفضت إلى نتائج كهذه ستكون الحركة النقابية والعمالية في مقدّمة القوى الوطنية المساهمة في الخروج الآمن من الأزمة الوطنية لما تملكه من انتشار واسع على امتداد الوطن في مواقع هامة ومفصلية في أجهزة الدولة، وهذا يعطيها القدرة والإمكانية الحقيقية على استئصال المسببات الحقيقية للأزمة، وفي مقدمتها الفساد الكبير المنتشر كالسرطان في كلِّ المواقع الإدارية، والإنتاجية، والخدمية المتعلقة مباشرة بالحاجات الضرورية للفقراء، حيث تسبّبَ الفساد بأزمات معيشية حقيقية طالت كل شيء.
إن الفساد الكبير، والمتوسط يحتاج إلى عملية جراحية قاسية لاستئصاله، وهذا ممكن إذا ما توفرت الإرادة السياسية، والعزيمة العمالية لذلك، وهذا ممكن إذا ما تبنت الحركة النقابية برنامجاً عماليا ًيحشدُ قوى الطبقة العاملة حوله لتلعبَ هذه الحركةُ ومعها كل الطبقة العاملة الدور المطلوب منها في الظرف الراهن عبر البرنامج التالي:
حق الإضراب، والتظاهر السلمي للطبقة العاملة الذي كفله الدستور الجديد.
استقلالية الحركة النقابية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
الدفاع عن القطاع العام الإنتاجي والخدمي، وإعادة تدوير عجلته بما يتوافق مع شروط المعركة الوطنية، بعد أن أنهكته السياسات الاقتصادية الليبرالية، وحوّلت دورَه من قائد للاقتصاد الوطني إلى دور هامشي لا يستطيع مواصلة دوره الريادي.
الدفاع عن القطاع الخاص الإنتاجي ، والارتقاء بدوره ليكون رديفاً حقيقياً للقطاع العام.
مواجهة السياسات الاقتصادية الليبرالية بفاعلية باعتبارها إحدى مسببات الأزمة الوطنية.
رفع الحد الأدنى للأجور بما يتطابق مع مستوى المعيشة.
تعديل القوانين التي أضرت بحقوق الطبقة العاملة، وفي مقدمتها قانون العمل رقم /17/.
مساواة عمال القطاع الخاص بعمال القطاع العام من حيث المكتسبات العامة، والمواقع الأساسية في قيادة الحركة النقابية.
إعادة أموال التأمينات الاجتماعية التي استولت عليها الحكومات السابقة، وهي أموالٌ خاصةٌ للعمال لابدَّ من استثمارها في مشاريع تعود على العمال بالفائدة.
وضع سلّم متحرك للأجور متناسب مع ارتفاع الأسعار.
تعديل قانون التأمينات الاجتماعية ليشملَ جميعَ عمالِ القطاع الخاص، وخاصةً عمال البناء.
انشاء صناديق للمعونة الاجتماعية بما فيها صناديق دعم العاطلين عن العمل.
إن تبني مثل هذا البرنامج ليس ضرورياً لجهة المصالح المباشرة للطبقة العاملة فقط بل هو ضرورة وطنية أيضا في الظرف الراهن ومن الممكن أن يصبح إحدى الأدوات لوضع الصراع الدائر في إطاره الصحيح وانجاز عملية التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل بعيداً عن الصراعات المشوهة التي تسوّق لها قوى الفساد في الداخل والتحالف الرجعي العربي - الامبريالي، الذي يسعى عبر استغلال ظروف الأزمة الراهنة إلى اسقاط سورية ودورها الاقليمي.