إفتتاحية قاسيون العدد 604 : إلـى التغيــير والتحريــر
ينعقد قريباً مؤتمر حزب الإرادة الشعبية العاشر- الأول بعد الترخيص الرسمي- حيث تعتبر «اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين» وماعقدته من مؤتمرات تسعة سابقاً منذ عام 2002 وحتى عام 2011، الأساس الفعلي لحزب الإرادة الشعبية
واستطاع الحزب خلال تلك السنوات تأمين منصة معرفية متقدمة مكنته من صياغة رؤيته السياسية التي أثبت الواقع صحتها، فعودة الجماهير إلى الشارع تحققت، كما تجلى بوضوح تماوت الفضاء السياسي القديم وظهور إرهاصات الفضاء السياسي الجديد، وكان سمت الحزب طوال الفترة السابقة هو: أن استعادة دوره الوظيفي تتحقق فقط عندما تعترف به الجماهير ممثلاً لمصالحها.
ومن هنا مثلت ملاقاة الحركة الشعبية واستكمال العمل على فرز النظام وفرز المعارضة على أسس وطنية لتفكيك الثنائية الوهمية (نظام- معارضة) المهمة الرئيسية الأبرز للحزب منذ المؤتمر التاسع الاستثنائي، وذلك لتهيئة كتلة وطنية قادرة على إيصال البلاد للمخرج الآمن من الأزمة وإنهاء العنف وإنجاز مهمات التغيير والتحرير، وما استدعاه ذلك من مشاركة بالحكومة الإئتلافية الحالية، تمهيداً لحكومة الوحدة الوطنية التي تلوح الآن بالأفق. ولم يكن كل ذلك إلا شوطاً بسيطاً من عملية تجعل من الحزب أداة تغيير بيد الجماهير.
يتزامن مؤتمر حزب الإرادة الشعبية مع تبلور مقدمات الحل السياسي للأزمة السورية (المؤتمر الدولي المزمع عقده في جنيف) كنتيجة للتوازنات الدولية الجديدة الناجمة عن الأزمة المستمرة للنظام الرأسمالي من جهة، وتوازن القوى في الداخل من جهة أخرى بعد أن أثبت الواقع السوري زيف مقولات وأوهام «الحسم» و«الإسقاط» التي قال عنها الحزب منذ البداية أنها قبض للريح.
ويعتبر تبلور الحل السياسي دليلاً واضحاً على صوابية الرؤية السياسية «للإرادة الشعبية»، وتدفع هذه الرؤية الحزب ليكون في مقدمة القوى الساعية لإنجاح هذا المؤتمر بمقدار ما يعبر الأخير عن تطلعات الشعب السوري بوصفه مقدمة فعلية للمخرج الآمن من الأزمة، وذلك عبر رفع وزن وتمثيل القوى الوطنية على طاولة الحوار والخروج بحكومة وحدة وطنية تكون أداة وقف للعنف ونبذ له.
لقد فرضت الحياة تلازم قضيتي التغيير والتحرير لحدود الاندماج تقريباً، وعمل الحزب على تحقيق التغيير الجذري والشامل البنيوي والتدريجي والسلمي الاقتصادي- الاجتماعي والديمقراطي السياسي، وإن مهمة رفع وزن القوى الوطنية على طاولة الحوار عبر الاستمرار بعملية فرز النظام والمعارضة على أساس وطني وعزل المتشددين والفاسدين واللاوطنيين في كل الأطراف، تعتبر مدخلاً رئيسياً لمهماتنا الكبرى المتعلقة بقضايا التغيير والتحرير. حيث ستساهم هذه القوى بإنجاز التغيير المنشود وإدارة المرحلة الانتقالية بما يخدم هذه العملية مع الحفاظ على وحدة أراضي الدولة السورية وسيادتها. وتأتي مشاركة الحزب بوصفه أحد مكونات الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، في تشكيل «ألوية الجبهة الشعبية للتحرير» مقدمة العمل على تنفيذ شعار تحرير كل الأراضي المغتصبة وفي مقدمتها الجولان المحتل.
لقد فرضت الضرورة التاريخية على حزب الإرادة الشعبية أن يكون في المقدمة وعلى كل الجبهات، وتتزايد آمال الجماهير المعلقة عليه يوماً بعد يوم، لأنه اختار منذ توقيع «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين» في أوائل القرن الحالي أن يكون من «المحكومين بالانتصار».