المطلوب إلغاء نتائج الانتخابات
عودتنا انتخابات أعضاء مجلس الشعب التي كانت تجري بإشراف وتحكم الأجهزة الأمنية خلال عقود عديدة، على نجاح، أو بالأحرى تعيين أغلبية ساحقة منهم، ممن يحوزون على رضا وموافقة الأجهزة بمن فيهم رجال الأعمال وقوى المال.
وفي كل انتخابات جديدة كانت تنتج التركيبة السابقة نفسها، وإن تغيرت بعض الوجوه. وهذه التركيبة تكون مطواعة لمن أنجحها، فلا تهتم بمطالب الشعب، وتتحول من دورها في محاسبة السلطة التنفيذية على تصرفاتها السلبية، إلى داعم لها بالتأييد والتصفيق. وكمثال على ذلك إلغاء المرسوم 49 الذي يمنع التسريح التعسفي للعمال، من حكومة يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن مجلس الشعب الذي فيه ــ كما يقال ــ أغلبية من العمال والفلاحين. يا لها من مفارقة عجيبة.
لذلك كان الشعب يعاقب النظام بمقاطعته انتخاب ممثلين في المجلس ورغم ذلك كان يذاع باشتراك نسب عالية من المقترعين، للاستهلاك الخارجي.
لكن بعد إلغاء قانون الطوارئ، وتحميل عملية الإشراف على الانتخابات إلى القضاء، وصدور الدستور الجديد، التي تشكل بمجموعها خطوات إيجابية هامة للانتقال من نظام سياسي أحادي إلى نظام سياسي تعددي، والاتجاه نحو الحل السلمي للأزمة المستعصية منذ أكثر من 14 شهراً، استبشر الشعب خيراً بهذه الانتخابات التي تجري لأول مرة بعيداً من تحكم أجهزة الأمن بها، لكنه لم يعرف بأن دور الأجهزة أو كل إلى اللجان المشرفة على الصناديق، وإلى شبيحة خارجها، يمنعون وكلاء المرشحين من نشاطهم ويهددونهم كماجرى في اللاذقية، لذلك جرت مخالفات قانونية وتزويرات لا تعد ولا تحصى في طول البلاد وعرضها خيبت آمال الشعب بالانتخابات وسقطت الإصلاحات في أول امتحان لها... وحليمة لا تترك عادتها القديمة.
إن هذا يدل على أن قوى الفساد بين المسيطرين على مقدرات أمور الشعب والوطن، تعارض باستمامته الاصلاحات المأمولة، التي من شأنها إن تحققت أن تزيح الفاسدين، من مراكز القرار، وتحاسبهم على ما نهبوه من خيرات الشعب والوطن وتسترده منهم.
البرلمان هو واجهة كل نظام يعكس ماهيته وجوهر حكمه. وأعتقد بأن اي حوار يجري مع المعارضة، سيكون إلغاء هذه الانتخابات أول الشروط فيها. لذلك تفرض حلول هذه الأزمة المستعصية في البلاد ومحاسبة الفاسدين الكبار وطردهم من مراكزهم، وإلغاء هذه الانتخابات كحل أمثل.