عيد الأزمة.. وأزمة العيد
لم يكن العيد عيداً في أول أيام شوال.. كان يوماً رمادياً سرعان ما تلون بالأحمر القاني منذ لحظاته الأولى في العديد من المناطق... الجيش (عيّد) على الحواجز وفي الطرقات والشوارع، وكذلك الأمن والشبيحة ومن لف لفهم، بينما نامت المراجيح في المخازن مع الصدأ الذي راح يأكل مفاصلها، أما الأطفال فـ(عيّدوا) في المنازل على ألعابهم القتالية في الحواسب.. الكبار لميتبادلوا التهاني، بل اطمأن بعضهم على بعض عبر الجوالات في المناطق التي لم يُقطع عنها الاتصال..
مرت مظاهرة مبكرة أمام بائع «الآس» أبو ابراهيم، فراح يتندر عليهم: «خذوا بعض الآس معكم، فبالتأكيد سيلزمكم».. ضحك الجميع، بمن فيهم أولئك الذين لن يعودوا مطلقاً إلى البيوت التي خرجوا منها..
في إحدى الضواحي الساخنة قرب العاصمة، راح الأطفال يهتفون وهم يركبون إحدى المراجيح القليلة التي نصبت احتفالاً بقدوم العيد: «حرية.. حرية.. الشعب يريد إسقاط.....».
عائلات كثيرة استقبلت العيد في المقابر، ليس تكريماً للأجداد أو الأقارب الذين ماتوا منذ زمن بعيد، بل شوقاً إلى الأبناء الذين استشهدوا مؤخراً بنيران بعضهم في الأزقة الوطنية التي يملؤها السديم..
صرخ أبو ياسين صبيحة يوم العيد من على سطح بيته الموشك على السقوط: «يا عالم.. يا هو.. قرّبت الساعة.. القيامة رح تقوم.. وبكرة بتقولوا أبو ياسين قال..»، بينما الناس يقفون غير مبالين على طابور أحد الأفران ليؤمنوا عدة ربطات من الخبز تكفي لأيام العيد القاتمة..