ملاحظات ونواقص
ورد في مشروع البرنامج "المقدمة": (إن الأزمة الرأسمالية العظمى ستغلق الأفق التاريخي نهائياً أمام الرأسمالية) وكرر هذا الاستنتاج في "الرؤية" بقوله: (النظام الرأسمالي العالمي المنتج بطبيعته لأزمات جديدة، سرعان ما أوقعها والبشرية معها منذ مطلع الألفية الثالثة في أزمة عظمى هي الأزمة النهائية للنظام الرأسمالي.. أزمة سدّت الأفق التاريخي نهائياً أمام الرأسمالية).
وجاء في مكان آخر حين الحديث عن الحراك الشعبي وإعادة الاعتبار لفكرة الوحدة العربية وتطوير الفكرة نحو (اتحاد شعوب الشرق العظيم باعتبار سقوط هذه المنطقة وتفتيتها هو الطريقة الوحيدة ليس لنجاة أمريكا من أزمتها فقط، وإنما لاستمرار النظام الرأسمالي العالمي بأكمله).
هذا يعني أن أزمة النظام الرأسمالي العالمية ليست نهائية كما تنبّأ بها مشروع البرنامج، بل يمكن أن تنجو وتستمر.. ما يتعارض مع ما ورد في "المقدمة" وفي "الرؤية". وهذا الالتباس يحتاج إلى إعادة صياغة.
حول الإسلام السياسي: ركّز مشروع البرنامج على الإسلام السياسي بفرعيه "المعتدل" ممثلاً بالإخوان المسلمين و"المتطرف" (القاعدة) نموذجاً. وأغفل كلياً دور الحركات الإسلامية المقاومة (حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي) على سبيل المثال. وبالتالي فإن الاستنتاج بأن الإسلام المعتدل والمتطرف هما وجهان لعملة واحدة دون التفريق بمكونات الإسلام المعتدل، يعدّ نقصاً في هذا الجانب من الحديث عن الإسلام السياسي.
حول الفساد: عُرف عن حزبنا أنه من أكثر الأحزاب تناولاً لقوى النهب والفساد الكبير، والحقيقة أنني أُصبت بالدهشة عندما قرأت مشروع البرنامج وقد استبعد هذا الهدف الوطني بامتياز كأحد المهام الرئيسة لحزبنا في مكافحة الفساد. واقتصر ذكره في حالتين فقط في معرض الحديث عن (إعمار البلاد)، وعن ظروف (إعلان حالة الطوارئ). أيضاً لم يتطرق إلى ظاهرة التهرّب الضريبي والتي هي عملياً أحد مظاهر الفساد. وللعلم فقد قيل قبل سنوات قليلة بأن التهرب الضريبي وصل إلى (200) مليار ليرة سنوياً. وأعتقد أنه في هذه الأزمة قد ازداد كثيراً.
حول القطاع العام (قطاع الدولة): لم أستطع تفسير غياب هذه العبارة من مشروع البرنامج. بالرغم من أهمية القطاع العام (قطاع الدولة) ودوره تاريخياً في صمود سورية في ظل الحصار والعقوبات الاقتصادية. أعتقد أنه من المفيد التركيز على دعم وتوسيع هذا القطاع وتخليصه من العوائق التي تحول دون القيام بدوره على الوجه الأمثل.
الجانب الديمقراطي: على مدار عقود من تاريخ القوى اليسارية في سورية وعلى رأسها الأحزاب الماركسية، كانت تتهيب من طرح مفهوم "العلمانية" في برامجها، بالرغم من أن أوروبا لم تتطور ولم تتقدم إلا بعد أن اعتمدت هذا المبدأ وقامت بفصل الدين عن الدولة وعن المدرسة. إن المطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية لجهة منح المرأة المتزوجة من أجنبي حق تجنيس أولادها بالجنسية السورية، أمر هام. ولكن المطالبة بالزواج المدني الاختياري لا يقلّ أهميةً أيضاً. أعتقد أنه وبعد هذه الأزمة أصبح من غير المقبول أن نتحدث بهمس وحياء عن قناعاتنا الفكرية وعن أسباب تخلفنا وكيفية الخروج من واقعنا إلى فضاء الحضارة الإنسانية في ظل هذا التسارع العظيم لتطور البشرية.
أخيراً إن خلو مشروع البرنامج من أيّ ذكر لوحدة الشيوعيين السوريين، أو حتى اللقاء والتنسيق والتشاور، هذا الشعار الذي كان هدف اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين على مدار أكثر من عقد.. يحتاج إلى توضيح.