آراء وملاحظات حول مشروع برنامج «الإرادة الشعبية» 2
تبدأ قاسيون اعتباراً من العدد الحالي بنشر المواد الواردة إليها لمناقة مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية الذي أطلقه للنقاش العام على صفحات الجريدة
مشروع برنامج ذو طبيعة عصرية!
طوني حصني
يتقدم حزب الإرادة الشعبية بمشروع برنامجه السياسي طارحا إياه للنقاش العام، وعلى صفحات جريدة قاسيون، وبقدر ما يعكس هذا التقليد نشاطاً طبيعيا في حياة الحزب ومؤيديه إلا أنه يكتسي اليوم أهميتة البالغة انطلاقا من تطورات الأزمة الوطنية،بالتزامن مع بدء تغير موازين القوى العالمية ،وانطلاق النقاش حول الحل السياسي للأزمة السورية، وفي الوقت نفسه يكتسب مشروع البرنامج الحالي أهمية إضافية انطلاقا من طبيعته العصرية، ومن هنا تبرز أهمية النقاط الجديدة كلياً التي يبرزها مشروع البرنامج وتحديداً في قسم (الرؤية)،التي هي دوماً جسر الوصل الضروري بين النظرية وبين الحركة اليومية الملموسة في الواقع، حيث أضيفت عناصر جديدة الى رؤية الحزب تزيدها ترابطا وتسمح بوضع استنتاجات جريئة ومتقدمة. سيكون من الصعب استعراض كل هذه العناصر الجديدة بالتفصيل، لكن من الضروري إلقاء الضوء على أهمها بما يساعد في الاجابة على سؤال: كيف يصاغ الخط السياسي لحزب الإرادة الشعبية؟على سبيل المثال هناك فكرة هامة تتحدث عن تعمق الأزمة الرأسمالية العظمى ونهاية القطب الأمريكي الأوحد، ثم تشكل استقطاب جديد من خلال صعود دول رأسمالية (البريكس نموذجا)، والمهم في صيغة البرنامج هو التأكيد أن هذا الاستقطاب مختلف تماما عن مرحلة الحرب الباردة لأن شعوب دول البريكس نفسها في دفاعها عن مصالحها ووحدة أراضيها في مواجهة الامبريالية الغربية تحديدا (إنما تندار بالتدريج ضد الرأسمالية نفسها كنظام اقتصادي اجتماعي) الأمر الذي ينسجم مع مصلحة شعوب دول الجنوب الفقير التي يندمج نضالها الوطني بالاقتصادي ـ الاجتماعي، باتجاه تشكيل الاستقطاب الحقيقي رأسمالية ـ شعوب .(يفسر هذا العنصر في الرؤية معنى الهجوم على الدور الروسي ، مثلا في الأزمة السورية والذي ينطلق من بعض أوساط النظام والمعارضة اللا وطنية على حد سواء). الفكرة المهمة الأخرى هي تطوير لفكرة الحل المركب التي تحلل عملية العدوان على سورية (كما قرأتها تاريخياً اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) فالأمريكان سعوا عبر إقحام الليبرالية الجديدة إلى فرط جهاز الدولة بشقه المدني مع رفع التوتر الاجتماعي ثم محاولة استكمال ذلك من الخارج بالعدوان العسكري المباشر او بأدوات داخلية تستهدف (تفتيت) الجزء العسكري، كما في النموذج السوري. يفضي عنصر الرؤية هذا إلى ضرورة صياغة مؤشر علمي لمفهوم (عدم الرضا الاجتماعي) كأحد العوامل الأساسية لانطلاق موجات الحراك الشعبي. ونسجل أيضا في هذا المشروع تطويراً لمفهوم الثنائيات الوهمية بما يطفو على السطح من ثنائيات تبدو جديدة لكنها تخدم في المحصلة التفتيت وقسم الجماهير على نفسها. العنصر المهم والجديد أيضاً في الرؤية هو مفهوم (الإسلام السياسي) بشقيه المعتدل والمتطرف العنيف وإيضاح دور كل منهما في ضوء المتغيرات. الملاحظة الأخيرة تتعلق بشكل عرض (الرؤية) حيث يمكن إعادة صياغتها وضغطها بشكل يبرز استقلال عناصر الرؤية الأساسية وترابطها في المحصلة النهائية.