تركيا.. والقضية الكردية!

تركيا.. والقضية الكردية!

بات واضحاً ذلك الاهتمام اللافت بالملف الكردي من قوى إقليمية ودولية، والذي يأتي في إطار محاولات الإحتواء التي تلجأ إليها هذه القوى، بغية ضبط إيقاع تطورات المشهد الاقليمي باتجاه يجعل ميزان القوى لمصلحتها ليس في الجغرافيا السورية وحدها بل على امتداد الساحة الإقليمية، .

ولاسيما بعد وصول تداعيات الأزمة السورية إلى كل من العراق وتركيا، وخصوصاً إثر التوترات التي تشهدها المناطق الحدودية السورية المتاخمة لهاتين الدولتين، حيث الحضور الكردي الديمغرافي هو الأبرز

يظن بعض القوميين الأكراد أنه ثمة فرصة تاريخية ينبغي استثمارها، لرفع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الكردي، طالما أن كل القوى في حالة إنهاك، وطالما أن المنطقة أصبحت ساحة مفتوحة للتدخلات الدولية والإقليمية بعد تعقد الأزمة السورية، وعليه فإن «الاستثمار» في الأزمة السورية وتداعياتها الإقليمية أمر مشروع، حتى يصل الأمر بـ «البراغماتية» الكردية إلى حدود محاولة الاستفادة من الدور التركي كلاعب إقليمي.
لاشك إن الاستفادة من التناقضات في المراحل الانعطافية، أمرمبرر حسب تجربة بلدان وشعوب العالم، غير أن خصائص القضية الكردية، وطبيعة المرحلة الانعطافية الراهنة تفرض على من يحاول أن يكون «ممثلاً» للشعب الكردي أن يأخذ جملة وقائع ملموسة بعين الاعتبار:
إن تركيا وكيلاً إقليمياً لبنية عالمية مأزومة، تعيش حالة تراجع على المستوى الدولي، الأمر الذي يتجلى بالانكفاء الأمريكي مقابل صعود قوى جديدة، وهو ما بات معترفاً به أمريكياً، و يكشف عنه التخبط الأمريكي في الملفين السوري والمصري.
إن تركيا تمثل ما يسمى«الإسلام المعتدل» الذي نشهد بداية هزيمته الحتمية إقليمياً انطلاقاً من مصروتونس وتركيا نفسها.
وعليه فإن «وضع البيض» في سلة قوى هي نفسها مأزومة تكون مغامرة غير محمودة العواقب، وفي أحسن الأحوال  ستحاول هذه القوى استخدام الملف الكردي مجرد ورقة ضغط في الصراع الاقليمي والتخلي عنه في المرحلة الحاسمة من الانعطاف الجاري، بحكم موقع الأكراد «الضعيف» في التوازن الاقليمي، وهو ما تؤكده التجربة الكردية ذاتها منذ سايكس بيكو.
لقد دفع الشعب الكردي تاريخياً أثماناً باهظة جراء ثلاثة أسباب فعلت فعلها في مسار تطورات القضية الكردية على مدار ما يقارب قرناً من الزمن:
التقسيمات الاستعمارية منذ سايكس بيكو
سياسات الأنظمة الحاكمة منذ الاستقلال.
الأخطاء الاستراتيجية للقيادات الكردية، وإذا كان السببان الأول والثاني مفهومين في سياق تناقض المصالح، وتعقيدات السياسة وتوازن القوى، فما معنى أن تتكرر ولأكثر من مرة هذه الأخطاء ذات الطابع الاستراتيجي من بعض القيادات الكردية، ليدفع الشعب الكردي ثمن ذلك، وما معنى تنسيق البعض اليوم مع الأتراك، لابل حديث هذا البعض عن إمكانية لعب تركيا دوراً في التوافق الكردي – الكردي؟
إن شعوب الشرق عموماً ومنها الشعب الكردي أمام مرحلة تاريخية جديدة، والخيار الوحيد أمام هذه الشعوب هو وحدة نضالها   على أساس الحفاظ على السيادة الوطنية، والاعتراف المتبادل بالحقوق، واحترام الخصوصية وصولاً الى وحدة شعوب الشرق العظيم ضد الفوضى الخلاقة، ومحاولات دفع الأمور نحو الاحتراب القومي والديني والطائفي.