وأخيراً وصل..!
تثبت التجرية العملية والواقع يوماً بعد يوم مدى صحة ودقة رؤية حزب الإرادة الشعبية وحلفائه في الجبهة الشعبية، فلأشهر طويلة من عمر الأزمة السورية ظل الحزب يقول أن المتشددين في النظام والمتطرفين في المعارضة يرفضون الحل السياسي،
كما أكد مراراً أن الحل العسكري هو قبض للريح ولن يكون غير الحل السياسي مخرجاً وحيداً وآمناً من الأزمة. بالنسبة لجمهور الحزب كان هذا أمراً مستشرفاً مبنياً على قراءة علمية دقيقة للواقع من جهة وعلى التماس كل مجريات الأحداث على الأرض من جهة أخرى.
كان حزب الإرادة الشعبية منذ البداية في طليعة قوى المعارضة الوطنية التي دافعت عن الحركة الشعبية وعن مطالبها المحقة وسعى بكل الأدوات السلمية لذلك، وهذا ما مكنه من صياغة رؤية للخروج الآمن من الأزمة التي كان أهم مفرداتها «الحل السياسي»، ناهيك عن حديثه المبكر حول «وهم الحل العسكري» لأي جهة كانت، وضرورة عزل المتشددين من الطرفين.
يصل المعارض الوطني هيثم مناع اليوم ولو متأخراً لهذه الحقيقة، ورغم تجاهله منذ البدايات لطروحات الجبهة الشعبية وحزب الإرادة حول الحل السياسي، فكان هو ومن يمثل في هيئة التنسيق ولفترات طويلة من المراهنين على غير الحل السياسي، كفكرة «التدخل العربي» والتعويل على ضغوطات دولية والتي تحدث عنها مراراً رفيقه في هيئة التنسيق الأستاذ حسن عبد العظيم، ناهيك عن تبريرهم لظاهرة التسلح منذ بداياتها، كما ظلو لفترات طويلة يعتبرون أن النظام هو كتلة صماء لا مجال لفرزها ولا تمييز فيه بين متشددين ومعتدلين فيه.
اليوم يقول هيثم مناع التالي ونقلاً عن جريدة القدس العربي ووكالة يو بي آي:
«هناك ضرورة تملي على الأطراف الأساسية، الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة، عقد مؤتمر (جنيف 2) في أسرع وقت، لأن العد العسكي في حرب الاستنزاف الدائرة في سورية يصب، وكما نرى، في خدمة التكفيريين في المعارضة والمتطرفين في السلطة».
وأضاف في معرض رده على أحمد الجربا رئيس ائتلاف الدوحة الذي دعا إلى إنشاء «جيش وطني موحد»:«لا يمكن الحديث اليوم لا في نصر عسكري ولا في خيار عسكري»..
وهنا نقف عند المواقف المتناقضة لهيئة التنسيق بين السابق والحالي، فتلك المواقف من الممكن أن تكون أخطاءً سياسية، وبالتالي علينا التساؤل كيف سيقيم الشعب السوري الهيئة حالياً؟ ولماذا ظلت الهيئة تستكبر الحوار مع قوى المعارضة الوطنية وتعاملت بعقلية (الحزب القائد).
وفيما لو افترضنا أنها لم تكن أخطاءً فستكون النتيجة أن مواقفها السابقة تعبر عن مواقف سياسية مبينة وفقاً لتوازنات وتوقيتات محددة كان فيها التدخل الخارجي ممكناً، وتغيرت هذه المواقف تدريجياً مع تغير الموازين السياسية التي أفضت لمنع التدخل الخارجي.
من الشائع أن يقال للمعارض الوطني هيثم مناع في هذا الإطار:«أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، لكن عندما يكون المتأخر هو ممثل لقوى سياسية فيمكننا القول إن أحد مقاييس مدى أصالة وثورية القوى السياسية هو رؤيتها الاستراتيجية الدقيقة لمعطيات الواقع السياسي ومجريات الأحداث لأجل التحكم بمسارها.