«ماما تيريزا» تبحث عن سلّم!
قطعت التصريحات المتناقصة للدبلوماسية الأمريكية خلال الأسبوع الفائت الشك باليقين، وأكدت بأن مطبخ القرار الامريكي في حالة ارتباك، وتردد وحيرة، وعدم القدرة على اتخاذ القرار النهائي، فيما يتعلق بالخيارات الموضوعة أمامه فيما يتعلق بالأزمة السورية.
في التفاصيل: وبعد تعليق العمل بالهدنة، قالت واشنطن في البداية إنها أوقفت أي حوار مع روسيا حول تسوية الصراع السوري، و بعد يومين قالت إنها لا ترفض الحل السياسي وترى أهمية مواصلة البحث عن المخرج، وبعد مرور يوم آخر أعلنت أنها لم تقطع التعاون مع روسيا في هذا الاتجاه، وإنما علقته لبعض الوقت!!!
وجاءت مبادرة دي مستورا اليوم، بإمكانية انسحاب مسلحي جبهة النصرة من شرق حلب، في السياق نفسه، فكلام المبعوث «الاممي» ما هو إلا «وحي يوحى» بالعادة، وهو في هذه الحالة رسالة صريحة بإمكانية العودة إلى تحقيق الشرط الروسي بفرز المسلحين، بعد أسبوع من محاولة لعب دور الـ «ماما تيريزا» والتباكي على الدم السوري، ومحاولة بائسة لتحميل الطرف الروسي وزر تصعيد الموقف.
الدبلوماسية الروسية، المرنة، والذكية، التي فهمت حرج «الشريك» الامريكي بادرت على الفور إلى تأييد المبادرة، لتؤكد للمرة الألف بأن الحل السياسي ماركة روسية، لا تقبل التقليد.
إن المدخل لفهم مغزى الوقائع آنفة الذكر، وعمقها، هو ميزان القوى الدولي، وتأثيره ليس على عدم قدرة واشنطن في التحكم بالملفات الدولية فحسب، بل أيضاً على ميزان القوى الداخلي في الإدارة الامريكية بين والتيار العقلاني و التيار الفاشي، الذي لم يحسم حتى الآن لينعكس تخبطاً وتراجعاً أمريكياً في كل الملفات الدولية.