عرض العناصر حسب علامة : افتتاحية قاسيون

معايير نجاح «موسكو»

تفصلنا أيام قليلة عن انطلاق المباحثات السورية- السورية من «منصة موسكو»، ضمن ما بات يعرف بلقاء موسكو التشاوري، والذي تنظر إليه غالبية السوريين بوصفه فسحة أمل تنفتح أمامهم مجدداً منذ توقف جنيف2، ويتمنون اتساعها لتؤمن خروجهم من الكارثة المستمرة.

اجتماع موسكو: المواقف ودلالاتها..!

يبرز إلى سطح المشهدين السياسي والإعلامي، مع اقتراب موعد اجتماع موسكو التشاوري الممهد لجولة جديدة من جنيف، الاصطفاف القديم الجديد بين أنصار الحل السياسي وأعدائه، وهو اصطفاف حقيقي عابر لـ«الموالاة» و«المعارضة» لأنّه يضع في خندق واحد المتشددين الذين يريدون الاستمرار باستنزاف سورية حتى النهاية أو الذين يقبلون بهذا الاستمرار بغية تحصيل قطعة أكبر من «الكعكة، مقابل جبهة الباحثين عن حل سياسي للأزمة السورية العاصفة.

مسار الحل السياسي

تقترب الأزمة السورية من إنهاء عامها الرابع. أربعة أعوام تصاعد خلالها الصراع بشكل مستمر بين أطراف مختلفة، داخلية وخارجية، وتحت عناوين وشعارات متباينة ومتناقضة، لكن الصراع الأساسي الذي عملت أطراف متعددة على تغييبه كان ولا يزال بين الحل السياسي الحقيقي الذي يفتح الباب نحو التغيير الوطني الديمقراطي الجذري العميق والشامل، وبين «الحلول» العسكرية «حسماً» و«إسقاطاً» التي تسعى من جانب إلى إغلاق الباب نهائياً أمام أية تغييرات، ومن الجانب الآخر وفي أحسن الأحوال إلى إحداث تغييرات شكلية همها «تداول السلطة» بما يعني إعادة تقاسم النهب ضمن النظام الاقتصادي الاجتماعي القائم نفسه.

التنازلات المطلوبة هي للشعب السوري

كلما تسارعت تحضيرات اجتماعات موسكو التشاورية المزمع عقدها في أواخر الشهر الأول من العام المقبل، ازداد عويل المتشددين من كل حدب وصوب ضمن سعيهم إلى إفشال تلك الاجتماعات عبر جملة من المقولات والادعاءات التي يقومون بتأليفها كل يوم انسجاماً مع رغباتهم المتهاوية، ناسبين إياها للروسي تارة، وللأمريكي تارة أخرى..! غير أن أصواتهم تلك يضعف تأثيرها أكثر فأكثر كلما اقترب الموعد..

إعاقة الحل.. رفع مجاني لدور الخارج..!

تتراكم المؤشرات التي تدل على تقدم الجهد الروسي الساعي لإعادة إحياء مسار الحل السياسي في سورية، وتصريح السيد حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني الذي ثبّت موقف بلاده الداعم للجهد الروسي ليس آخر تلك المؤشرات. هنالك أيضاً إشارات دبلوماسية متعددة تتحدث عن تلمسها بدايات تحول في الموقف التركي. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إعلان واشنطن والغرب موافقتهم على الجهود الروسية، بدأ بالتحول نحو محاولة التكيف عبر البحث عن مكان في هذا الجهد، وذلك عبر تنشيط دورها المفترض كوسيط دولي وكأحد «الرعاة» الدوليين، وسواء كان نشاطها في إطار إنجاح الجهد الروسي أو إعاقته وتفخيخه، فإنّه يشير إلى جدية الجهد الروسي واحتمالات نجاحه العالية التي تضطر واشنطن إلى العمل لتكون جزءاً منه، بشكل أو بآخر.

التحضيرات الروسية والمسؤولية الوطنية

تتوالى التصريحات والتحركات الروسية التي تبشر بقيام جهود جدية جديدة تهدف إلى إحياء مسار الحل السياسي في سورية، ضمن مؤسسة جنيف وقاعدته، بهدف أول يتمثل في وقف نزيف الدماء ووضع حد للكارثة الإنسانية التي تستمر وتتعمق مع اقتراب الأزمة السورية من إنهاء عامها الرابع، وهي تزداد تدميراً ودموية وتهديداً لبقاء سورية موحدة أرضاً وشعباً مع كل يوم جديد من أيامها.

الحل السياسي.. موضوعياً وذاتياً

بعيداً عن تلك القراءات والتحليلات والمواقف التي لا تزال أسيرة مقولات «القرن الأمريكي الجديد» و«الانتصار النهائي للرأسمالية» و«أحادية القطب الأمريكي»، فإن معطيات السنوات الأخيرة الماضية، التي يبرز فيها اتساع مروحة النشاط الإطفائي الروسي لبؤر التوتر والتوتير أمريكية المصدر، من أوكرانيا وحتى قلب أفريقيا، تثبت مجدداً حقيقة أن التراجع الأمريكي مستمر، بغض النظر عن الهجمات المعاكسة التي تشنها واشنطن بلبوس وأشكال مختلفة في ساحات

مضمون الحل السياسي

تسود اللوحتين السياسية والإعلامية المحلية والعربية وحتى الدولية، جملة متناقضة من التفسيرات والتحليلات المتعلقة بالتطورات الدبلوماسية الأخيرة للأزمة السورية. وعلى الرغم من التناقضات العديدة في تلك التفسيرات إلا أنّها تقر جميعها بانفتاح الأفق مجدداً أمام عودة مسار الحل السياسي في سورية، الأمر الذي يعني ضمناً أنّ التلاعب الإعلامي بالتسميات والآجال وغيرها من القضايا الشكلية ليست إلا محاولة للتشويش على الحل، وهي تعكس آمال أطراف لا تريد التخلي عن مقولات «الحسم» و«الإسقاط»، وهي المحاولات التي سرعان ما ستذهب أدراج الرياح مع التقدم باتجاه الحل.

ضرورات الحل السياسي

يتكثف في هذه الأيام، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية المختلفة، الحراك الدبلوماسي المتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية. ويبرز الجهد الروسي في هذا الحراك، الذي بدأت بعض تفاصيل عناوينه وتحضيراته بالظهور إلى العلن مؤخراً، يبرز قابضاً على زمام المبادرة بالتدريج، مما يعكس التغيير التراكمي البطيء الجاري في ميزان القوى الدولي في السنوات الأخيرة. ومما لا شك فيه أنّ التحضيرات استغرقت فترة طويلة، وشملت أطرافاً متعددة دولية وإقليمية، قبل أن يجري تداولها. ويمكن استنتاج ذلك من طريقة العمل الروسية الهادئة ولكن الدؤوبة باتجاه واحد طوال عمر الأزمة هو اتجاه الحل السياسي، وكذلك من جملة المؤشرات وردود الأفعال التي تؤكد جدّية تلك التحضيرات، ما يعني أننا أمام فرصة هامة لإخراج البلاد من الكارثة، فرصة لا يجوز ولا يحق لأي كان إضاعتها.

المهمة الأساسية

تتسارع منذ فترة وتيرة الجهود المبذولة لإحياء مسار الحل السياسي في سورية عبر إنعاش مسار (جنيف). وتأتي هذه التحضيرات- التي تشكل مدخلاً هاماً للعودة نحو الحل السياسي- لتعبر عن الجهد الذي يبذله أصدقاء سورية من جهة، ولتعبر من جهة أخرى عن إجمالي الخسائر التي تلقتها «واشنطن» منذ ما بعد «جنيف-2» وبخاصة تعثر كل من أداتها المستحدثة «داعش» و«تحالفها»، إضافة إلى جملة التراجعات والأزمات الاقتصادية التي تعيشها،