مخلفات عصر الزِّيتون كمنتجات صديقة للبيئة

مخلفات عصر الزِّيتون كمنتجات صديقة للبيئة

تحت عنوان «استخدام مخلفات عصر الزِّيتون في الحصول على منتجات صديقة للبيئة» قدمت الباحثة ندى أحمد حسين في مجلة جامعة تشرين للعلوم البيولوجية بحثاً عن ذلك.

أجري البحث في محافظة طرطوس، في المنطقة الصّناعية وكلية الهندسة التقنية عام 2012، وأثبت البحث إمكانية الإسراع في التّخلّص من العرجوم من أمام المعصرة، وإمكانية تصنيع العرجوم من خلال كبسه وإنتاج قطع من العرجوم المكبوس للتدفئة المنزلية أو تحويله إلى فحم للشوي، وهذه منتجات قليلة الدخان، وذات رائحة خفيفة صديقة للبيئة، وأظهرت نتائج البحث الآتي:

إنتاج قطع من العرجوم المكبوس تستخدم للتدفئة يمكن التحكم بطول هذه القطع وبضغطها حسب الطلب، وبذلك نسهم في حلِّ مشكلة التدفئة في الشتاء، ونقلل من الأخطار البيئية لتراكم العرجوم.

لدى مقارنة السّماد العضوي Compost )الكومبوست) من العرجوم المسحوب الزِّيت مع سماد مخلوط قلف السنديان والقش وزرق الدجاج تبين وجود فروق معنوية لكل من الآزوت والبوتاس، وعدم وجود فروق معنوية لكل من المادة العضوية والرماد والفوسفور ودرجة الحموضة، وامتاز الكومبوست بمحتواه القليل من البولي فينولات، وبلغ رقم شتيازني في مستخلص كلٍّ من الماء البارد والساخن 0.277 و 8.62 على التوالي، في حين بلغ رقم شتيازني للسماد المخلوط في مستخلص الماء البارد والساخن 10 و 16 على التوالي.

عدم وجود فروق معنوية بين متوسطات كلٍّ من الحرارة النوعية وحرارة الاحتراق لكل من الفحم المنتج من الدّقة وفحم السنديان، وكان أقل فرق معنوي لهما 0.430 و 1.054 على التوالي، وامتاز فحم الدّقة برائحة شبه معدومة وبدخان قليل، وباشتعال سريع، وبلغت تكلفة إنتاج الكغ الواحد منه 5 ليرات سورية.

الزيتون كزراعة متوسطية

تعد زراعة الزيتون إحدى السمات الأساسية للزراعة المتوسطية، وقد عرفت منذ أكثر من 6000 عامٍ وتعد سورية الموطن الأصلي لهذه الشجرة، ومنها انتقلت إلى باقي دول حوض المتوسط.

ويعد محصول الزيتون في سورية من أهم محاصيل الأمن الغذائي، إذ يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الدخل، بعد محصولي الحبوب والقطن، حيث تغطي بساتين الزيتون في سورية مساحة 544. ألف هكتار، تضم 80 مليون شجرة زيتون، تشكل 10% من مجمل المساحة المزروعة، و65% من مجمل المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة، وتحتل سورية اليوم المركز الثاني من حيث الإنتاج على مستوى العالم العربي، والمركز الرابع على المستوى العالمي، وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة مضطردة في الإنتاج إذ بلغ الإنتاج الكلي من الزيتون في العام  2007  519315  طناً من الثمار (المجموعة الإحصائية الزراعيةً ) في حين وصل في عام 2011 إلى 900000 طن أي بزيادة 380685 طنٍ خلال أربع سنوات.

الزيتون أحد مفاتيح الاقتصاد السوري

ويعد قطاع الزيتون أحد مفاتيح الاقتصاد السوري؛ لما له من أهمية في تشغيل اليد العاملة، إذ بلغ عدد الأسر العاملة في زراعة الزيتون، وعصره، والمتاجرة به حوالي 300 ألف أسرة، أي ما يعادل 15% من مجمل القوة العاملة في سورية.

ويعد إنتاج زيت الزيتون من أقدم الصناعات الزراعية، إذ ارتبط استخلاص زيت الزيتون واستخدامه بحضارات منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من 6000 سنة، وما تزال هذه الصناعة حتى يومنا هذا مهمةً اقتصادياً للعديد من بلدان البحر الأبيض المتوسط، وينتج حالياً أكثر من 30 مليون متر مكعب من المخلفات الصلبة والسائلة الناتجة عن عصر الزيتون، تختلف نسب ونوع مكوناتها وفق عوامل مختلفة مثل: طبيعة عمليات المعالجة، ونوع الزيتون، والمنطقة، ونوع عمليات الخدمة، ومرحلة النضج، وزمن الجني.

مخلفات عصر الزيتون

ومن مخلفات عملية عصر الزيتون ماء الجفت، والعرجوم (البيرين). ويتم التخلص من ماء الجفت إما من خلال شبكة الصرف الصحي، أو تجميعه ونقله، وقد يترك حراً في الأراضي الزراعية.  ويعد ماء الجفت مادة ملوثة للبيئة، إذ وجد، عندما يترك ًيسيل حراً في الأراضي الزراعية يسيل،ويسبب جفاف النباتات في منطقة السيل وهذا يؤكد احتوائه على مواد سامة. وقد أشار الباحثون إلى احتواء ماء الجفت على نسبة عالية من البولي فينوالت التي تتميز بسميتها للأحياء الدقيقة، وهذا ما يجعل من معالجة ماء الجفت واستخدامه من أهم المشاكل البيئية المتعلقة بهذه المخلفات. أما العرجوم فيخرج من خلال ناقل حلزوني ليتجمع خارج المعصرة، ثم يورد إلى معامل التصنيع تدريجياً. أو في نهاية الموسم يحتوي العرجوم على نسبة من الزيت يتم استخلاصه بالمذيبات العضوية باستخدام مادة النفتا الخفيفة Naphtha في معامل العرجوم الخاصة، ويطلق على العرجوم المستخلص منه الزيت العرجوم المسحوب الزيت، ويستخدم الزيت الناتج المستخلص في صناعة الصابون، أما العرجوم المسحوب الزيت فيستخدم، عادة، في مجال الحرق، والتدفئة، والعلائق العلفية، وصناعة الفحم، وفي إصلاح بعض الترب الزراعية. ونتيجة للأحوال الأمنية السائدة في سورية اضطر بعض أصحاب معاصر الزيتون، بسبب عدم إمكانية التسويق، إلى تكويم العرجوم بجانب المعصرة، كما استأجر بعضهم الآخر أراض زراعية خاصة لهذا الغرض. وهذا ما سبب مشكلة بيئية كبرى من حيث الرائحة، والمنظر، وتلوث التربة من خلال الانسياب الطبيعي للزيت المتبقي في العرجوم بسبب الضغط الناتج عن التكويم.