تحويل النفايات العضوية إلى سماد طبيعي بحلب

تحويل النفايات العضوية إلى سماد طبيعي بحلب

قدم الباحث مفيد شرحولي من قسم الهندسة البيئية،  التابع لكلية الهندسة المدنية، في جامعة حلب بحثاً في مجلة بحوث جامعة حلب (سلسلة العلوم الهندسية) في العام 2014، بعنوان «تحويل النفايات العضوية إلى سماد طبيعي (محسنات التربة(، دراسة حالة: نفايات الخضار والفواكه بحلب»

تعتبر عملية معالجة النفايات الصلبة والتخلص النهائي منها من أهم العناصر الوظيفية لإدارة النفايات الصلبة، والتي تحتاج إلى حلول علمية مقبولة للحفاظ على البيئة. يعتمد تحديد الطريقة المثلى للتخلص من النفايات الصلبة على مكونات هذه النفايات وعلى واقع المدينة التي تخلف هذه النفايات وعلى الإمكانات المالية المخصصة للتخلص من النفايات.
بدائل عن التلوث
تتميز نفايات الكثير من المدن العربية باحتوائها على نسبة كبيرة من المواد العضوية التي هي نفايات الخضروات وبقايا تحضير الطعام، وبالتالي فمثل هذه النفايات تحتوي على معدل رطوبة عالٍ مقابل نسبة مواد قابلة للاحتراق منخفضة، أي أن القيمة الحرارية الدنيا للنفايات منخفضة.
تعاني أغلب الدول العربية الحارة من قلة المواد العضوية في التربة كما تشكو هذه المناطق من قلة موارد المياه العذبة، ونظراً للزيادة السكانية وزيادة الطلب على إنتاج الغذاء ومع النقص الشديد في مساحات الأراضي الزراعية وانخفاض محتواها من المادة العضوية فقد تم استخدام الأسمدة المعدنية والمبيدات لزيادة الإنتاجية مما أدى إلى تلوث البيئة. ولذلك تم اكتشاف بديل فعال لتقليل التلوث الناتج عن استخدام الكيمياويات الزراعية وهو إعادة استخدام النفايات العضوية بتحويلها إلى محسنات التربة (الكومبوست)، حيث تحسن المادة الناتجة الخواص الزراعية للتربة التي تخلط بها، وتزيد من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء، مما يساهم في زيادة إنتاج واحدة المساحة من الأرض وهذا يعزز الأمن الغذائي اعتماداً على الذات.
إدارة النفايات في حلب
تم تحليل وضع إدارة النفايات في أسواق بيع الخضار والفواكه بحلب وكانت أهم النتائج التي تم التوصل إليها هي: أن النفايات الصلبة الناتجة عن هذه الأسواق تحتوي على نسبة عالية من المواد العضوية وبمعدل وسطي 81.7 % ونسبة الرطوبة الوسطية 68.4% ، وكما هو معروف فإن ردم أو طمر هذه النفايات منع عالمياً لأسباب علمية وبيئية حيث أن النفايات العضوية في المطامر لا تتحلل بسرعة وتسبب إنتاج غاز الميتان غير المراقب، مما يؤدي لاشتعال النفايات بشكل ذاتي بالإضافة لمساهمتها بتلوث المياه الجوفية والتربة المحيطة، مع العلم أن معالجة وتدوير المواد العضوية يمكن أن تتم بطرق بسيطة جداً حيث يتم معالجتها بيولوجياً وذلك بهدف الاستفادة منها إما في تصنيع السماد العضوي أو في إنتاج الغاز الحيوي.
صعوبات التدوير والمعالجة
كما تبين أن النقص في نظام تخزين النفايات الصلبة الموجود وجمعها بدون فرز يزيد من صعوبة تدويرها ومعالجتها، كما يتم التخلص من القسم الأعظم من النفايات الصلبة برميها مباشرةً في مكبات مفتوحة مما يخلق أخطاراً بيئية متعددة. بشكل عام، إن نظام إدارة النفايات الصلبة بحلب وبشكل خاص النفايات الناتجة عن أسواق بيع الخضار والفواكه بحلب يحتاج إلى تحسين وتطوير من أجل أن يتم تطبيقه بشكل ناجح وفعال مما يؤدي إلى تقليل المشاكل البيئية والصحية الناتجة عن النفايات الصلبة. ونتيجة ارتفاع نسبة المواد العضوية الموجودة في نفايات أسواق الخضار والفواكه فقد تم استخدام طريقة التحلل الهوائي للنفايات العضوية (الكومبوست أو التحويل إلى محسنات التربة) لمعالجة هذه النفايات.
فرز النفايات
وتم خلال العمل فصل المواد غير القابلة للتحلل الحيوي (المرفوضات) وخاصة المعادن والزجاج والمواد اللدنة القابلة للاسترجاع والتي قد تضر بجهاز فرم النفايات. وفرم النفايات القابلة للتحلل الحيوي بهدف زيادة السطح النوعي للمواد العضوية وبالتالي تسهل وتسرع مهمة الأحياء الدقيقة في تفكيك المادة العضوية، ومن ثم التخمير الهوائي للنفايات المفرومة وذلك بتأمين الهواء اللازم وأحياناً الماء حتى تتمكن الأحياء الدقيقة من إنجاز عملية التحلل بكفاءة عالية، وإنضاج نهائي لمحسنات التربة الناتجة (الكومبوست) لإيصالها إلى استقرار في درجة الحرارة ولتحويل كامل الأمونيوم إلى نترات، ولخفض حاجتها للأكسجين. ومن ثم فرز المادة الناتجة (الكومبوست) حسب الطلب والمرحلة الهامة في حلقة الفرز هي مرحلة النخل، والجزء ذو الأبعاد الكبيرة يعتبر منتوجاً من الدرجة الثانية.
ما خلص إليه الباحثون
وخلص البحث إلى النتيجة التي تؤكد على أن عملية معالجة النفايات الصلبة والتخلص منها من أهم المشاكل التي تواجه البلديات ومجالس المدن نظراً لتأثيرها السلبي على البيئة والصحة العامة من جهة، وارتفاع تكاليف عمليات الجمع والنقل والتخلص من الكميات الكبيرة المتولدة من جهة أخرى. وإن أهم ما يميز تركيب النفايات الصلبة البلدية في معظم الدول النامية هو احتواؤها على جز كبير من النفايات العضوية القابلة للتحلل البيولوجي (نفايات الخضار والفواكه والنفايات الزراعية ونفايات الطعام وغيرها...) حيث تصل أحياناً إلى 80% من نسبة تركيب النفايات. لذلك تعتبر عملية المعالجة البيولوجية للنفايات بتحويلها إلى محسنات تربة (كومبوست) من أهم الطرق المتبعة لمعالجة النفايات العضوية نظراَ لأهميتها البيئية والاقتصادية. تقوم الدراسة الحالية بتطبيق طريقة المعالجة البيولوجية الهوائية للنفايات العضوية الناتجة عن أسواق بيع الخضار والفواكه بمدينة حلب بتحويلها إلى كومبوست وباستخدام جهاز معالجة تم تصنيعه محلياً. حيث بينت النتائج أن الجهاز المستخدم يساعد على تحويل النفايات العضوية إلى محسنات تربة ذات نوعية جيدة وتوافق المواصفات السورية للسماد العضوي المصنع وخلال فترة قصيرة وبطريقة صحية لا تضر بالبيئة، وهذا يؤكد على ضرورة معالجة النفايات العضوية بيولوجياً بشكل صديق للبيئة لإنتاج محسنات تربة تساعد على تحسين خواص التربة بالإضافة إلى تخفيض المساحة المخصصة لطمر هذه المواد.
توصيات البحث
ومن أهم التوصيات التي توصل إليها البحث، ضرورة استغلال النفايات العضوية الناتجة من أسواق بيع الخضار والفواكه في المعالجة البيولوجية الهوائية، إن استغلال هذه النفايات بهذا الاتجاه له مزايا متعددة حيث يتم معالجة النفايات والتخلص منها بشكل صديق للبيئة ويتم إنتاج محسنات للتربة قابلة للتسويق، وضرورة فرز وعزل النفايات عند مصادر توليدها بمساعدة المؤسسات المعنية، وضرورة تطبيق طرق معالجة بيولوجية هوائية أو لا هوائية متقدمة لاستغلال المواد العضوية كتحويلها إلى محسنات التربة و الحصول على الغاز الحيوي القابلان للتسويق، وعدم التخلص منها برميها في المطامر وبالتالي تقليل كمية الفضلات المراد التخلص منها وحماية البيئة من التلوث.