كذبة كبرى بحجم طريق: الحرير «فخ الديون» الصيني
 عروة درويش عروة درويش

كذبة كبرى بحجم طريق: الحرير «فخ الديون» الصيني

في السنوات الأخيرة، غذّى الإعلام الغربي النقاشات السياسية والإعلامية أطروحة تقول:
إن الصين تمارس ما يُعرف بدبلوماسية «فخ الديون» أي إغراق الدول النامية في قروض غير مستدامة بقصد السيطرة على أصولها الاستراتيجية. هذه الرواية، التي تُقدَّم على أنها حقيقة ثابتة، تنتشر بكثافة في الخطابات الغربية. لكنها، عند إخضاعها للتحليل الجدلي القائم على المعطيات الاقتصادية والتاريخية، تتهاوى تماماً.

إن الواقع، كما تكشفه الأرقام والوثائق، مختلف تماماً: فالممارسات التمويلية الصينية، لا سيّما في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، تختلف جذرياً عن الصورة الكاريكاتورية الذي يتبناها من يدّعون لأنفسهم لقب اقتصاديين، خاصة في الدول «الطرفيّة» مثل: سورية، التي تُرسم لهم في الإعلام الغربي. والأسوأ من ذلك، أنّ استمرار تداول هذه الأسطورة يكشف عن دوافع جيوسياسية عميقة، لا علاقة لها بواقع التنمية، أو بسلوك الدائنين الفعلي.

سردية فخّ الديون

في جوهرها، تعرض رواية «فخ الديون» على أن الصينَ مفترس جيوسياسي يستخدم أدوات التمويل للإيقاع بالدول الأضعف. وفقاً لهذه الرواية، تقوم بكين عبر بنوكها الحكومية بمنح قروض ضخمة– غالباً لمشاريع بنية تحتية عملاقة– ثم تفرض شروطاً غير متكافئة تؤدي، عاجلاً أم آجلاً، إلى عجز الدولة المدينة عن السداد. عندها، تمتنع الصين عن إعادة الجدولة وتقوم «بمصادرة» الأصول الاستراتيجية، مثل: الموانئ أو المناجم، فتكون قد انتزعت النفوذ والسيادة بأداة الدين. ففي عام 2018 مثلاً: اتهم نائب الرئيس الأمريكي حينها، مايك بنس، الصين باستخدام «الدبلوماسية القائمة على الدين» لفرض الهيمنة على دول الجنوب. وقد ذهب أبعد من ذلك بالقول: إن «الصين لا تُغرق الدول في بحرٍ من الديون فحسب، بل تشد الخناق عليهم بحزام خانق».

تُعتبر قضية ميناء «هامبانتوتا Hambanthota» في سريلانكا المثال الأبرز في هذا السياق. وفقاً للرواية الرائجة، اقترضت سريلانكا مليارات من الصين لبناء الميناء، وعندما عجزت عن السداد، «أجبرتها» بكين على تسليمه لمدة 99 عاماً، مما اعتُبر دليلاً صارخاً على الفخ المنصوب. ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه الحادثة «الرمز» المثالي لحجة فخ الديون.

أمثلة مشابهة تكررت: انتشرت في كينيا تقارير عام 2018 تُحذّر من أن الصين قد تستولي على ميناء «مومباسا» في حال عجزت كينيا عن سداد قروض السكك الحديدية. وفي أوغندا، ظهرت مزاعم تفيد بأن بكين قد تستولي على مطار «عنتيبي». وزامبيا لم تسلم من هذه المزاعم، حيث حذّرت بعض التقارير من احتمال فقدانها لشركات الكهرباء الوطنية.

اللافت، أنّ وسائل الإعلام الغربية كثيراً ما تستخدم لغة درامية في هذا السياق: تصف «هواوي» مثلاً بأنها حصان طروادة لاختراق البنى التحتية الغربية، وتُشيطن سكك الحديد والموانئ الصينية على أنها «واجهات مدنية» لمشاريع توسعية. هكذا تتحول كل شركة صينية إلى تهديد أمني، وكل قرض إلى مشروع هيمنة مقنّع.

الواقع القائم على البيانات

على النقيض من رواية فخ الديون، يكشف التحليل الكمي للبيانات المالية والميدانية أنّ الممارسات الإقراضية الصينية تختلف بشكل جوهري عن تلك الصورة الدعائية. من معدلات الفائدة وفترات السداد، إلى نسبة الديون المستحقة، مروراً بالتعامل مع حالات التعثر، لا يوجد ما يدعم فرضية الاستيلاء القسري، أو الاستراتيجية الممنهجة لاحتلال الأصول.

أول ما يجب التحقق منه هو: من يُشكّل فعلاً العبء الأكبر على كاهل الدول النامية؟ هل هي الصين؟ الإجابة المختصرة: لا.

في القارة الأفريقية مثلاً، تمثل القروض الصينية بأكملها «بما في ذلك القروض التجارية والحكومية» حوالي 12% فقط من إجمالي الديون الخارجية، بالمقابل، فإن حوالي 35% من الديون مستحقة لصالح دائنين من القطاع الخاص، أغلبهم من مصارف وشركات غربية. أي أن أفريقيا مدينة للغرب بثلاثة أضعاف ما تدين به للصين.

تكشف كلفة سداد هذه القروض تناقضاً في الرواية الغربية أيضاً. فبينما تُتهم الصين بأنها تفرض فوائد خيالية، تُظهر الإحصاءات أن متوسط الفائدة على القروض الصينية لأفريقيا يبلغ حوالي 2.7 %، في حين تصل فوائد الديون للقطاع الخاص الغربي إلى 5% أو أكثر. ناهيك عن أن القروض الصينية غالباً ما تُمنح بفترات سماح طويلة وسداد يمتد لـ 15–20 سنة.

حسب تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2023، فإن ديون الصين لا تمثل سوى 6% من إجمالي الدين العام في أفريقيا جنوب الصحراء، بينما تذهب الحصة الأكبر نحو الديون المحلية والجهات متعددة الأطراف والقطاع الخاص.

خلال فترة جائحة كورونا، قامت الصين بتقديم ما يعادل 63٪ من إجمالي تخفيف أعباء خدمة الدين في إطار «مبادرة مجموعة العشرين G20 DSSI»، أي أنها تحملت النسبة الأكبر من تخفيف الديون مقارنة بجميع الدائنين الآخرين.

هذه المعطيات تُقوّض بصورة قاطعة فرضية أن الصين هي الجهة الرئيسية التي تُغرق الدول في فخ ديون غير قابلة للسداد. وفقاً لدراسة صادرة عن مركز التنمية العالمية «Center for Global Development»، فمن أصل 68 دولة شريكة في مبادرة الحزام والطريق، هناك فقط ثمانٍ مهددة بارتفاع خطر التعثر نتيجة القروض الصينية، أي ما يعادل 12% فقط، وحتى في تلك الحالات، لم تُسجّل أي حالة استيلاء صيني على أصول الدولة.

في جيبوتي على سبيل المثال، التي يشكّل الدين الصيني أكثر من نصف ديونها الخارجية، لم تُسجل أي مصادرة أو مطالبة صينية بالأصول رغم مستويات الدين العالية. هذا يتكرر في حالات عديدة، ويُظهر أن فكرة الفخ المبيت لا تنسجم مع الواقع الميداني.

هامبانتوتا: تفكيك الأسطورة

يُعدّ ميناء «هامبانتوتا» المثال الأكثر تداولاً في خطاب فخ الديون، لكنّ تحليل التفاصيل يُظهر عكس ما يُشاع:

لم تتجاوز نسبة القروض الصينية من إجمالي ديون سريلانكا 9% عام 2016 «عام إعسار البلاد». أما النسبة الأكبر فكانت لصالح الأسواق العالمية وسندات اليوروبوند والمؤسسات الدولية.

لم تتجاوز قيمة خدمة الديون المتعلقة بميناء هامبانتوتا 67 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ يُمثل أقل من 5% من إجمالي مدفوعات سريلانكا للديون الخارجية عام 2017.

تمثّل خدمة قرض ميناء هامبانتوتا أقل من 3٪ من مدفوعات خدمة الدين الخارجي لسريلانكا في سنة واحدة.

الأهم «وهو الذي يجب على جهابذة السوريين أن ينتبهوا إليه» أن اتفاق تأجير الميناء لم يكن نتيجة تعثر في السداد، بل جاء بمبادرة من الحكومة السريلانكية التي كانت، تحت ضغط اتفاق مع صندوق النقد الدولي، تسعى لتقليص خسائرها من شركات القطاع العام، بما فيها هيئة الموانئ.

صفقة تأجير الميناء تمت مقابل مبلغ 1.1 مليار دولار، ولم تكن نتيجة تخلف عن السداد، بل كانت قراراً اتخذته الحكومة السريلانكية لرفد احتياطي العملات الأجنبية كما أسلفنا.

كانت الصفقة عبارة عن تأجير استثماري لمدة 99 سنة لصالح شركة موانئ صينية، في إطار شراكة، وليس استيلاء سيادي. ما زالت سريلانكا تملك الأرض، وما زال الميناء يُدار تحت إشراف مشترك، ولم تُنشأ فيه أي قاعدة عسكرية، كما يدّعي البعض.

كينيا: ميناء مومباسا والذعر المفتعل

في كينيا، تصاعد الجدل عقب حصول الحكومة على قروض صينية ضخمة– تجاوزت 3.6 مليار دولار– لتمويل خط السكة الحديدية الرابط بين مومباسا ونيروبي. في عام 2018، أدّى تسريب رسالة من المراجع العام الكيني إلى إثارة ذعر واسع، إذ فسّرها البعض بأنها تشير إلى إمكانية استيلاء الصين على ميناء مومباسا في حال عدم السداد.

لكن ما أظهرته التحليلات القانونية والتعاقدية لاحقاً، خاصة من باحثين في «مبادرة الصين-أفريقيا للأبحاث» في جامعة جونز هوبكنز، هو أنّ الذعر كان نتيجة تفسير خاطئ، أو تحريضي، لبنود العقد.

لم ترهن كينيا الميناء بموجب العقد، بل وقّعت «مؤسسة موانئ كينيا» على اتفاق «ادفع أو انقل*» أي أنها تضمن حجماً معيناً من الشحن عبر السكة الحديدية، وإن لم يتحقق، تغطّي الفرق.

1228_h_39

البند المثير للجدل كان مجرد تنازل تقني عن الحصانة السيادية، وهو أمر شائع في العقود الدولية، ولا يعني بالضرورة رهن الأصول. فالحصانة السيادية «Sovereign Immunity» هي مبدأ قانوني دولي ينصّ على أن الدولة، بصفتها كياناً ذا سيادة، لا يمكن مقاضاتها أمام محاكم دولة أخرى، ولا يمكن الحجز على أصولها، إلا إذا وافقت طوعاً على ذلك. ويلجأ المقرضون إلى الشرط بشكل واسع الانتشار لضمان حقوقهم في المطالبة بالمستحقات، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. ومن المهم أن ندرك بأنّنا هنا لا نشرعن هذا الشرط ولا نشيطنه أيضاً، بل فقط ننقل ونشرح حقيقته بعيداً عن الضخّ الإعلامي المغلوط بشأنه.

الأهم، أن كلاً من الحكومة الكينية والبنك الصيني المموّل نفيا بشكل قاطع وجود أي رهن على الميناء. وبالرغم من الضجة الإعلامية، لم يحدث أي استيلاء، وما زالت كينيا تدير الميناء بالكامل، وتواصل سداد القرض تدريجياً.

تجارب أخرى

في عام 2021، تكررت النغمة ذاتها في أوغندا، حيث انتشرت أخبار عن احتمال استيلاء الصين على مطار «عنتيبي» بسبب شروط قرض تمويل التوسعة.

رغم وجود بنود صارمة في الاتفاق، مثل: التحكيم وفق القانون الصيني، وإنشاء حساب ضمان مالي، إلا أن تحقيقات لاحقة أظهرت عدم وجود أي بند يسمح للصين بالاستحواذ على المطار. أصدرت الحكومة الأوغندية والسفارة الصينية بيانات مشتركة تنفي بشكل قاطع هذه المزاعم، وأكدتا: أن الصين لم تصادر مطاراً، ولا مشروعاً واحداً في أفريقيا بسبب عدم السداد.

زامبيا، التي واجهت أزمة تعثر في سداد سندات «يوروبوند» عام 2020، أصبحت محور شائعات حول نوايا صينية للاستحواذ على شركات الكهرباء أو المطارات.

الواقع، أن زامبيا تدين للصين بأكثر من 6 مليارات دولار، لكنها كانت في الأصل متعثرة تجاه دائنين غربيين بالدرجة الأولى. ما حصل فعلياً هو أن الصين دخلت في مفاوضات متعددة الأطراف لإعادة جدولة الدين، ولم تسجّل أي حالة استحواذ أو ابتزاز.

في باكستان، ورغم وجود مشكلات في بعض مشاريع الطاقة ضمن ممر الصين- باكستان الاقتصادي، وافقت الصين على إعادة التفاوض على شروط بعض الاتفاقات وأظهرت مرونة.

أما في ماليزيا، فقد ألغى رئيس الوزراء مهاتير محمد عام 2018 عدداً من مشاريع الحزام والطريق بسبب التكلفة، ثم أعاد التفاوض حول بعضها بأسعار أقل– وقد قبلت الصين بذلك، ولم تُبدِ أي نية للضغط أو التهديد.

الخلاصة من الحالات الواقعية على الأرض: ما من دليل موثّق واحد على أن الصين قامت بالاستيلاء على أصول استراتيجية بسبب تعثر في السداد. بل إن ما يتكرّر هو العكس: تفاوض، إعادة جدولة، أو شطب فوائد.

كيف تقرض الصين مقارنة بالغرب؟

من المهم هنا إجراء مقارنة منهجية بين الصين ومؤسسات، مثل: صندوق النقد والبنك الدولي، أو الدائنين الغربيين من القطاع الخاص.

تأتي القروض الغربية، لا سيما من المؤسسات المالية الدولية، مقرونة بشروط سياسية واقتصادية قاسية: خفض إنفاق، خصخصة مؤسسات عامة، رفع أسعار الوقود، وتحرير العملة. هذه السياسات، المعروفة باسم «برامج التكيّف الهيكلي»، أدت في بلدان كثيرة إلى تفاقم الفقر، واندلاع احتجاجات شعبية، وتآكل السيادة الوطنية.

في المقابل، لا تتدخل القروض الصينية في السياسات الداخلية، ولا تُشترط بإصلاحات بنيوية أو مسارات أيديولوجية. صحيح أنها تشترط أحياناً استخدام شركات صينية أو ضمان موارد- وهو أمر يجب على من يوقّع الاتفاق المفاوضة عليه لتحقيق أعلى نسبة نفع ممكنة للدولة التي تحصل على القرض- لكنها لا تفرض على الدول بيع ممتلكاتها أو تغيير قوانينها.

لماذا تستمر الرواية؟

إذا كانت رواية «فخ الديون» الصينية تنهار أمام الأدلة، فلماذا تحظى بهذا الانتشار الواسع؟ ولماذا تُردّدها حكومات وإعلام ومراكز أبحاث غربية باستمرار؟ لا تكمن الإجابة في الوقائع المالية، بل في الديناميكيات الجيوسياسية ومحاولات المؤسسات والمقرضين الغربيين تلميع طرق النهب الخاصة بهم في الإقراض. إنّ فهم استمرار الرواية يتطلب التعمّق في مصالح القوى التي تروّجها، وكيف تستفيد منها سياسياً واستراتيجياً. تسعى هذه المؤسسات للاحتفاظ بالهيمنة على أدوات التمويل والتأثير في بلدان العالم الثالث.

عبر شيطنة التمويل الصيني، تسعى واشنطن إلى إقناع الدول النامية بتجنّب بكين والعودة إلى الحضن الغربي– سواء عبر البنك الدولي، أو صندوق النقد، أو مبادرات، مثل «شبكة النقاط الزرقاء» التي أطلقتها الولايات المتحدة كبديل للحزام والطريق. الخطاب هنا ليس بريئاً: هو محاولة لبناء تحالف مضاد للصين شبيه بتحالفات الحرب الباردة، لكن بلغة اقتصادية بدلاً من العسكرية.

تكرار نمط الدعائية الغربية

لا تحدث الرواية المعادية للصين في فراغ، بل تأتي ضمن سياق تاريخي طويل من توظيف الخوف كأداة للسيطرة السياسية والإعلامية. وتتشابه في بنائها مع حملات دعائية غربية سابقة. منذ الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية التي استعمرت الشعوب بذرائع التخلف والحاجة للحضارة، مروراً لانتشار «فزاعة الشيوعية» في الخمسينيات، وصولاً لادعاءات أسلحة الدمار الشامل لدى العراق في 2003، وحماية حقوق الإنسان في ليبيا، وغيرها الكثير. يستخدم الغرب الدَين بالطريقة ذاتها لتمرير أجنداته الناهبة.

رغم أن هذه الرواية تخدم مصالح معينة، إلا أنها تلحق ضرراً فعلياً بالدول النامية نفسها، التي قد تُحرم من مصادر تمويل مفيدة لمشاريعها الحيوية بسبب حملة التشويه. رواية فخ الديون قد تؤدي إلى إحجام غير مبرر عن التعاون مع الصين، حتى عندما تكون الشروط أفضل من غيرها. إنّ توجيه النقاش العام بهذه الطريقة المشوّهة يسمح للسياسيين المرتبطين والتابعين للغرب باختيار أساليب التمويل الغربية المجحفة، رغم وجود البدائل الأفضل، ويحرم الناس من الشفافية.

يُظهر التحليل الجدلي لادعاءات «دبلوماسية فخ الديون» الصينية فارقاً صارخاً بين الرواية الشائعة والواقع القائم على الأدلة. فالبيانات التي يصدرها صندوق النقد الدولي ذاته، اعترفت بأنّ القروض الصينية ليست السبب الرئيسي لأزمات الديون، وأن بكين في معظم الحالات تقبل بإعادة الجدولة، وتمديد الفترات، أو حتى شطب بعض الفوائد. لا توجد حالة موثقة واحدة تُظهر مصادرة صينية لأصول دولة نتيجة تعثر في السداد.

لا يمكن الهرب من حقيقة، أنّ الصين هي المموّل الأكبر للتنمية في العصر الحالي، يساعدها في ذلك الفائض المالي والتجاري الهائل لديها. على مدار العقد الأول من مبادرة الحزام والطريق «2013–2023»، بلغت التزامات الصين التراكمية 1.053 تريليون دولار أمريكي، منها 634 مليار دولار في عقود البناء و419 مليار دولار في الاستثمارات غير المالية. في عام 2023، بلغ متوسط حجم صفقة الاستثمار 772 مليون دولار، وهو ثاني أعلى رقم منذ إطلاق المبادرة. في العام ذاته، وافقت الصين على قروض بقيمة 4.61 مليار دولار لثماني دول أفريقية ومؤسستين ماليتين إقليميتين، وهو أول ارتفاع سنوي منذ عام 2016. تمثل هذه القروض زيادة بنسبة 18٪ مقارنة بعام 2022.

لا أحد يُنكر وجود تحديات في بعض العقود الصينية، ولا يمكن القول: إن كل مشروع تمويلي صيني هو نموذجي. لكنّ شيطنة الصين عبر أسطورة ممنهجة لا تُساعد على فهم العالم وتحديد الخيارات الأمثل للدول النامية، بل تُعيد إنتاج ترّهات الحرب الباردة ذاتها.


*اتفاق «ادفع أو انقل Take-or-pay»: هو نوع من العقود يُستخدم كثيراً في مشاريع البنية التحتية والنقل والطاقة، ويعني ببساطة: إمّا أن تستخدم الخدمة أو المشروع «take»، أو تدفع ثمنها على أي حال «pay». أي أن الجهة المتعاقدة– مثلاً هيئة الموانئ أو الحكومة– تتعهد بضمان حد أدنى من الاستخدام لمشروع، مثل: خط سكة حديد أو أنبوب غاز. فإذا لم يتم استخدام هذا الحد، فإنها تدفع للشركة المشغّلة كأنّ الاستخدام قد حصل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1228
آخر تعديل على الأحد, 25 أيار 2025 22:27