لا يملك الأوروبيون ترف عدم الانفتاح والتعاون مع الصين

لا يملك الأوروبيون ترف عدم الانفتاح والتعاون مع الصين

تسريع المفاوضات للتوصل لاتفاق الاستثمار التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين هو الرسالة الأهم من اجتماع الصين- أوروبا الذي عقد في 22 حزيران 2020 عبر الفيديو. كما أنّه حاسم في سياق العلاقات الأوروبية- الصينية. سيكوّن التعاون الصيني اتجاهاً متنامياً، وسيتقرر بمصالح الأطراف الأساسية. اعتمدت الصين الانفتاح الشامل على أوروبا كسياسة وطنية، والأوروبيين ليسوا مولعين بالهيمنة على العالم كما هي حال الولايات المتحدة. يوضّح هذا عدم وجود تضارب في المصالح بين الأوروبيين والصين، وعدم وجود الكثير من العقبات الاستراتيجية أمام تعاونهم.

غلوبال تايمز
تعريب وإعداد: عروة درويش

تقوية الروابط الصينية/الأوروبية

إنّ العالم يتغير، ووباء كوفيد-19 جلب له الكثير من الزعزعة، الأمر الذي لم يعد يتيح للأوروبيين أن يبقوا على الحياد السلبي بين الصين والولايات المتحدة. يريد الاتحاد الأوروبي أن يشارك بشكل فاعل وأكبر في تشكيل عالم المستقبل، وأن يظهر استقلاله عن كلّ من الصين والولايات المتحدة. قد ينعكس هذا في الوجه الحقيقي للعالم متعدد الأقطاب، فالعلاقات الدولية تصبح أكثر تعقيداً.
نقاط الالتقاء والافتراق بين الاتحاد الأوروبي والصين تتوضح بشكل متزايد. ويفتح هذا الباب واسعاً لعلاقتهما إن استطاعا تعزيز تعاونهما في الاقتصادات الخضراء والرقمية، وإنّ تمكنوا من التنسيق فيما بينهما بخصوص التغيّر المناخي وأبحاث اللقاحات والتنمية وإصلاح منظمة التجارة العالمية.
ليست الولايات المتحدة قادرة على جعل الاتحاد الأوروبي حليفاً لها ضدّ الصين كما فعلت من قبل أثناء الحرب الباردة ضدّ السوفييت. وكذلك لا يمكن للصين أن تكسر العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وأوروبا من موقع تشكيل جبهة موحدة ضدّ الولايات المتحدة. ففي الوقت الذي تتعمق فيه التناقضات بين الولايات المتحدة والصين، ستسنح الفرصة لأوروبا كي تعبّر عن مطالبها أكثر. ليس من الواضح كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع أوروبا، لكنّ الصين تسعى بجدّ لإقامة علاقة متبادلة مع أوروبا لا تكون نسخاً لأيّ قالب جاهز، ويقبلها الجانبان.

الشركات الأوروبيّة تبقى في الصين

ليس هناك دلائل على الانفصال بين الصين وأوروبا، حيث تبقى الصين سوقاً هامة للشركات الأوروبية في حقبة ما بعد كورونا. والقليل من الشركات الأوروبية تخطط لنقل استثماراتها إلى أسواق أخرى. فكما صرّح ممثل غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين في 10 حزيران: «شهدنا في نيسان وأيّار اتجاهاً إيجابياً جداً للشركات الأوروبية في السوق الصينية، وتحديداً في مجال البضائع الترفيّة وغيرها من مجالات الأعمال بالمفرّق. كانت المبيعات في أيار أفضل منها في العام الفائت... نتوقع أن نشهد روابط اقتصادية أقوى».
ووفقاً لاستطلاع «ثقة الأعمال الأوروبية في الأعمال الصينية» لعالم 2020، فإنّ 11% من الشركات الأوروبية فقط، تأخذ في اعتبارها نقل استثماراتها من الصين إلى أسواق أخرى في 2020، وذلك مقارنة مع 15% في العام الفائت. أعلنت 40% من الشركات بأنّ بيئة البحث والتطوير «R&D» في الصين تتطور لتصبح أفضل من المتوسط العالمي. صرّح تشاش ينغ، مدير فر ع شركة «VorWerk» الألمانية في الصين، بأنّهم يستفيدون من تطوّر معدلات الاستهلاك في الصين. وستعمل الشركة على الاستثمار بشكل أكبر هناك، كما أنّها ستفتتح متاجر لها في المدن ذات التصنيف الثالث والرابع للاستفادة من الأسواق الناشئة والمحتملة.
وقد صرّحت غرفة التجارة الأوروبية بأنّها تأمل أن تتوصل الحكومات الأوروبية مع الصين إلى حلول لانقطاع سلاسل التوريد. ووفقاً للاستطلاع، فإنّ 49% من الشركات الأعضاء في الغرفة اعتبروا أنّ العمل في الصين أصبح أكثر صعوبة العام الماضي، بانخفاض 4.0 نقطة عن عام 2019. صرّحت تشارلوت رول، نائبة رئيس غرفة التجارة الأوروبية بأنّها تأمل أن تؤدي اتفاقية الاستثمار الشامل الأوروبية الصينية إلى تجنب تشويه المنافسة بين الشركات الأوروبية والصينية وأن تفتح الصين أسواقها أمامهم أكثر.
ولا يمكن إنكار خشية الشركات الأوروبية من المنافسة الشديدة التي تحملها معها الشركات الصينية، والتي يرجعها الأوروبيون لكونها تتلقى دعماً من الدولة الصينية، بينما يعتبر الصينيون أنّ إخفاق الشركات الأوروبية في المنافسة يدفعها للتذرّع بمسألة المنافسة غير الشرعية. وهو ما أكّد عليه كوي هونغ جيان مدير قسم الدراسات الأوروبية في جامعة الصين للدراسات الدولية: «تتماشى وتيرة الانفتاح الصيني مع سرعة الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى المراحل المختلفة للتطور. والادعاءات بوجود وصول غير عادل للأسواق لا أساس له من الصحة».

البراغماتية الأوروبية ضدّ أمريكا

يتفاوض الاتحاد الأوروبي مع الصين على اتفاقية الاستثمار الشاملة منذ تشرين الثاني 2013. وكما قال وانغ يوي، مدير مؤسسة الشؤون الدولية في جامعة رينمين: «بما أنّ ألمانيا تستلم ريادة الاتحاد الأوروبي وستتولى الرئاسة الدورية ما بين تموز ونهاية شهر كانون الأول، فمن الهام بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تنهي الاتفاق قبل كانون الأول، فهذا الاتفاق قد يحفظ لها إرثها السياسي».
وتعقد هذه المفاوضات على خلفية اعتماد الولايات المتحدة على حلفائها الغربيين للاستمرار في الضغط على الحكومة الصينية. ولكنّ رؤية الاتحاد الأوروبي تختلف عن الأمريكيين في عدد من القضايا، ومنها ما يخص قانون الأمن القومي القادم لهونغ كونغ. وضمن تشديد الاتحاد الأوروبي على مبادئ الواقعية السياسية، ومحاولته الواضحة التأكيد على خصوصيته. وهذه الخصوصية قد تؤدي إلى تمتين العلاقات مع الصين لتشكل مساراً مختلفاً عن الأمريكيين.
لا يمكن للنظرة البراغماتية للعلاقات الصينية-الأوروبية من منظور صانعي السياسات الأوروبيين أن تتغيّر بفعل جهود الضغط الذي يمارسها سياسيون أمثال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. فالاتحاد الأوروبي يحتاج الصين بذات القدر الذي تحتاجه فيها الصين، وضمن هذا التعاون يمكن معالجة عدد من القضايا العالمية، مثل: إصلاح منظمة التجارة العالمية والتعاون في المسائل الإفريقية. وهو ما نجده مذكوراً في نشرات مجلس أوروبا.
إنّ العلاقات الأوروبية- الصينية والاتفاقات المتوقعة قادرة على ضخّ زخمٍ جديد في التعافي الاقتصادي الأوروبي في فترة ما بعد الوباء. ففي عام 2019 كان الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للصين، بينما كانت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي. بلغت قيمة البضائع المتبادلة أكثر من 1,5 مليار يورو يومياً.
لطالما كانت الشركات الأوروبية منجذبة للسوق الصينية بفضل حجمها الكبير وإمكانات نموها الهائلة. حتّى أثناء أسوأ مراحل انتشار كوفيد-19 في الصين في شهر شباط، كانت هناك قرابة 50% من الشركات الأوروبية العاملة في الصين والبالغ عددها 1700 شركة، متفائلة بنسب النمو خلال العامين القادمين وفقاً لاستطلاع غرفة التجارة الأوروبية.

أمريكا تؤذي حلفائها

يبدو الطرف الأمريكي معزولاً أكثر فأكثر، وهو وضع يتثبت بمعزل عن العلاقة بين أوروبا والصين، وذلك بفعل الاتجاه الأمريكي لتحميل الأوروبيين أعباء أكثر ممّا يستطيعون احتمالها. فالولايات المتحدة لم تستهدف بإجراءاتها الصينيين وحسب، بل الأوروبيين أيضاً في عدّة نواحي، مثل: الأمن الإقليمي والتجارة. وقد دفع هذا بصناع السياسة الأوروبيين للانفصال بشكل متزايد عن الولايات المتحدة.
صرّح جوزيف بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية: «أفهم أن مسألة تقديم الصين بوصفها منافساً منهجياً يبدو أمراً جدلياً، لكنّ هذا لا يعني بأنّ أوروبا ترى الصين بوصفها تهديداً على الأمن». وقد أوضح بوريل أنّ الاتحاد الأوروبي تجمعه الكثير من الأمور المشتركة مع الصين، وبأنّ أوروبا تقف موقفاً مختلفاً بشكل جذري عن موقف الولايات المتحدة من الصين.
وحتّى في مسألة التشريع المركزي المتخذ في بكين حيال الأمن القومي في هونغ كونغ، والذي تستغله الولايات المتحدة بمحاولتها احتواء الصين، لا تشترك أوروبا مع الولايات المتحدة في الإجراءات الواجب اتخاذها رغم تعبيرها عن قلقها من قرار الحكومة المركزية الصينية. فكما علّق بوريل: «لا أظنّ بأنّ العقوبات ستحلّ المشاكل في الصين»، ما يجعل موقف أوروبا والولايات المتحدة متمايزاً كلياً.
التناقضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مسائل، مثل: السياسة العالمية والاقتصاد واضحة بشكل جلي. ومثالها الأبرز، مسألتا حلف الناتو والتجارة الحرة. ترى واشنطن بأنّها فعلت الكثير ولم تتلق مقابله أيّ شيء. هناك منازعات منهجية ضمن العلاقات الأحادية، وهذا لم يكن ولن يكون مرتبطاً بذهاب إدارة أمريكية وقدوم أخرى. ولهذا يتوقع أن تستمر العلاقات الأوروبية الأمريكية بالغليان.
ومن وجهة نظر استراتيجية عامة، فالعلاقات الصينية مع كلّ دولة أوروبية على حدة ستدخل مراحل أعمق مع فهم الأطراف لبعضهم البعض، وتعميقهم للنقاط المشتركة فيما بينهم. أدرك الاتحاد الأوروبي بأنّ مصالحه الحيوية متصلة بالتعايش بشكل متناغم مع الصين، ولهذا سيتزايد رفض الأوروبيين للوقوف في صفّ واحد مع الأمريكيين.

البريطانيون المنقسمون

يحاول البريطانيون، وهم الذين خرجوا من الاتحاد الأوروبي ولكنّهم غير قادرين على نقل بلادهم من مكانها، أن يكتشفوا طريقهم القادم، الأمر الذي يحتمل أن يؤدي بهم إلى الابتعاد عن الأمريكيين.
مؤخراً، كان هناك بعض السياسيين البريطانيين يعيدون الخطاب الأمريكي المناهض للصين بنبرة صوت مرتفعة. كما هو الحال مع توم توغندات، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني الذي صرّح: «التلاميذ الذين اعتادوا تقوية مراقبة الدولة مهددون بالاستبعاد– الأمر الذي يخاطر بالرسوم التي دفعها أثرياء الصين الجدد، وهو ما سيحوّل الضغط إلى الحكومة الصينية».
وتوغندات ليس وحيداً، فهناك مجموعة للمناهضين للصين، أمثال آخر حاكم لهونغ كونغ كريس باتن، والذي صرّح بدوره فيما يخصّ قانون الأمن القومي الصيني لأجل هونغ كونغ: «إنّه خيانة لشعب هونغ كونغ... والحكومة الصينية تستغل الوباء للتحكم بشؤون هونغ كونغ». وقد صرّح توغندات بذات الموضوع: «يجب أن نقف للدفاع عن الديمقراطية في الصين».
وتحاول الولايات المتحدة أن تستميل المملكة المتحدة لصفها في استراتيجيتها لاحتواء الصين في جميع المجالات، وهو السبب الذي دفع بعضو الكونغرس الأمريكي مايكل ماكول بأن يدعو مؤخراً إلى تعاون أمريكي- بريطاني لمواجهة أفعال الحزب الشيوعي الصيني، «بذات الروح التي كانت موجودة بين الدولتين في أثناء الحرب الباردة».
لكنّ بريطانيا، إن قامت بالانحياز إلى جانب الولايات المتحدة، فستهجر بشكل كلي التزامها بسياسة «بريطانيا العالمية» التي ذهبت إلى بريكزت على أساسها. كما أنّ بريطانيا تسعى للتنمية الاقتصادية والإتجار مع العالم، وخاصة مع بلدان آسيا- الهادئ. وتبعاً للموقع الذي يحتله الاقتصاد الصيني اليوم في العالم، فالصين تملك مفاتيح هامّة لتعزيز اتجاه «بريطانيا العالمية».
وتبقى بريطانيا إحدى أهم وجهات الاستثمار الصيني في أوروبا، ولهذا فمن غير المتوقع أن ينجح السياسيون البريطانيون المؤيدون للولايات المتحدة في إلحاق بريطانيا بالمعسكر الأمريكي. ويأتي في هذا السياق، ورغم الأحاديث الكثيرة عن منع شركة هواوي الصينية من إنشاء الجيل الخامس على خلفية اتهامات التجسس الأمريكية لها، فقد أعلنت شركة هواوي عن الحصول على «ضوء أخضر» من السلطات البريطانية المعنية لبناء مركز أبحاث وتطوير في كامبريدج. وقد طلبت الشركة رخصة بناء في عام 2019 أقرتها السلطات، ستمتد المنشآت فيها على مساحة 50 ألف متر مربع، وستخلق في المرحلة الأولى 400 وظيفة.

لا أحد يملك ترف رفض الصين

أولاً: من المتوقع أن يصبح 300 مليون صيني من الطبقة الوسطى في 2030، وأن يتبعهم 300 مليون آخرين في عام 2049. ومن المتوقع أيضاً أن يصل قرابة 600 مليون شخص إلى الطبقة الوسطى العليا في 2049. لقوّة الاستهلاك الداخلي الصيني التي تصاحب التنمية المستمرة والثابتة للصينيين الكثير من المضامين، منها: مناعة الاقتصاد الصيني ضدّ أيّ عمل تقوم به الولايات المتحدة أو أوروبا اللتان اعتادتا على استخدام أسواقهما للضغط على أيّة دولة منذ عقود. لكن الأهم: أنّها تعرض على شركات الدول التي تجمعها بها علاقات جيدة أسواقاً هائلة، الأمر الذي لا يمكن لأحد تجاهله.
ثانياً: اعتمدت الصين استراتيجية «الضربة الاقتصادية الوقائية» من خلال سياسة مشاركة الثروة. إنّ إطلاق مشروع الحزام والطريق المفتوحة لجميع الراغبين جزء من هذه السياسة، والصين تستثمر وستستمر بالاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية والطاقة والصناعة في جميع بلدان العالم الراغبة.
بينما على العكس من ذلك، تتعمق الخلافات مؤخراً بين الأوروبيين والولايات المتحدة، ويمكننا الاستدلال على ذلك بشكل رئيسي بالتناقضات الأمريكية الألمانية. فتبعاً لموقع ألمانيا في أوروبا والاتحاد الأوروبي، يعبّر ما يحدث عن فقدان الأوروبيين الثقة في حليفهم التقليدي الولايات المتحدة، الذي لم يعد يلقي بالاً لمصالحهم ومخاوفهم.
شهدنا آخر فصول هذا الخلاف في سحب الولايات المتحدة لـ 9500 جندي أمريكي من ألمانيا دون التشاور مع ألمانيا أو الناتو. في الرابع من حزيران قدّم سيناتور أمريكي مشروع قانون لتوسيع العقوبات المفروضة على خطّ الغاز الروسي- الألماني نورد ستريم 2. وقد تزامن كلّ هذا مع رفض المستشارة الألمانية الدعوة لحضور اجتماعات السبعة الكبار في الولايات المتحدة. شهدنا في السنوات الأخيرة الكثير من التناقض بين برلين وواشنطن في مسائل، مثل: الناتو واللاجئين والتجارة واتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران والعلاقات الألمانيّة الروسية. ويجب أن نفهم بأنّ هذه الخلافات ليست محدودة بهاتين الدولتين، بل تمتد لكامل أوروبا.
تتعامل الولايات المتحدة مع الدول الأوروبية، بوصفها منافساً اقتصادياً وليست شريكاً استراتيجياً. لقد فرضت رسوماً جمركية على صادرات أوروبا من منتجات الألمنيوم. وتظهر عداءها للاندماج الأوروبي وسعادتها بمشاهدة الاتحاد الأوروبي يعاني ويتهدد بالانهيار. كما أنّ الولايات المتحدة لم تعد تؤمن بأنّ التحالف مع أوروبا له قيمة إيجابية، ولهذا تعيد تقييم مدى مساهمتها في الحماية العسكرية لأوروبا.
ولأنّ الأوروبيين كانوا معتادين على حماية الولايات المتحدة وتنسيق سياساتهم معها، فقد باتوا يشعرون بضرورة التغيير اليوم بما يتناسب مع الوضع الجديد، ولهذا فإنّهم مجبرون على الانفتاح على القوّة القادرة على تقديم أشياء ملموسة لهم من قبيل الاستثمار في دولهم، أو فتح الباب لشركاتهم للعمل في سوقها. وحتّى العقبات الخاصة بالمنافسة بين الشركات ستختفي، فكما يقول الباحث الاقتصادي باي مينغ: «أظنّ بأنّ التعاون في طور التقدم، فالأوروبيون سيدركون بأنّ عقد الأعمال مع الصين أكثر أهميّة من الجدل حول التجارة العادلة».
إنّ التغيرات الجذرية الاجتماعية والسياسية التي تعكس التغيرات العالمية وتحدث اليوم في دول أوروبا ستدفع هذه الدول إلى السعي لتثبيت المزيد من العلاقات الثنائية مع الصين. فالتيار الشعبوي المتزايد نموه في أوروبا يناهض العولمة الأمريكية، ويؤيد النزعات القومية الداخلية، الأمر الذي يضع صانعي السياسة في هذه الدول في تناقض متزايد مع الولايات المتحدة وانفتاح مقابل على دول مثل الصين وروسيا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
972
آخر تعديل على الإثنين, 29 حزيران/يونيو 2020 13:31