الديون تُحرج الاقتصادات الرأسمالية وحلّهم الوحيد التقشف
عالج ماركس مسألة الديون الوطنية في مؤلف رأس المال في فصل «التراكم البدئي». وفقاً لماركس، يلعب الدَّين الوطني دوراً هاماً في الاستعمارية- الكولونيالية والتراكم البدئي من خلال تمويل صيغ الهيمنة، والتي تغطي في نهاية المطاف الاستغلال المباشر وغير المباشر الذي تمارسه الكولونيالية بإعطائها الصبغة القانونية وبأنّها فقط تطبق قوانين السوق. ومسألة الديون «السيادية» ظاهرة معقدة. وبهدف تبسيطها: هي مقدار المال الذي اقترضته حكومة وطنية، ثمّ تصبح غير قادرة على سداده لأنّ إنفاقها أكبر مّما تجنيه. يتم إصدار هذه الديون على شكل سندات أو غيرها من الأدوات المالية، ويمكن أن يملكها أو يحملها أفراد أو شركات استثمار أو منظمات دولية، مثل: صندوق النقد الدولي. على جميع الحكومات تقريباً مثل هذه الديون، وتستخدمها بطريقة تشبه استخدام الأفراد لديونهم. تظهر مدفوعات الديون السيادية بأنّ اللاعبين الاقتصاديين في حكومة ما قادرون اقتصادياً، وبأنّ اقتصاد الدولة قوي وفاعل، وبأنّ حكومتها مؤثرة في النظام النقدي العالمي.
غريغ جونسون ومانويل بومبارد*
تعريب وإعداد: عروة درويش
وحقيقة أنّ عبء الديون يقع على الحكومات وليس الأفراد ويعقّد الأشياء. فالديون تُحمل ويتم المتاجرة بها كأحد أشكال العملة التي يتم تقرير قيمتها ومقدارها من قبل الدولة التي تصدرها. فخلافاً للأشخاص والأفراد، يمكن للحكومة أن تخفض بشكل متعمد من قيمة عملتها (عبر طباعة المزيد من المال على سبيل المثال) وعليه تقليص قيمة العملة المدينة بها لآخرين. في الوقت الحالي، عندما تعلن دولة ما إفلاسها وعدم قدرتها على دفع ديونها، فالنموذج الشائع أن يتم ممارسة الضغط الاقتصادي عليها. يتدخل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو هيئة دولية أخرى لتشتري أو ترتب لبيع بعض هذه الديون غير المدفوعة، في مقابل امتيازات تمنحها الدولة المدينة لحامل الدَّين. ومنذ السبعينات تمّ استخدام هذه الوسيلة بشكل نموذجي كوسيلة لفرض السياسات النيوليبرالية النقدية، وتخفيض الإنفاق الحكومي العام، وتقليص حقوق العمال.
الأرجنتين مثالاً
الأرجنتين، إحدى أكبر الاقتصادات في أمريكا اللاتينية، ستتخلف عن سداد ديونها الدولية قبل نهاية شهر 5 من عام 2020. فما لم تصل الحكومة لاتفاق مع الدائنين لتخفيض أو تأخير الدفعات، التأخير سيكون ثالث تأخير للبلاد في عشرين عام، والتاسع كليّة تبعاً لبعض الحسابات.
وإن كنّا سنأخذ باعتبارنا التأخيرين الماضيين للأرجنتين، فسنتوقع حصول اضطراب اقتصادي ومعاناة توازي التي اختبرتها الولايات المتحدة في الكساد الكبير في الثلاثينيات، مع معدلات تضخم هائلة وبطالة شديدة وزعزعة سياسية خطيرة. وبينما ينزلق العالم في الانكماش الاقتصادي الحالي بسبب وباء كوفيد-19، فقد يتحول هذا لكارثة بالنسبة للأرجنتين وحكومتها بقيادة ألبرتو فرناندز. حتّى قبل الوباء والحظر الوطني الحكومي الشديد، كانت المشكلات موجودة. حيث كان وزير المالية مارتن غوزمان يفاوض على التمديد، والآن وقد تخطت الحكومة بضع مواعيد نهائية بالفعل، يبدو الأمر أصعب مع التضخم وأزمة الاقتصاد.
قد تضطر الحكومة الأرجنتينية كي تصل إلى اتفاق أن تقبل بدفع نسبة مئوية من ديونها من خلال ما يعرف باسم إعادة الهيكلة. وسيعني هذا تخفيض الدَّين لكن دون إلغائه، وسيفتح المجال للتغييرات والامتيازات النيوليبرالية. يحصل الدائنون على أقلّ من ديونهم من الأموال ويضمنون شيئاً آخر. وهذا الشيء الآخر هو الذي ستنجو من خلاله الحكومة الأرجنتينية من التخلف عن سداد الديون، طالما قامت بتقليص الإنفاق العام وتخلت عن بعض البرامج العامة. أمّا دون التوصل لاتفاق، تصبح الشهور والأعوام القادمة غامضة بشكل كلي. التأثيرات والتغييرات التي ستطال المجتمع الأرجنتيني في كلا الحالتين ستكون عميقة.
وبالنظر إلى أنّ تخلّف الأرجنتين عن سداد ديونها قد تقاطع مع انتشار الوباء والركود الشديد أو حتّى الكساد المخيّم على كامل الاقتصاد العالمي، فاحتمال أن تكون العواقب أسوأ من أيّ شيء اختبره العالم في هذا السياق من قبل، قائمة ومتوقعة. تبدو احتمالات تحقيق نتائج جيدة في إطار العمل الحالي غير مرجحة بالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الضعيفة للأرجنتين في العقود الماضية. خاصة إذا ما قمنا بالمقارنة وأخذنا بالاعتبار المثال الحديث نسبياً عن تخلف اليونان عن سداد القروض الدولية، الأمر الذي يثير القلق والخوف لدى الأرجنتينيين من قيام حكومتهم بفرض المزيد من الإجراءات التقشفية.
ولكنّ الأمر بذات الوقت يبدو فرصة لكي يُسمع صوت اليسار الذي تمّ إهماله بسبب الضغوط الدولية واللجوء إلى الحلول الوسط. إنّها الفرصة لاقتراح سياسات تتخطى في جوهرها الحالة القائمة وتذهب أبعد من الإجراءات النيوليبرالية.
تجربة الأرجنتين مع الديون
في بداية القرن الحادي والعشرين، كان على الأرجنتين بعد اختبارها عقداً من النمو المرتبط بعودة الديمقراطية منذ منتصف الثمانينيات، أن تتعامل مع الزيادة الهائلة في الديون التي خلفها النظام العسكري ما بين 1976-1983. ورغم أنّ فترة التسعينات قد شهدت نمواً في الصادرات والناتج القومي الإجمالي، فقد ارتبطت بالخصخصة وتقليص دولة الرفاه. قامت الحكومة الأرجنتينية في حينها «الرئيس منعم ووزير المالية دومنغو كافايو» بالاستجابة للتباطؤ بالنمو واقتراب مواعيد سداد الديون من خلال ربط قيمة العملة الأرجنتينية بالدولار الأمريكي وتطبيق سياسات التقشف، لينهوا برامج دعم حكومية عديدة منها مساعدات المرافق العامة والتقاعد.
العامان التاليان لانتخابات 1999 شهدا اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة في الأرجنتين، مع تضخم هائل واحتجاجات وأعمال شغب. دمرت التخفيضات المتتالية في أموال التقاعد وأجور عمّال الخدمة المدنية وتطبيق الحدود على السحب النقدي والبطالة المتزايدة، والإيمان العام بالحكومة وبالديمقراطية نفسها. لتؤدي في نهاية
الأمر لهرب الحكومة والرئيس المستقيل من قصره في مروحية بالتزامن مع وصول وقت استحقاق الدَّين الدولي. ومع تعاظم الأزمة ورفع العديد من القضايا ضدّ الدولة الأرجنتينية أمام محاكم نيويورك، حيث تتوضع غالبية إدارات معظم دائني الأرجنتين، كانت الأسعار ترتفع بشكل ساعيّ وليس يومي فقط في المتاجر وفي أسواق المال، وكان الملايين قد أفقروا وفقدوا الاستقرار.
جوقة من المؤسسات الدولية تحثّ الأرجنتين اليوم على التوصل لاتفاق مع دائنيها، لكن تبعاً لسنوات من التقاضي الدولي وعقود من الجدل السياسي في جميع المستويات في الأرجنتين، سيكون الاعتماد على هذا مجرّد إيمانٍ بالحظ وسيشكل خطأ كبيراً. وفي حال عدم الاتفاق مع الدائنين، ستواجه الحكومة الأرجنتينية خياراً صعباً: إمّا قبول التخلف عن الدفع في محاولة متابعة الإنفاق على البرامج الحيوية– أي كل ما هو ضروري في وقت الوباء والأزمة – أو تقليص النفقات الآن لتتمكن من سداد الديون. لكن حتّى صندوق النقد الدولي وقف ضدّ مثل هذه التقليصات في النفقات واعتبرها خطيرة وغير محسوبة النتائج.
الاتحاد الأوروبي مثالاً
بمواجهة الأزمة الاقتصادية المتزايدة، وعد القادة الأوربيون بمساعدة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين ضربتهم الأزمة بشدّة، لكن هناك دوماً خيوط قيود مخفية يجب تحريكها. إنّ شروط القروض والمنح تتجاهل المقاييس الحقيقية للأزمة، ذلك أنّها لا تزال تهتمّ بإعادة الديون أكثر من اهتمامها بعواقب التقشف الذي سيفرض على الشعوب الأوروبية وبالتالي على التفاعل مع الاتحاد الأوروبي.
في مؤتمرهما الإعلامي الذي أجري في 18/5/2020، أكدت المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون من جديد على شراكتهم الشديدة – معلنين أنّهما سيقترحان معاً تخصيص 500 مليار يورو لصندوق أوروبي لإنقاذ الاقتصادات التي تضررت بشدّة جرّاء الأزمة. بعد شهور من قيام الدول الثرية في منطقة اليورو أمثال: هولندا «وألمانيا نفسها أيضاً» بمقاومة «دفع ديون دول جنوب أوروبا»، هللت العديد من وسائل الإعلام لاتفاق برلين- باريس بوصفه يُشكّل اختراقاً.
لكنّ نظرة عن قرب أكثر تُقدم لنا صورة أقلّ تفاؤلاً. فحتى إذا ما تغاضينا عن رفض محتمل من قبل شخصيات، مثل: رئيس الوزراء النمساوي سبستيان كورز، فإنّ القروض والمنح المقترحة تبدو ضئيلة جداً بمقياس الأزمة – ولزوم سداد ديون بمليارات الدولارات هي بالفعل تُثقل كاهل دول، مثل: إيطاليا. كما أنّ اقتراح ماكرون- ميركل يستدعي مرة أخرى العبارات التي استخدمت عقب الأزمة المالية 2008، والتي تمّ تقديمها في مقابل عمليات الخصخصة وتخفيضات الإنفاق العام في الموازنة، وذلك على أساس التزام واضح من الدول الأعضاء باتباع سياسات اقتصادية سليمة وجدول أعمال إصلاح طموح».
مسؤولية الاتحاد الأوروبي عن الأزمة
الاتحاد الأوروبي مسؤول بوضوح عن الأزمة الحالية من عدّة زوايا. أولاً: لدينا إضعاف النظام الصحي العام الذي تسببت به سنوات من سياسات التقشف. لعدّة أعوام الآن، وكجزء من عملية المراقبة الأوروبية نصف السنوية للموازنات الوطنية، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحاتها للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بخصوص السياسات التي يجب أن يطبقوها لكي يمتثلوا لمعايير الموازنة الخاصة بالاتحاد. فإذا ما نظرنا إلى البيانات: منذ عام 2011، لدينا 63 مقترح متعلق بخصخصة أجزاء معينة من قطاعات الرعاية الصحية، أو لتقليص الإنفاق العام على الرعاية الصحية بأسرها. كان لهذه التخفيضات في الإنفاق آثار حادّة وتأثيرات واضحة: يشمل هذا النقص الحاصل في الأسرّة والأجور المنخفضة لعمال القطاع الصحي من بين أشياء هامة أخرى. لقد كان تعليق رئيسة المفوضية الأوروبية عندما حيّت تفاني عمال الرعاية الصحية أقرب ما يكون إلى الفحش، فعليها في الحقيقة أن تعتذر منهم على أوضاعهم.
كما أنّ إيديولوجيات التجارة الحرة ورفض جميع أنواع الحمائية قد سمحت بإعادة موضعة المصانع واسعة الانتشار، وكذلك بإغلاق مواقع الإنتاج التي كانت موجودة على التراب الأوروبي. ونحن الآن نفكر بشكل طبيعي هنا بإنتاج الكمامات والمعدات الطبية والأدوية التي تنتج ما نسبتها 80% من مادتها الفعالة في الهند والصين. العواقب لهذا الأمر واضحة: الإنتاج الوطني للمعدات الطبية ضعيف جداً في أوروبا في الوقت الذي يصبح فيه استيرادها أصعب فأصعب بسبب الزيادة المفرطة في الطلب العالمي عليها.
أخيراً، نحن نعلم بأنّ انتشار هذه الأوبئة مرتبط بشكل وثيق بآثار النشاط البشري المؤثر على التنوع الحيوي، وعلى حركة الحيوانات، وعلى نزع الغطاء النباتي. جميع هذه الأشياء شجعت نقل الأمراض من الحيوانات إلى البشر. من الواضح بأنّه يُمكن تحميل سياسات الاتحاد الأوروبي المسؤولية. كيف يمكننا أن نفكر بخلاف ذلك إذا ما أخذنا باعتبارنا أنّ المفاوضات لا تزال قائمة على «ميركوسور=اتفاقية حكومية لدول أمريكا الجنوبية تهدف لتحرير التجارة ورفع القيود عنها» في الوقت الذي نشهد فيه تدمير غابات الأمازون المطرية بمستويات قياسية؟
ردود فعل مجموعة اليورو والبنك المركزي الأوروبي
في البدء لم يكن لردود فعل الاتحاد الأوروبي أيّ وجود. حتّى عندما ضرب الوباء إيطاليا وإسبانيا بحدّة، لم نشهد اتخاذ أيّة أفعال تضامن. ومع انتشار الفيروس على طول القارة، استجابت دولٌ أعضاء مختلفة عبر استراتيجيات متنوعة وغير منسقة. مع أنّ صحّة سكانها مترابطة ومشابكة.
عندما قررت المفوضية الأوروبية أن تتصرّف، فقد فعلت ذلك بطريقة غير فاعلة بالمطلق. وبطبيعة الحال تمّ استخدام صندوق التمويل الأوروبي، وذلك بمبادرة من رئيس لجنة التنمية الإقليمية في البرلمان الأوروبي يونوس أومارجي، وبكل تأكيد سقطت على الطريق بعض الإيديولوجيات اليمينية، مثل: قواعد عجز الموازنة. لكن كانت الاستجابة إلى حدّ كبير أسيرة مبادئ «اقتصاد السوق الاجتماعية Ordoliberalism = من فروع الليبرالية الكينزية، حيث للدولة دور المتدخل فقط والبنوك المركزية هي المسؤولة عن النقد».
وافقت مجموعة اليورو على مقترح دعم خطط العمل محدودة المدة على المستوى الوطني، وهو أمر إيجابي إلى حدّ ما ضمن المتاح في أوروبا في الوقت الحالي. ناقشت المجموعة خطة منح قروض عبر بنك الاستثمار الأوروبي «EIB» لإبقاء الشركات قائمة خلال الأزمة. لكن مثل هذه الخطط كانت قائمة بالفعل، وجزءاً من مخاطرها الاقتصار على تمويل الشركات ذات الربحية المرتفعة فقط، باعتبار أنّ بنك الاستثمار الأوروبي سيفعل أيّ شيء للحفاظ على تصنيف «AAA» لدى وكالات تصنيف القروض. كما قررت المفوضية أن تفعّل «آلية الاستقرار الأوروبية» بهدف إقراض المال للدول الأعضاء «بما يصل حتّى 2% من ناتجهم القومي الإجمالي».
لكنّ كميات التمويل التي تمّ تأييدها مثيرة للسخرية. نحن نتحدث هنا عن 540 مليار يورو، معظمها على شكل قروض، وضعت منها فرنسا وحدها، على المستوى الوطني، أكثر من 300 مليار يورو. فوق كلّ كذلك، التمويل الذي جاء من آلية الاستقرار الأوروبي – إذا استثنينا تلك التي تذهب مباشرة للقطاع الصحي – سيعطى بشرط تطبيق مسارات تخفيض الموازنات، وهي إذا ما أردنا اختصارها تعني إجراءات تقشف جديدة. إنّها ذات الوصفة التي تمّ تجريعها لليونان من قبل.
والحديث عن الاتفاق الممتاز مجرّد لغو بيروقراطي، فالإجراءات الحقيقية الطموحة تمّ إغلاق الطريق أمامها من قبل «نادي القبضات المُحكمة» الذي تقوده ألمانيا وهولندا. وكما هي الحال عادة، فضّل سياسيو النخب الفرنسيون الإذعان على المقاومة. لكن هناك فرصة جيدة أن تقوم دول جنوب أوروبا بتشكيل كتلة واحدة للتأثير في المفاوضات. وربّما بفعلهم هذا سيقومون بالعمل الوحيد الضامن للحفاظ على الاتحاد الأوروبي.
الديون الأوروبيّة العامة
في الوقت الحالي وضمن الأطر المتاحة في ظلّ استراتيجية الإبقاء على الاتحاد الأوروبي وتغيير مؤسساته، على اليسار الأوروبي أن يؤيد قيام البنك المركزي الأوروبي بالتدخل مباشرة لإلغاء الديون العامة أو الجزء الأكبر منها على الأقل. فإذا ما فكرنا بشكل منطقي، فهذه الديون سترتفع بشكل كبير في الأشهر القادمة، وستدخل الأعضاء في قيود على الميزانية غير معقولة في حال لم يتم اتخاذ إجراء إلغائها. لكنّ التحديات القائمة ستكون كبيرة ومثيرة للاهتمام في وقت واحد. علينا أن نعمل لتدعيم أنظمتنا للصحة العامة، وهي التي باتت ضعيفة بسبب إجراءات التقشف. نحتاج أيضاً لإعادة بناء الصناعة الأوروبية بهدف استعادة السيادة التي افتقدناها بشكل كبير في مواجهة الفيروس. علينا أيضاً أن نعمل لتضمين مبادئ الحفاظ على البيئة كجزء من أيّ قرار اقتصادي نتخذه.
لن نتمكن من فعل أيّ من هذا إذا ما كان عبء الديون سيسحقنا، والبنك المركزي الأوروبي يحمل قرابة خُمس ديون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما يُمكن اتباع سياسات تقدمية في إلغاء الديون، وذلك عبر الربط ما بين كمية الديون التي يتم إلغاؤها بحيث تساوي الإنفاق العام الذي تخصصه الدول المدينة لقطاعات الصحّة والمسائل الاجتماعية والتصدي للتحديات الصناعية والبيئية التي تواجهنا.
تبنّى ممثلو حركة «فرنسا العصيّة» اليسارية في البرلمان الأوروبي نهجاً يتضمن خمسة وعشرين إجراء طوارئ لتتخذ على المستوى الأوروبي للاستجابة لتحديات الصحة العامة الحالية. مثال: تتعامل هذه الإجراءات مع إنشاء مخطط صحة أوروبية حقيقي، وكذلك تزويد العمال بالحماية، وتقرير أيّ النشاطات جوهري وأيّها لا يخدم معركة الصحة العامة. كما أنهم قاموا بالتعبئة للضغط من أجل زيادة التمويل المخصص لمساعدة المتضررين من الأزمة، والدفاع عن العمّال المشتغلين بالوظائف غير المستقرة، مثل: عمّال الدوام الجزئي غير المؤهلَين للدخول في إجراءات البطالة الجزئية، ولدعم الصناعات الضرورية، ولتعليق اتفاقيات التجارة الحرة وتبني استراتيجية لإعادة الصناعة إلى المستويات المحلية. كما طالبوا بمواءمة جميع الإجراءات التحفيزية التي ستتخذ مع اتفاقية باريس للمناخ كي لا يعتبر قطاع الأعمال الأمر فرصة ليتحلل من خلالها من الالتزامات والقيود والتشريعات بحجّة الأزمة. لكن لسوء الحظ، غالبية البرلمان الأوروبي، ومن بينهم نواب «الجمهورية على الطريق» التابعين لماكرون، رفضوا هذه المقترحات.
ولكنّ الأزمة القادمة كبيرة وستثبت أنّ الإجراءات التي تأخذ باعتبارها الربح أولاً لن تكون قادرة على حلّ أيّة أزمة.
* غريغ جونسون: طالب دكتوراة في جامعة بركلي. كاتب مختص بشؤون أمريكا اللاتينية، له عدّة أوراق بحثية عن البرازيل والأرجنتين وتشيلي وإسبانيا.
* مانويل بومبارد: دكتور في الرياضيات وسياسي يساري، نائب في البرلمان الأوروبي عن حركة «فرنسا العصيّة».
بتصرّف عن:
- Another Debt Crisis Is Looming for Argentina
- The Aid from Europe Is Conditional on Fresh Austerity Measures
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 967