الرأسمالية فشلت... ماذا بعد؟ (1)
ها نحن بعد أقلّ من عقدين على بداية القرن الحادي والعشرين، ويبدو لنا واضحاً أنّ الرأسمالية قد فشلت كنظامٍ اجتماعي. فالعالم غارقٌ في الركود الاقتصادي وبرأس المال المالي، وأعظم معدلات اللامساواة في تاريخ البشري، وكلّ ذلك مصحوباً بالبطالة الهائلة وبالبطالة المقنعة وبالأعمال غير المستقرة، وبالفقر والجوع والمدخلات الضائعة والحياة المهدورة، وقد وصلنا إلى ما يسمونه في هذه المرحلة «دوّامة الموت» في البيئة الكوكبية.
جون بيلامي فوستر
تعريب وإعداد: عروة درويش
إنّ الثورة الرقمية، وهي التقدّم التكنولوجي الأعظم في زماننا، قد تمّ تحويرها عن وعودها بالتواصل الحر وبالإنتاج المحرر، لتصبح وسيلة جديدة للمراقبة والسيطرة وإزاحة الجماهير العاملة. إنّ مؤسسات الديمقراطية الليبرالية في مرحلة الانهيار، بينما الفاشية الحارس الأخير للنظام الرأسمالي تعود للصعود من جديد، لتصحب معها النظام البطريركي- الأبوي والعنصرية والإمبريالية والحرب.
مظاهر الفشل في كل مكان
لا يعني القول: أنّ الرأسمالية قد فشلت، بأنّ زوالها وتفككها كنظام هو أمر وشيك الحدوث. بل يعني بأنّها تخطت المرحلة التي كانت فيها نظاماً مبدعاً لازماً تاريخياً في بدايتها، إلى كونها نظاماً مدمراً غير لازم تاريخياً في القرن الحالي. يواجه العالم اليوم أكثر من أيّ وقت مضى الخيار بين: «إعادة التشكيل الثوري للمجتمع، وبين الانهيار العام للطبقات المتصارعة».
يمكننا رؤية مظاهر فشل الرأسمالية في كلّ مكان. من ازدياد ضغط العمل ونقص الأمان الاجتماعي وتحويل النقابات إلى مجرّد ظلال في الدول التي كانت الرأسمالية تفخر بنفسها فيها. إلى سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على القيمة الفائضة التي تنتجها الشعوب الواقعة تحت الاستغلال المفرط، والتي تحمل الثروة إلى دول المركز مبقية على الفقر في الدول الطرفية. فحوالي 21 ترليون دولار من الأموال القادمة مما وراء البحار يتم حفظها في الجنان الضريبية التي حولها رأس المال المالي إلى حصونٍ له.
يعمل اليوم أكثر من 60% من عمّال وموظفي العالم، أي: قرابة ملياري إنسان، في القطّاع المُفقر غير الرسمي، ليشكلوا حشد بروليتاريا عالمية هائلاً. إنّ جيش البطالة الاحتياطي في العالم اليوم هو أكثر بنسبة 70% من جيش العمالة الناشط المؤلف من العمّال بشكل رسمي.
تصبح الرعاية الصحية الملائمة والإسكان والتعليم والهواء والمياه النظيفة بعيدة عن متناول الناس بشكل متزايد بالنسبة لشرائح كبيرة جداً حول العالم، ومن بينها السكّان في أمريكا الشمالية وأوروبا. ففي الولايات المتحدة وحدها يمكنك أن تجد أكثر من نصف مليون مشرّد يومياً في الشوارع، وجلّهم من الأطفال. تتهاوى توقعات الأعمار، ويشمل ذلك الدول ذات المداخيل المرتفعة، مع ارتفاع مذهل لأمراض وعلل العصر الفيكتوري المتعلقة بالفقر والاستغلال.
يقوم نظام الإعلام الموجه شركاتياً اليوم بإنفاذ أجندته بشكل مساميٍّ حول العالم. وباتت كيانات الأعمال المختلفة حول العالم تستخدم التلاعب التكنولوجي لتعرضه على من يدفع أكثر. إنّ غياب الديمقراطية والحيادية في شبكة الإنترنت يعني المزيد من التركيز والمركزة والسيطرة عليه من قبل محتكري التزويد بالخدمات.
يعاني أكثر من ثلاثة أرباع المليار إنسان الذين يشكلون أكثر من 10% من سكان العالم، من سوء التغذية المزمنة. بينما يستمر العبء الغذائي بالارتفاع في الدول الثريّة، مما يؤدي إلى نمو سريع في شركات الأطعمة الرخيصة التي تسعى لجني أرباح أعلى ببيعها أغذية ذات نوعية رديئة. ففي الولايات المتحدة هنالك حوالي أربعين مليون إنسان، منهم 13 مليون طفل ويشكلون حوالي ثُمن الأسر، يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وتحوّل الإسكان إلى سلعة لا يتوقف، فقد باتت قيمة سوق العقارات تقدّر بحوالي 163 مليار دولار، والتي إن قارناها بقيمة مناجم الذهب عبر التاريخ المسجل والتي تبلغ 7,5 مليار دولار، فسنستدل على فداحة هذه السوق.
وحقبة التأثير البشري في البيئة تصل حدوداً جديدة بتسارع مخيف. فأكثر من 60% من حياة الفقاريات البريّة في العالم «ومن ضمنها الثدييات والزواحف والبرمائيات والطيور والأسماك» قد انقرضت وانمحت من الوجود منذ عام 1970، وقد انخفضت أعداد اللافقاريات في جميع أنحاء العالم بنسبة 45% في العقود الأخيرة.
وقد حذّر العلماء من أنّه في حال استمرار التغيّر المناخي على هذا النحو، فإنّ «ميزان الكربون العالمي» المرتبط بزيادة متوسط حرارة الأرض 2 درجة مئوية سوف تنكسر خلال 16 عاماً. لكنّ الشركات، وخاصة العاملة في مجال الطاقة، تستمر بالكذب وبإنكار هذه الحقائق. إنّ هذه الشركات ترى في كارثة ذوبان الجليد في القطب الشمالي أمراً يشبه «أرض الذهب» الجديدة، فهو يفتح لها المجال للمزيد من احتياطات النفط والغاز الهائلة دون أن تلقي بالاً للعواقب على مناخ الأرض. ولا تزال حكومات الدول الرأسمالية تحمي هذه الشركات وخططها لتهدد مستقبل البشرية.
الدّمار متأصل في الرأسمالية
تُفهمَ الرأسمالية، بأفضل ما يمكن وصفها، بأنها أسلوب إنتاج وتبادل تنافسي مبني على الطبقية، موجّه نحو تراكم رأس المال من خلال استغلال قوّة عمل العمّال والاستيلاء الخاص على فائض القيمة «أي: القيمة التي يتم توليدها بعد تكاليف تجديد قوّة العمل». يقوم نمط المحاسبة الاقتصادي الجوهري للرأسمالية بتسمية أيّ شيء يدخل في السوق وينتج دخلاً بوصفه خدمة أو بضاعة مولدة للقيمة، ويتبع ذلك أنّ القسم الأكبر من تكاليف الإنتاج الاجتماعية والبيئية خارج السوق، يتم استثناؤها من نمط التقييم هذا، ويتم التعامل معها بوصفها مجرّد «آثار خارجيّة»، غير ذي صلة بالاقتصاد الرأسمالي، سواء كان ذلك تدهور الحياة البشرية أو تدمير البيئة الطبيعية. فكما قال الاقتصادي البيئي ويليام كاب: «يجب اعتبار الرأسمالية اقتصاد عدم دفع التكاليف».
لقد وصلنا الآن في القرن الحادي والعشرين إلى نقطة حيث باتت هذه الآثار الخارجية لهذا النظام غير العقلاني، مثل: تكاليف الحروب أو استنفاذ الموارد الطبيعية أو إزهاق حياة البشر أو تشويش النظام البيئي، تتجاوز بكثير المنافع الاقتصادية المستقبلية التي تعرضها الرأسمالية على المجتمع ككل. تتمّ مراكمة رأس المال وتكديس الثروة بشكل متزايد على حساب صَدْعٍ لا يمكن رأبه في الظروف الاجتماعية والبيئية التي تحكم حياة الإنسان على الأرض.
قد يجادل البعض بأنّ الصين تقف كاستثناء للكثير من الذي ذكرناه، لتتميز بمستويات التقدم الاقتصادي التي تبدو غير قابلة للإيقاف، رغم ما تحمله معها تناقضات اجتماعية وبيئية. لكنّ تطوّر الصين له جذوره التي تصل إلى الثورة الصينية عام 1949 التي قامت من خلالها بتحرير نفسها من النظام الإمبريالي. سمح هذا للصين بالتطوّر لعقود في ظلّ الاقتصاد المخطط المستقلّ بشكل كبير عن القيود التي تفرضها القوى الخارجية، ليؤسس لقاعدة اقتصادية وصناعية قويّة. وقد تبع ذلك تحولٌ في حقبة إصلاحات ما بعد ماو، لتتحول إلى نظامٍ هجين بين تخطيط الدولة المحدد مع الاعتماد بشكل أكبر بكثير على العلاقات السوقية «وتوسّع كبير في الدَّين والمضاربات» في ظلّ ظروف العولمة والسوق الحرّة التي سمحت لها تحديداً «باللحاق بالركب». وتحاول الولايات المتحدة عبر الحروب التجارية وغيرها من الضغوط زعزعة استقرار موقع الصين في السوق العالمية، فهي بالفعل تسعى لمقارعة قواعد النمو الصيني في التجارة العالمية. وعليه فإنّ الصين ليست صامدة بشكل رئيسي بسبب نجاحها الرأسمالي المتأخر، بل بسب الحدود التي ورثتها. علاوة على ذلك فإنّ النموذج الصيني الحالي يحمل داخله الكثير من نزعات نظام التراكم الرأسمالي المدمرة.
لكن كيف تطورت هذه الظروف الكارثية التي تميّز الرأسمالية في جميع أنحاء العالم؟ يحتاج فهم هذا الفشل الذي بدأ مع بداية القرن العشرين إلى تفحص تاريخي لنهوض النيوليبرالية، وكيف خدمت فقط تكريس السِّمة التدميرية للنظام. عندها فقط يمكننا أن نعالج الوضع من أجل مستقبل البشرية في القرن الحادي والعشرين.
النيوليبرالية والفشل الرأسمالي
إنّ أغلب العلل المرتبطة بالرأسمالية معروفة للجميع. لكن غالباً لا يتم إرجاعها إلى الرأسمالية كنظام، بل فقط للنيوليبرالية التي يُنظر إليها كنموذج محدد من التطور الرأسمالي كان بالإمكان الاستعاضة عنه بآخر أفضل منه. فبالنسبة للكثير من اليساريين، يكمن حلّ النيوليبرالية أو الرأسمالية الكارثية بالعودة إلى ليبرالية دولة الرفاه والتشريع السوقي وبعض صيغ «الديمقراطية الاشتراكية» المحدودة، أي: إلى رأسمالية أكثر عقلنة.
على النقيض من ذلك، يفهم الماركسيون النيوليبرالية بوصفها ثمرة أصيلة للرأسمالية المتأخرة، مرتبطة بهيمنة رأس المال المالي الاحتكاري. ولهذا علينا أن نبحث كي نفهم سبب أنّ وجود بديل عن النيوليبرالية وعن الدكتاتورية الرأسمالية هو أمر مغلق داخل النظام نفسه.
لمصطلح النيوليبرالية جذوره في بداية عشرينيات القرن العشرين، في النقد الماركسي لكتابي فون ميسس: «الأمّة والدولة والاقتصاد 1919» و «الاشتراكية: الاقتصادي والتحليل الاجتماعي 1922». وكلاهما كتبا لمناهضة الاشتراكية بشكل خبيث، ليضعا حجر الأساس للإيديولوجية الرأسمالية النيوليبرالية. ركزت أعمال ميسس وبعدها «غرفة تجارة فيينا» على الإصرار على ضرورة استبدال «الليبرالية القديمة» بأخرى يمكنها هزيمة الاشتراكية. فقد ساوت هذه الأعمال بين الاشتراكية وبين الدمار، وأصرّت على أنّ الاحتكار يتوافق مع المنافسة الحرّة في الرأسمالية ودافعت عن اللامساواة غير المحدودة وجادلت بأنّه بإمكان المستهلكين ممارسة «الديمقراطية» عبر مشترياتهم، فشبّهها بالاقتراع. انتقد بشدّة التشريعات العمالية والتأمين الاجتماعي الإلزامي والنقابات وضمانات البطالة والتأميم والضرائب والتضخم، بوصفها أعداء لليبرالية المجددة.
وقد أكّد النقد الماركسي لهذه الكتابات الشوائب المنطقية الخطيرة في تحليلاتها. حيث تمّ اعتبار النقابات قيوداً على التجارة، بينما تمّ تبرير رابطات أرباب العمل والشركات الاحتكارية بأنّها متسقة مع المنافسة الحرّة. وكذلك دافع ميسس عن دولة قويّة تقمع كفاحات الطبقة العاملة باسم نظام سوق ينظم نفسه ذاتياً، بينما اتهم الدولة، عندما تكون أفعالها في صالح العمّال، بأنّها تناهض السوق الحرّة وبأنّها شكل من الإرهاب الطبقي. لقد ميّز ميسس نفسه بين الليبرالية القديمة وبين النيوليبرالية على أساس التزام القديمة بالمساواة ورفض الثانية للمساواة، (عدا المساواة في الفرص).
خُلقت النيوليبرالية لتشرعن الاحتكار أو رأس المال المالي، وصُممت لتمنح النخب الرأسمالية القاعدة الفكرية لمناهضة الاشتراكية. لكن ليس الاشتراكية فحسب، بل كذلك أيّ نوع من التشريع الاجتماعي والديمقراطي للاشتراكية: إنّها هجوم معلن على الطبقة العاملة. لكنّ النيوليبرالية خَبَتْ ما بين الثلاثينيات والستينيات على إثر الأزمة المتعمقة للرأسمالية.
عُرفت السنوات التالية للحرب العالمية الثانية في الغرب باسم العصر الكينزي. وبسبب الإنفاق المتزايد للدولة (وتحديداً على الجيش في سياق الحرب الباردة) وإعادة بناء الاقتصادات الأوروبية والياباني التي مزقتها الحرب، والتوسّع في «جهود البيع»، وموجات التحوّل إلى العربات والسيارات في كلٍّ من الولايات المتحدة وأوروبا، والحربين الإقليميتين الرئيسيتين في آسيا، نَمَت الرأسمالية بسرعة لمدّة ربع قرن. وفي هذه الأثناء كانت الرأسمالية مضطرة لتواجه خطر النموذج البديل الذي يمثله الاتحاد السوفييتي، وبروز النقابات القوية كنتيجة للتطورات في الثلاثينات والأربعينات. ولهذا تحرّك الغرب في اتجاه الكينزية والديمقراطية الاشتراكية ودولة الرفاه.
لكن رغم ذلك، بقي الميل نحو الركود الاقتصادي الذي ظهر بالفعل في الثلاثينات موجوداً كعيب في النظام. العيب الذي تمّ إخفاؤه بما سمي بالعصر الذهبي للنمو السريع وبزيادة دخل العمال اللذين تبعا الحرب العالمية الثانية على الفور. نجحت الشركات العملاقة بالاستيلاء على حصّة أكبر من أي وقت مضى من الفائض سواء بشكل إجمالي أو نسبي، وهو الفائض الذي تركّز في أيدي حاملي ثروة أقلّ من أيّ وقت مضى. الأمر الذي قاد إلى ميل نحو التراكم- المفرط لرأس المال والقدرة المفرطة على التصنيع، والتي عاكسها بشكل جزئي التوسّع الهائل في جهود البيع والعسكرة والإمبريالية، لكن مع تأثير على تنشيط الاقتصاد أقلّ من أيّ وقت مضى.
قادت الإمبريالية الأمريكية وانتشار الدولار في الخارج إلى كسرٍ في نظام بريتون وودز، الذي أدّى إلى استقرار التجارة العالمية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ممّا جعل ريتشارد نيكسون ينهي ارتباط الدولار بالذهب في 1971. وقد ارتبط هذا بالتباطؤ في اقتصاد الولايات المتحدة منذ أواخر الستينات وصاعداً، وانتهاء حرب فيتنام، ما أنتج أزمة هيكلية في النظام الرأسمالي في منتصف السبعينات، وهو الذي كان علامة على بداية عقود من الركود الاقتصادي وانخفاض طويل الأمد في معدلات النمو في الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة. لقد خَبَت المحفزات الرئيسية التي أشعلت طفرة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لتترك الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة في فترة ركود مغم.
لقد كان الردّ الأول على الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي في السبعينات هو استخدام «تحفيز الطلب» الكينزي لتوسيع إنفاق الدولة. فقد بلغ إنفاق الحكومة الأمريكية على السلع والخدمات كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ذروته في عهد إدارة نيكسون. قاد هذا الأمر، إضافة للكفاح النقابي للحفاظ على أجور حقيقية أثناء الأزمة، في الوقت الذي ترفع فيه الشركات المحتكرة الأسعار بشكل عدواني لتزيد هوامش الربح لديها، إلى فترة الركود التضخمي «الركود الاقتصادي مضافاً إليه التضخم».
يشكّل التضخم، وهو الذي يخفّض قيمة الثروة المتراكمة المحفوظة على شكل أصول نقدية، خطراً فورياً على الطبقة الرأسمالية أشدّ بكثير من الركود الاقتصادي. بينما الأمر معكوس بالنسبة للطبقة العاملة. نتج عن هذا الأمر صعود حركة مناهضة للكينزية بين الطبقة الرأسمالية، والتي باتت تصف أيّ شيء يقع إلى يسار النيوليبرالية بأنّه اشتراكي أو توتاليتاري- شمولي، على شاكلة ما كتبه هايك في «الطريق إلى العبودية». وبدأ السعي للانقلاب على عقود من المكاسب المتواضعة للطبقة العاملة. كان هنالك ميلٌ حاد تجاه التقشف وإعادة الهيكلة الاقتصادية، والتي كانت في بدايتها متخفية بغطاء «المدرسة النقودية» و«اقتصاد التوريد/العرض»، ثم أخذت في وقت لاحق شكلاً متبلوراً في السوق الحرّة. تمّ بذل الجهود المنسقة لتدمير النقابات بالوسائل السياسية والاقتصادية والقانونية، قاضية على ما سمي: «القوّة المضادة» للعمّال.
لقد كان أمراً رئيسياً لعودة ظهور النيوليبرالية ما يسمّى «جمعية مونت بيليرين». ورغم أنّ كلمة النيوليبرالية قد تمّ تقديمها من قبل ميسس نفسه وأعيد طرحها في ندوة والتر ليبمان في عام 1938 التي حضرها كلّ من ميسس وهايك، فقد تمّ الاستغناء عنها بعد النقد الماركسي المدمّر لها في العشرينيات. وعوضاً عن ذلك تمّ تقديم النيوليبرالية ليس بوصفها إيديولوجية سياسية منفصلة بل كامتداد لليبرالية الكلاسيكية، وقد عزيت إلى السمات الفطرية في السلوك البشري. لقد قاموا بهذه الطريقة بتحويلها إلى ما سمّاه مايكل فوكو: «السياسة الحيوية Biopolitics».