«العدوان الثلاثي الجديد» من التعبئة إلى الفشل
ما من شك بأن العدوان الثلاثي الجديد الذي نفذته كل من «الولايات المتحدة_ بريطانيا_ فرنسا» على سورية، قد مني بالفشل من تحقيق غاياته وأهدافه، وذلك إذا ما قارنا بين ما سبق هذا العدوان من حملات دعائية ذات مستوى عالٍ، وبين ما تم حصاده من نتائج فعلية، وخاصة على مستوى أعداد الصواريخ المعادية التي تم إسقاطها.
جوقة التعبئة وصدى الأتباع
تم الاستناد على مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في مدينة دوما السورية، مع فبركات التقارير الإعلامية عنها، كذريعة من أجل التعبئة والتحريض والحشد من أجل العدوان، والتي كانت بدايتها البيان المشترك الصادر بتاريخ 7/4/2018 عن كل من «الخوذ البيضاء» و«الجمعية الطبية السورية الأمريكية» بزعم أن 49 شخصاً قتلوا جراء استخدام القوات السورية سلاحاً كيميائياً في مدينة دوما.
فقد تم تلقف هذا البيان مباشرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، التي أدانت «الهجوم الكيميائي»، مشددة على ضرورة محاسبة الحكومة السورية وداعميها، وبأن هذا الحادث يتطلب رداً فورياً من قبل المجتمع الدولي.
وكذلك كان حال بريطانيا، التي أعربت عن قلقها مطالبة بإجراء تحقيق عاجل.
وفي اليوم التالي 8/4/2018، دعت الخارجية الفرنسية إلى اجتماعٍ لمجلس الأمن الدولي، بشأن الهجوم المزعوم في أسرع وقت ممكن، فيما اتهم الاتحاد الأوروبي الحكومة السورية بالوقوف وراء استخدام الكيميائي في دوما، داعياً المجتمع الدولي للرد على الحادث في أسرع وقت.
وقد سارعت السعودية بدعوة المجتمع الدولي إلى التدخل «لحماية المدنيين السوريين»، كما طالبت قطر بـ«إجراء تحقيق دولي في الموضوع ومحاسبة مجرمي الحرب».
العدو الصهيوني لم يغرد خارج السرب، حيث قامت طائراته بقصف مطار التيفور العسكري في ريف دمشق، وذلك بتاريخ 9/4/2018.
الملف الذريعة
بتاريخ 9/4/2018 صدر بيان من مركز المصالحة الروسي مفاده: أن أطباء من دوما نفوا وصول مصابين بالكيميائي إلى المراكز الطبية.
وبتاريخ 10/4/2018 حذرت موسكو من مغبة المماطلة في بدء تحقيق منظمة «حظر الأسلحة الكيميائية» في دوما السورية.
وبتاريخ 12/4/2018 دعا الأمين العام لحلف الناتو السلطات السورية إلى تأمين وصول المراقبين الدوليين إلى موقع الهجوم الكيميائي المزعوم بالغوطة الشرقية.
فيما حملت الحكومة السورية الأطراف الغربية مسؤولية أي تأخير لوصول فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وبنفس التاريخ ادّعت واشنطن حصلوها على عينات دم وبول لضحايا «هجوم دوما» تؤكد إصابتهم بالكيميائي. وكذلك مسؤولان أمريكيان يدّعيان في حديث لقناة MSNBC أن عينات دم وبول لضحايا الهجوم الكيميائي المزعوم في مدينة دوما السورية حصلت عليها واشنطن، تؤكد إصابتهم بالكلور ومادة مشلة للأعصاب.
نفيٌ وتحذير
الخارجية الروسية، بتاريخ 7/4/2018، نفت بشدة المزاعم عن استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما، محذرةً من العواقب الوخيمة لأي تدخل خارجي عسكري في سورية استناداً إلى أنباء مفبركة.
وقد نفت الخارجية السورية المزاعم عن استخدام الكيميائي في دوما، بتاريخ 8/4/2018، كما نفت الخارجية الإيرانية بنفس التاريخ المزاعم عن الهجوم الكيميائي، وقالت بأنها: «غير منطقية وغير متوافقة مع الحقائق على الأرض».
التمهيد للعدوان والرد
بتاريخ يوم الاثنين 9/4/2018، اتفق كل من ترامب وماكرون على تنسيق «رد مشترك» على «الهجوم الكيميائي»، تبعه اجتماع لترامب مع جنرالاته لبحث هجوم جديد على سورية.
أعقب ذلك تصريح لوزير الحرب الأمريكي جيمس ماتيس بأن: الولايات المتحدة لا تستبعد تنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الجيش السوري رداً على «الهجوم الكيميائي».
وقد استكمل ترامب التمهيد بقوله: سنتخذ قراراً حاسماً بشأن سورية خلال 24 أو 48 ساعة القادمة.
جاء الرد الروسي على هذا النمط من التمهيد التعبوي على لسان لافروف حيث قال: ما يجري هدفه القيام بـحملة شاملة تستهدف الحكومة السورية وموسكو وإيران. ولدينا التزامات مع دمشق في حال تنفيذ ضربة عسكرية أمريكية على سورية.
موقف عدواني مُبَيّت
بتاريخ الاثنين 9/4/2018، تم الإعلان عن أن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلستين طارئتين، الأولى: بطلب روسي، والثانية: بطلب من الدول الغربية.
اللافت، هو ما صرحت به المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، حيث قالت: سنرد على «هجوم دوما الكيميائي» أياً كان موقف مجلس الأمن.
وقد رد المندوب الروسي على ذلك بأن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تتبع نهجاً عدوانياً ضد روسيا وسورية، ووقاحتها تتجاوز نبرة الحرب الباردة، داعياً إلى التحقيق في هذه الملابسات الغامضة بشكلٍ نزيهٍ وموضوعي وغير منحاز، دون تجاهل مبدأ قرينة البراءة.
وتمهيداً للعدوان المبيت قال ترامب بنفس اليوم: سنتخذ قراراً بشأن الرد على هجوم دوما الكيميائي الليلة وسيكون قوياً، تبعتهُ تصريحات لمسؤولين أمريكيين بأن: واشنطن تدرس رداً عسكرياً جماعياً في سورية.
تصعيد وتحذير من مغبات العدوان
بتاريخ يوم الثلاثاء 10/8/2018، وقبيل انعقاد مجلس الأمن، جرت محاولات روسية إضافية للتهدئة لكنها لم تخلُ من التحذير.
فقد قال نائب وزير الخارجية الروسي: نأمل بألّا تصل الأمور في سورية إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع واشنطن، كما قال المندوب الروسي في مجلس الأمن: حذرنا الجانب الأمريكي من العواقب الوخيمة جداً المحتملة لإمكانية استخدامهم السلاح ضد سورية.
وقد تم التصعيد من قبل البيت الأبيض هذه المرة، بأن الولايات المتحدة لا تستبعد مشاركة عدة دول في الرد على سورية.
كما تم الإعلان أن رئيسة الوزراء البريطانية تنسق مع ترامب وماكرون لرد مشترك.
وقد تم عقد جلسات مجلس الأمن، والتي تمخضت عن فيتو من القوى الغربية ضد مشروعي قرار روسيين، وفيتو روسي ضد مشروع قرار أمريكي حول سورية.
تخبطٌ وفشلٌ في حشد القوى
على إثر فشل مجلس الأمن من اتخاذ القرار المناسب بما يحقق الرغبات العدوانية الغربية المبيتة على سورية، ظهرت ملامح التخبط لدى مجموعة دول العدوان، حيث قالت رئيسة الحكومة البريطانية بتاريخ 10/4/2018 بأن: بريطانيا بحاجة إلى مزيد من الأدلة قبل الانضمام إلى الضربة العسكرية ضد سورية.
وبتاريخ 11/4/2018 قال ترامب عبر تويتر: نتوعد روسيا بإسقاط أية صواريخ سنطلقها على سورية. يا روسيا، استعدي لأنها قادمة، وهي جميلة وجديدة و«ذكية».
أعقب ذلك تصريح من البيت الأبيض يقول: لم نتخذ قراراً نهائياً بعد حول سورية وجميع الخيارات على الطاولة.
ثم لمحت المتحدثة باسم البيت الأبيض: أن الولايات المتحدة لا تستبعد احتمال توجيه ضربة للقوات الروسية في سورية.
وبتاريخ 12/4/2018 قال ترامب: لم أحدد مسبقاً متى ستُنفذ الضربة ضد سورية، قد تكون في القريب العاجل، أو قد لا تكون قريبة على الإطلاق. في كل الحالات أنجزت أمريكا في ظل إدارتي عملاً عظيماً في تخليص المنطقة من داعش.. أين الشكر لأمريكا؟
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فقد قالت: بلادنا لن تشارك في أية ضربة على سورية، ويجب النظر في جميع أنواع الإجراءات بخصوص الوضع في سورية، على إثره تم الإعلان أن ألمانيا وإيطاليا لن تشاركا في أي عمل عسكري ضد سورية.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس: أن واشنطن أثناء دراستها لمسألة توجيه ضربة عسكرية إلى سورية، تتطلع لتجنب أي تصعيد قد يخرج عن السيطرة.
العدوان الفاشل بالأرقام
صباح السبت 14/4/2018 وبالتزامن مع بدء بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لعملها، قامت قوى «العدوان الثلاثي الجديد» بشن غارات على مواقع عسكرية ومدنية سورية.
وقد كشفت وزارة الدفاع الروسية عن أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 71 صاروخاً من أصل 103، وذلك باستخدام منظومات «س-125» و»س-200» و»بوك» و»كفادرات» و»أوسا»، التي صنعت في الاتحاد السوفيتي قبل أكثر من 30 سنة.
مشيرة إلى أنه شاركت في القصف طائرات أمريكية من طرازات B-1B، وF-15 ،F-16، معززة بطائرات «تورنادو» البريطانية فوق البحر المتوسط، وسفينتي «لابون» و»مونتيري» الأمريكيتين من البحر الأحمر.
مؤكدة أن هذا القصف لم يكن رداً على الهجمة الكيميائية المزعومة، بل رد فعل على نجاحات الجيش السوري في تحرير أراضي بلاده من الإرهاب الدولي.