«البنتاغون» مستعد للتدخل مع الجيش التركي

خططت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لعملية مشتركة تقوم بها قواتها الخاصة بالمشاركة مع النظراء الأتراك ضد حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية. لهذه العملية أهداف أوسع بكثير مما هو معلن: تعزيز القوة العسكرية التركية في مواجهة الديمقراطيين الإسلاميين في حزب العدالة والتنمية AKP، وتصفية الزعماء الأكراد العراقيين الرافضين لنهب الأنغلوساكسونيين لنفطهم. وتحت التهديد، التزم الأكراد العراقيون بوضع حد لنشاطات حزب العمال الكردستاني في منطقتهم، وتبنوا قانوناً محلياً للنفط.
يستثير اشتباك المسألتين الدينية والنفطية في العراق وفي تركيا الطبقة الحاكمة في واشنطن، ويدفع معهد هدسون إلى شن عملية عسكرية جديدة، في حين تحاول الواشنطن بوست إجهاضها.
 لفهم هذه المسرحية المعقدة التي يمكن أن تتفاقم في أي وقت، فلنتفحص أولاً الرهانات:

تناقضات سياسية

لم يتمكن التحالف الأنغلوساكسوني من دفع البرلمان العراقي إلى تبني قانونه المتعلق بالنفط، وقد بدأ النواب عطلتهم دون التصويت عليه. والحال أنّ هذا القانون هو الهدف الرئيسي لغزو العراق واحتلاله، اللذين كلفا حتى الآن ما يقارب مليون حياة بشرية. يعطي القانون الشرعية للعقود المجحفة التي حضرها تكتل من الشركات المتعددة القومية يتألف من بريتيش بتروليوم وشل وإيكسون موبيل وشيفرون، وبصورةٍ أقل توتال وإيني. وهو يسمح بالاستنزاف الكامل للمخزون النفطي في البلاد في غضون السنوات القادمة.
سمح الأنغلوساكسونيون بالالتباس ولجأوا للبشمركة (المقاتلين الأكراد) للسيطرة على مدينة كركوك أثناء غزو العراق (2003). وبالتالي، يطالب الأكراد العراقيون بأن يجري إلحاق كركوك، عاصمتهم التاريخية، بالمقاطعات ذات الحكم الذاتي التي يديرونها اليوم، على أمل أن يحصلوا على 40% من الاحتياطيات النفطية العراقية ويمولوا دولتهم العتيدة. لكنّ هذا الأمر لا يدخل في حسبان التحالف.
في الوقت نفسه، ومن الجانب الآخر للحدود الغربية، في تركيا، يتواجه الكماليون والديمقراطيون المسلمون، فبمناسبة انتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية، اتهم الكماليون العلمانيون الديمقراطيين المسلمين بالتظاهر بالوداعة، في حين أنهم يريدون في واقع الأمر فرض دولةٍ مذهبيةٍ إسلامية. لا شيء في موقف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ولا في موقف وزير الخارجية والمرشح للرئاسة عبد الله غول ما يدعم هذا الاتهام الذي يبدو وكأنه ينبع من الوهم وحده، باستثناء محاكمة النوايا. لكنّ هذا السجال جذب انتباه مناصري صراع الحضارات في واشنطن، الذين تربطهم علاقات شخصية مع أنقرة. فهم لم يغفروا لتركيا رفضها لفتح مجالها الجوي أمام قوات التحالف لغزو العراق، ولا إقامتها لعلاقات مع الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس، ويحاولون استدراج تركيا إلى عملية عسكرية مشتركة.
وبالفعل، فالتحالف بين تركيا والولايات المتحدة أساسي لهذه الأخيرة. وإذا ما قطعت تلك الصلات، لن تخسر واشنطن السيطرة على المضائق التي تربط البحر الأسود بالبحر المتوسط وحسب، بل ستخسر أيضاً قطعةً شديدة الأهمية في الشرق الأوسط، وأخيراً أنبوب النفط الرئيسي لاستثمار نفط بحر قزوين. والحال أنّ دراساتٍ عديدة للرأي أظهرت تطور شعورٍ «معادٍ للأمريكيين» بين الأتراك بصدد المذبحة في العراق، لكن بصورة خاصة بسبب دعم الولايات المتحدة الأكراد من حزب العمال الكردستاني.
ينتج عن ذلك أنّ عملية عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا ضد قواعد حزب العمال الكردستاني العراقي ستسمح بالاستجابة لأماني تركيا وبإرضاء قيادة الأركان التركية وبربط الديمقراطيين الأتراك بحلف شمال الأطلسي، وفي تلك الأثناء، بتصفيةٍ دون ضجيج للقادة الأكراد العراقيين المعارضين لقانون النفط العراقي.

هيجان في واشنطن

بدأت إدارة بوش ترتيب عمليتها في آب 2006. وقد عين البنتاغون جوزيف رالستون لتنسيق العمليات المستقبلية ضد حزب العمال الكردستاني. كان من المفترض أن يعين الجنرال رالستون رئيساً لأركان جيوش الولايات المتحدة في العام 2000، لكن ذلك لم يحصل بسبب كشف إقامته لعلاقة زنا قبل ثلاثة عشر عاماً. وكتعويض، أصبح القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في العام 2003. في البداية، تلخص نشاطه ضد حزب العمال الكردستاني بعقد صفقة لبيع ثلاثين طائرة F-16 للجيش التركي مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات وفي التفاوض على صفقة جديدة من طائرات F-35 JSF مقابل عشرة مليارات دولار. وهي عقود قبض هو نفسه عليها عوائد بوصفه مديراً لشركة لوكهيد مارتن لصناعة الطائرات.
ثم في تشرين الثاني 2006، ودون أخذ الهدنة التي حصلت في تلك الأثناء بعين الاعتبار، أرسلت إدارة بوش وفداً خاصاً من وزارات الخارجية والعدل والخزينة ليقوم بجولة في العواصم الأوروبية، وقد اقترح أولئك الموفدون على الأوروبيين اتخاذ إجراءات مصرفية وبوليسية مناسبة لتوقيف تمويل الشتات الكردي لحزب العمال الكردستاني. كما ناقشوا مع الرسميين الدانمركيين شروط إغلاق قناة (روج) التلفزيونية الفضائية التابعة للحزب.
في الوقت نفسه، تنكب ماتيو بريزا، المشرف على بناء خطوط أنابيب النفط في آسيا لصالح مجلس الأمن القومي الأمريكي، مسؤولية مفاوضات دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. لم يكن الأمر يتعلق إطلاقاً بكسر شوكة بروكسل، بل بتهدئة الأتراك وبإطالة أمد المناقشات.
حرصاً على كسب ود الجنرالات الكماليين، تدخل ماتيو بريزا لدى الكونغرس بوصفه مستشاراً لوزيرة الخارجية كوندوليسا رايس للشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية بهدف منع إقرار القانون الذي اقترحه الحزب الديمقراطي والذي يعترف بالمذبحة الأرمنية. ثم أدلى ببعض التصريحات لدعم الأركان في رفضها لوقف إطلاق النار في فترة الشتاء من جانب واحد الذي أعلنه حزب العمال الكردستاني.
في الوقت نفسه، استقبلت الأخصائية في الشؤون التركية زينو باران علناً في معهد هدسون الجنرال إرجين سايغون، نائب رئيس الأركان التركي. ثم نشرت مقالاً استفزازياً في النيوزويك بعنوان «انقلاب قادم؟»، أكدت فيه بأنّ مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تمارس تأثيراً ضاراً على تركيا. وبالفعل، فإنّ بروكسل، بمطالبتها للجيش التركي بالخضوع بالكامل للسلطة المدنية، تفتح الطريق أمام وصول إسلاميين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع. وبالتالي، فإنّ انقلاباً عسكرياً سيكون الحل الوحيد للحفاظ على «الديمقراطية» في مواجهة الشريعة.
في حين أثار هذا المقال انفعالاتٍ قوية في أنقرة بسبب الخشية من أن تقوم الولايات المتحدة مجدداً بقلب النظام، كرر السفير ماتيو بريزا التكذيبات بهذا الصدد. وأشار إلى أنّ وزارة الخارجية تولي جل الاحترام لحكومة أردوغان، ولم يدر في خلدها إطلاقاً اللجوء إلى القوة.
هذه التكذيبات أقنعت أنقرة، لكنها بدت غير جدية في واشنطن بالنسبة لأولئك الذين لا يجهلون بأنّ زينو باران هي عشيقة السفير ماتيو بريزا.
أبدت واشنطن التحفظ لبضعة أشهر، أثناء الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل وحملة الانتخابات التشريعية، لكن في 13 حزيران 2007، دعت زينو باران لاجتماع سري في معهد هدسون في واشنطن في الشارع الخامس عشر، على بعد مبنيين من البيت الأبيض. كان من بين الحضور الملحق العسكري للسفارة التركية الجنرال برتان لوغارلاروغلو؛ ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الأركان (SAREM) الجنرال سوها تانييري؛ وكوبات الطالباني، ابن الرئيس العراقي جلال الطالباني. انكب المدعوون على دراسة سيناريو سياسي افتراضي: اغتيال رئيسة المحكمة العليا تولاي توغتشو ثم اعتداء يسقط خمسين قتيلاً في اسطنبول. يعلن بيان لحزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن العملين ثم يعبر خمسون ألف جندي تركي الحدود الشمالية العراقية لمهاجمة قواعده الخلفية. يقوم أعضاء كومندوس أتراك باختطاف القائدين العسكريين لحزب العمال الكردستاني مورات كاراييلان وتشيرنيل باييك، ويقومون بنقلهما إلى تركيا لمحاكمتهما.
بعد أن كشف تسريبٌ هذا الاجتماع عشية الانتخابات التشريعية، طالبت رئيسة المحكمة العليا باعتذاراتٍ وحصلت عليها، وطالب رئيس البرلمان بولنت أرينس عبثاً بتفسيرات من قيادة الأركان، في حين وصف رئيس الوزراء طيب رجب إردوغان سيناريو معهد هدسون بأنه «جنوني».
في الثامن عشر من حزيران 2007، جاء دور مركز نيكسون لينظم نقاشاً عاماً حول السياسة التركية، شرح فيه الأب الروحي للمحافظين الجدد ريتشارد بيرل بابتسامةٍ عريضة بأنّ العديد من الديمقراطيين المسلمين لا يمثلون خطراً إسلامياً حقيقياً وسيكون من الحصافة أن تتظاهر الولايات المتحدة بتصديق ذلك وتعمل بالتالي على إبقاء سلطة العسكريين الذين تستطيع عبرهم التدخل عند الضرورة في الحياة السياسية الخارجية. من وجهة النظر هذه، تابع بيرل، لن يكون دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أمراً حسناً اليوم، لأنه يفترض انتهاء السلطة العسكرية.
قدمت الانتخابات التشريعية التي جرت في 22 تموز 2007 أغلبية كبيرة للديمقراطيين المسلمين. فقد حصل حزب العدالة والتنمية وحده على 46 بالمائة من الأصوات و341 مقعداً من أصل 550. وعلى الفور، تساءلت مراكز الأبحاث الرئيسية الأمريكية المهتمة بالسياسة التركية حول ضرورة أو عدم ضرورة قلب السلطة المدنية في أنقرة. جمعت زينو باران مجدداً مجموعة عملها في معهد هدسون يوم 24 تموز، في حين تحدث السفير ماتيو بريزا في 26 تموز أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (WINEP)، وهو معهد شديد الموالاة للصهيونية. تشكل توافق انطلاقاً من هذه الخبرات المختلفة: يتوجب على الولايات المتحدة تعزيز موقف العسكريين في وجه الديمقراطيين المسلمين. لهذا الغرض، عليها تنظيم عملية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني تؤدي إلى انتصار عسكري لكن لا ينتج عنها حل سياسي نهائي.
وبالتالي، طور البنتاغون مشروع تدخل مشترك للقوات الخاصة في البلدين وقدمه في اجتماع مغلق للأعضاء الرئيسيين في لجنة القوات المسلحة في الكونغرس..
وسائل ضغط واشنطن
أثناء الحرب الباردة، سيطرت الولايات المتحدة على الحياة السياسية التركية سيطرةً وثيقة كيلا تقع البلاد تحت النفوذ السوفييتي. لهذا الغرض، استندت إلى العسكريين وإلى اليمين المتطرف، وطورت فرعاً محلياً لشبكة غلاديو. وبهدف الحفاظ على مصالحها، نظمت ثلاثة انقلابات عسكرية، في الأعوام 1960 و1971 و1980. فضلاً عن ذلك، نظمت إبعاد رئيس الجمهورية نجم الدين أربكان في العام 1997، ليس لأنه كان مسلماً، بل لأنه اتخذ مواقف مناهضة للإمبريالية والصهيونية.
لم ترد الولايات المتحدة فوراً على التحدي الذي أبداه البرلمان التركي بمنعها من استخدام المجال الجوي للبلاد لمهاجمة العراق، لكنها وجهت عدة رسائل تهديد للديمقراطيين المسلمين. في السابع عشر من أيار 2006، أدى اعتداء على قاضٍ في مجلس الدولة إلى مقتله وجرح عدة أشخاص آخرين. تعاملت الصحافة الغربية مع هذه الحادثة بوصفها جريمةً إضافية «للإرهاب الإسلامي». لكن الأمر كان بالنسبة للحكومة المدنية تحذيراً واضحاً. ولم يتردد نائب رئيس الوزراء محمد على شاهين في أن يعلن على الملأ بأنّ الاعتداء قد نظمته في الواقع منظمة غلاديو بعد استعادة نشاطها، وبأنّ خطر حدوث انقلاب عسكري قد برز مجدداً. في هذا السياق، لم يكن بوسع السيناريو الذي درسه معهد هدسون والمتضمن حدوث اعتداء على رئيسة المحكمة العليا إلا أن يثير مخاوف حقيقية في أنقرة.
لمواجهة المشكلة الكردية، يتوجب على تركيا التروي: فعليها في الوقت نفسه قمع حزب العمال الكردستاني وتقديم ضمانات في المواطنة لأكرادها. سوف يؤيد الرأي العام التركي مهاجمة الخطوط الخلفية لحزب العمال الكردستاني في العراق، لكنّ المغالاة في هذه العملية ضد الأكراد العراقيين ستجعل من تركيا دولةً مناهضة للأكراد وتحول المسألة إلى حربٍ أهلية.
يبقى أنّه ربما لا تتوفر لأنقرة إمكانية رفض الانضمام إلى الخطط الأمريكية. فلكي يُفهم البنتاغون جيداً، أضاف إلى عرضه بقيام عملية عسكرية مشتركة مع تركيا برقيةً لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، يقترح فيها إعادة تأهيل خط أنابيب الموصل حيفا الذي يسمح باستثمار نفط شمالي العراق دون عبوره بتركيا. وهو اقتراح سيخرب أنابيب النفط التركية في حال تطبيقه.
وهكذا، ينبغي فهم هذه البرقية بوصفها العصا التي تصاحب الجزرة.
أخطاء القادة الأكراد المتكررة
في السنوات الخمسين الماضية، تكررت أخطاء القادة الأكراد السياسية، فقد داعبوا طويلاً سراب تأسيس دولة كردية مستقلة. والحال أنّ هذه الدولة إن تأسست، تحتوي على أوسع مكامن النفط في المنطقة، وسيكون لها قوة هائلة لا يمكن لأيّ من جيرانها ولا لأية قوةٍ عظمى القبول بها. وبالتالي، فإنّ استثارة آمال لا يمكن تحقيقها أمرٌ غير مسؤول.
وفق معاهدة سيفر التي فككت الإمبراطورية العثمانية ووعدت الأكراد بدولة خاصة بهم، أعلن هؤلاء الأخيرون مملكة شمالي العراق في العام 1922، لكنّ البريطانيين حلوها بعد عامين من ذلك. وفي العام 1927، أسسوا جمهورية آرارات، شرقي تركيا. لكن أعيد إدماجهم بالقوة في تركيا مصطفى كمال أتاتورك الجديدة.
في العام 1946، قام الأكراد بمحاولة جديدة، هذه المرة في الأراضي الإيرانية وبمساندة الاتحاد السوفييتي، هي جمهورية مهاباد. هذه هي المناسبة التي أسس فيها مصطفى البرازاني الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK). لكن السوفييت انسحبوا من إيران وأسقطت طهران الجمهورية. وفي السبعينات، تفاوض مصطفى البرازاني على وضع إدارة ذاتية لكردستان العراق. وفي العام 1973 تحالف مع الولايات المتحدة دون أن يتذكر الماضي وإيران الشاه. وقد رفض الوساطة السوفييتية ونظم تمرداً ضد بغداد. لكن الولايات المتحدة غيرت سياستها ورعت اتفاقاً بين إيران والعراق حول النفط، مضحيةً بالأكراد، مما اضطر أكثر من مائتي ألف شخص إلى سلوك طريق المنفى. هرب البرازاني نفسه إلى الولايات المتحدة، حيث توفي في العام 1979، تاركاً زعامة حزبه لابنه مسعود..
بعد انتهاء عملية «عاصفة الصحراء»، أقام الأنغلوساكسونيون منطقة منع تحليق طائرات شمالي العراق، حيث قاموا بتطوير دولة كردية بحكم الواقع، يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في مناطق متمايزة. أصبح كردستان العراق القاعدة الخلفية لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان. وقد قاموا بحرب عصابات في تركيا، ومارسوا ضغطاً دائماً على أنقرة، نال رضى واشنطن.
في أيلول 1998، وضع الأنغلوساكسونيون حداً لهذا الوضع الملتبس الذي رعوه لمدة ست سنوات، وفرضوا على حزب العمال الكردستاني تعليق نشاطاته المسلحة في تركيا وأرغموا الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على عقد اتفاق سياسي، وقعاه رمزياً في واشنطن.
ولكي يضمن الأنغلوساكسونيون ألا يفلت الوضع من بين أيديهم، نظموا عمليةً مشتركة بين المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الإسرائيلية والتركية لاختطاف عبد الله أوجلان، الذي كان لاجئاً حينذاك في كينيا، ونقله إلى تركيا حيث حوكم وسجن.
في السادس من نيسان 2003، توفي وجيه البارازاني، شقيق مسعود، الذي ذكّر حزبه بأنّ الولايات المتحدة لم تف يوماً بوعودها بخصوص كردستان، وبأنّه من المناسب توخي الحذر: صاحبت القوات الخاصة الأمريكية موكبه وقصفته «عن طريق الخطأ» طائرة أمريكية قتلته مع حراسه الشخصيين الأكراد ولم تجرح مرافقيه الأمريكيين!!
الوقت ملح
في واشنطن، حيث لا يهتم أحد بالأكراد ولا بأية جماعاتٍ سكانية في هذه المنطقة، يفقد المسؤولون صبرهم. أثناء عرض الرئيس بوش لحصيلة «تحرير» العراق في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض منتصف شهر تموز، اشتكى من عدم تبني قانون النفط. من جانبها، أسفت الصحافة الأنغلوساكسونية لأنّ المندوبين العراقيين قد رفعوا الدورة البرلمانية ورحلوا لتمضية الإجازة في حين تمس الحاجة إليهم ويموت الجنود الأمريكيون من أجلهم.
لقد اجتمعت كافة الشروط كي يوجه البنتاغون ضربة كبيرة. لكن بعض البرلمانيين من الديمقراطيين يعارضونها. ولتجنب حصول كارثة، تعهدت الحكومة الإقليمية الكردية العراقية 7/8/2007 كتابياً لأنقرة بالتوقف عن إيواء حزب العمال الكردستاني على أراضيها. وفي الوقت نفسه، صوت الأكراد العراقيون على قانون محلي متعلق بالنفط يحافظ على مطامح «الجنرالات» دون أن يشبع شهيتهم.

 بقلم: تييري ميسان
صحافي وكاتب، رئيس شبكة فولتير
ترجمة: قاسيون