احتياطي النفط الأمريكي يدخل المعركة!
ثمة مؤشرات توحي أن الولايات المتحدة قد أصبحت تخشى جدياً من انقطاع أو بالحد الأدنى، من انخفاض تدفق نهر النفط إلى سوقها المحلية الشرهة في غمرة حروبها الدموية ضد الدول الضعيفة التي تدفع ثمن صراعاتها مع منافسيها الأقوياء، وعلى رأسهم الصين التي بدأت تعود إلى تبني سياسات أقرب إلى الاقتصاد الموجه، وروسيا المستمرة في استعادة حضورها الاقتصادي والجيوسياسي.. ولعل أهم هذه المؤشرات إعلان إدارة الرئيس أوباما خطة لتوسيع نطاق المناطق البحرية لأغراض التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي..
ورغم ضغط المنظمات البيئية التي سارعت إلى إدانة الخطة باعتبارها تخرق قرار وقف الحفريات على طول غالبية الساحل الشرقي، وتسمح بمنح امتيازات تنقيب في مياه ولاية فيرجينيا في فترة عامين من الآن، إلا أن الخطة ستمضي نحو هدفها.
اللافت إن إعلان أوباما عن خطته (الاقتصادية الطابع)، جاءت في كلمة ألقاها في القاعدة الجوية العسكرية في ميريلاند حول احتياجات الولايات المتحدة من أمن الطاقة على المدى الطويل والتوجه نحو استهلاك المزيد من مصادر الطاقة النظيفة، وهو ما ينذر جميع معارضي الخطة: أن اصمتوا!!.
قال أوباما في أواخر آذار «لقد أعلنت منذ بضعة أسابيع ضمانات قروض لإقامة أول منشأ نووي أمريكي في ثلاثة عقود، في مشروع سيخلق آلاف الوظائف. أما على المدى القصير، وفيما ننتقل نحو مصادر طاقة أكثر نظافة، فسنضطر لاتخاذ قرارات صعبة بفتح مناطق بحرية جديدة لاستغلال النفط والغاز مع حماية الأهالي والسواحل».
وحسب الآي بي إس فإن منظمات حماية البيئة قد تبنت إعلان أوباما «زيادة الإنتاج من مصادر جديدة من الطاقة المتجددة، والطاقة المحلية»، لكنها انتقدت خطته لإلغاء الحظر المفروض منذ 20 عاما على عمليات الحفر البحرية. وصرح فرانسيس بينيك، رئيس مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، أن «عمليات الحفر البحرية تنطوي علي مخاطر بيئية كبيرة، دون زيادة استقلالنا الطاقي بصورة حقيقية».. وشرح أن «هناك مناطق عديدة تعتبر بالغة الحساسية من عمليات الحفر البحرية وتهدد محيطاتنا والحياة البحرية وسكان السواحل، بما فيها مصالح اقتصادية في هذه المناطق».. لكن هذه الاعتراضات ذهبت أدراج الرياح!.
أما أنصار خطة الرئيس أوباما بفتح الحفريات البحرية فقد هللوا لها شارحين أنها تمثل أسرع طريق لكي تزيد الولايات المتحدة من إمكانيات الاكتفاء الذاتي بفضل التوسع في استغلال الموارد المحلية المتاحة، بل وأعربوا عن استيائهم من أن خطة الإدارة لأمن الطاقة لا تقطع شوطا أطول على هذا المسار.
قال جون بوهنير زعيم الكتلة الجمهورية في الكونغرس إن «فتح مناطق في سواحل فيرجينيا (لإستغلال النفط والغاز) يعتبر خطوة إيجابية، لكن إغلاق سواحل المحيط الهادي والاسكا والموارد (الطاقة) الهائلة في خليج المكسيك لا معني له في وقت ترتفع فيه أسعار البنزين، ويتساءل فيه الأمريكيون: أين الوظائف؟».
وتصادف إعلان أوباما عن خطته هذه مع توقع قيام مجلس الشيوخ في الأسابيع القادمة بحلحلة إجراءات الموافقة على قانون خاص بالمناخ قبل انتخابات منتصف الولاية.
هذا ومن المتوقع أن تقابل خطة أوباما باعتراضات شديدة من الناشطين البيئيين في المناطق الساحلية، الذين يشددون على أخطار توسيع نطاق منطقة التنقيب البحرية على البيئة الساحلية، لكن المتوقع أيضاً، وهو الجاري على كل حال، أن الخطة سيباشر بها قريباً، فالمنافسة الإمبريالية، وتصاعد الأزمة العالمية للرأسمالية في الداخل الأمريكي، والممانعة الشديدة والمتصاعدة للسياسات الأمريكية في شتى أرجاء العالم، لن تترك لمسؤولي البيت الأبيض أي خيار..