فرانسوا مارجينيان*  /  12 أيار 2010 ترجمة قاسيون فرانسوا مارجينيان* / 12 أيار 2010 ترجمة قاسيون

حادثة ديبووتر هوريزون، «تشرينوبيل أمريكي» لناقلات النفط.. بقعة النفط في خليج المكسيك تمثّل كارثةً بيئيةً غير مسبوقة

دائماً كان هنالك تسرّباتٌ للنفط.. حدث ذلك في مرّاتٍ كثيرة سابقة، لعل أكثرها كارثيةٌ حادثة إكسون فالديز. لكن أخيراً، في التصنيف الجديد المتمايز، يوجد الآن التسرّب النفطي الأخطر على العالم، والذي تسببت به منصة ديبووتر هوريزون التي تشغّلها ترانس أوشن ليميتيد، وهي الشركة التي تستثمر مكمن ماكوندو الواقع تحت خليج المكسيك، وهذا المكمن ملكية تستأجرها شركة بريتيش بتروليوم للنفط، وبالتالي فهي المسؤولة عنها في نهاية المطاف.

التسربات النفطية بين الماضي والحاضر

لتقديم فكرةٍ عن الوضع الحالي، لا بأس من تذكر الماضي القريب، فقد نتجت الكارثة البيئية التي تسببت بها إكسون فالديز قرب شواطئ آلاسكا في العام 1989، عن تسرّب 11 مليون غالون من النفط، ما مثّل إحدى أسوأ التسربات في البحر حتى ذلك الحين، إذ تسرّب نحو 257 ألف برميل نفط إلى البحر. في العام 1979، حدث أسوأ تسرّبٍ أثّر على المياه الإقليمية الأمريكية بعد انفجارٍ في منصّة إكستوك المكسيكية، أدّى إلى تسرّب ما لا يقلّ عن 130 مليون غالون من النفط قرب شواطئ تكساس، وهو تسرّبٌ تطلّب القضاء عليه تسعة أشهر. في كندا، كنّا نستهلك 2.29 مليون برميل نفط يومياً في العام 2004. وفي التاريخ نفسه، كان الطلب اليومي على النفط في التوقيت نفسه 20.52 مليون برميل. وفق أفضل التقديرات، يحتوي حقل ماكوندو للنفط والغاز الطبيعي على نحو 44 مليون برميل من النفط، أي 1.8 مليار غالون. في عمقٍ يزيد على 1.6 كيلومتر تحت الماء، يبلغ الضغط في مخرج الثقب الذي حفرته بريتيش بتروليوم في عمق خليج المكسيك والذي يبلغ ما يزيد مجموعه على 6 كيلومتر بعمق 10 كيلومتر، وفق المصادر، يخرج النفط الممزوج بالغاز بضغطٍ يزيد على 135-165 Psi، وهذا ضغطٌ كبير.

والنتيجة هي أنّ هذه المأساة تدخل في تصنيفٍ جديدٍ تماماً لا يمثّل مجرّد «تسرّبٍ» للنفط، بل إنه «بركان» حقيقي يقبع تحت البحر ويلفظ كمياتٍ هائلةً ومدمّرةً من النفط باستمرارٍ.

في صورة التقطها في 28 نيسان القمر الصناعي رادارسات في الساعة 11:51، تبدو البقعة النفطية المتسربة من ثقب المنصة السابقة ديبووتر هوريزون بصورة جلية تماماً، وتُظهر زيادة حجمها البواخر المتواجدة في المنطقة وهي تحاول تقليص البقعة النفطية.. 

كيف حدث التسرب؟

في العشرين من نيسان المنصرم، وفي حين كانت شركة هاليبورتون تكمل قاعدةً خرسانيةً لتقوية الثقب الذي حفرته ترانس أوشن، يقال إنّه قد حدثت مناورةٌ خاطئة أثناء سحب الرأس الثاقب، تزامن ذلك مع وجود قاعدة خرسانية ضعيفة وصمامات أمان غير فاعلة، ما تسبّب في صعود فقاعةٍ من الضغط المرتفع جداً على طول بئر التنقيب، وأخيراً جرى انفجار منصة ديبووتر هوريزون التي غرقت بعيد ذلك، وكان على سطحها 770 ألف غالون من الديزل.. أدى الانفجار إلى مقتل 11 شخصاً. انطوى أنبوب التنقيب البالغ طوله 1.6 كيلومتر على نفسه، ما أدّى إلى حدوث ثلاثة تسرباتٍ كبيرةٍ للنفط في أعماق خليج المكسيك. هذا ما أكده أحد الناجين في مقابلة إذاعية.

هذا البركان النفطي المرتفع الضغط يلفظ حالياً ما بين 5 آلاف و25 ألف برميل من النفط يومياً. لكن توجّبت إعادة النظر في هذه التقديرات المتفائلة العائدة للأيام الأولى ومن المحتمل جداً أن تبلغ الكمية المتسربة حالياً 50 ألف إلى 100 ألف برميل من النفط يومياً. يمكن أن يستلزم الأمر مرور ثلاثة أشهر قبل التمكّن من إغلاق جميع هذه التسربات كما ينبغي. بهذا الإيقاع، من الواضح أنّه سيتمّ بسرعةٍ تجاوز مأساة إكسون فالديز البيئية، إن لم يحدث هذا حقاً. 

السياسيون.. والنفط

 سارة بالين، حاكمة آلاسكا السابقة، كانت تروّج للتنقيب عن النفط في أعالي البحار وتستخدم عباراتٍ من قبيل: «احفر يا حبيبي، احفر»، كما أنّ باراك أوباما كان من جانبه قد أقرّ لتوّه توسيع الاستثمار النفطي في خليج المكسيك، كانت تشيرنوبيل حاويات النفط قيد الإعداد. منذ التسرّب، قام باراك أوباما، وهو أكبر متلقي المال الانتخابي الذي وزعته شركة بريتيش بتروليوم، حيث حصد 77051 دولاراً أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة، بمنح 27 إعفاء لشركات نفط وغاز من القيام بدراسات بيئية معمقة بصدد خطر استكشاف النفط وإنتاجه في خليج المكسيك. فضلاً عن ذلك، أعفى وزير الداخلية شركة بريتيش بتروليوم المشؤومة من إجراء تحليلٍ مفصّلٍ للتأثير البيئي في العام المنصرم، وفق وثائق حكومية، بعد أن خلصت ثلاثة تحليلاتٍ للمنطقة إلى ضعف احتمال حدوث بقعة نفط.

غير أنّ ماضي بريتيش بتروليوم ليس برّاقاً. فهي من الشركات الملوّثة بشدّة في مطلع العام 2009، قدّمت بريتيش بتروليوم خطتها للتنقيب إلى هيئة إدارة المعادن، وقد سمح الوزير سالازار للهيئة بالمصادقة ـ دون فحصٍ بيئي ـ على عملية تنقيب بريتيش بتروليوم التي انفجرت في 20 نيسان 2010، وأدت إلى مقتل 11 عاملاً وتسرّب ملايين غالونات النفط في خليج المكسيك، وهي كارثةٌ ستصبح قريباً، إن لم تصبح فعلاً، أوسع بقعة نفطية في التاريخ الأمريكي.

وبدلاً من إخضاع الخطة إلى فحصٍ مفصّلٍ للتأثيرات البيئية قبل المصادقة عليها، مثلما ينص عليه قانون السياسة البيئية القومية، أعلنت الوكالة أنّ الخطة «مستثناةٌ قطعياً» من التحليل البيئي لأنّها «لا تطرح عملياً أيّة فرصةٍ للإضرار بالبيئة». ومثلما أشارت إليه بريتيش بتروليوم نفسها في رسالتها بتاريخ 9 نيسان 2010 إلى مجلس النوعية البيئية، لا تستخدم الاستثناءات القطعية إلاّ حين لا يكون لمشروعٍ إلاّ تأثيرات بيئية «ضئيلة أو منعدمة». وقد نشرت هيئة إدارة المعادن رسالة مصادقة من صفحة واحدة موجهة إلى بريتيش بتروليوم بتاريخ السادس من نيسان 2009. 

«بريتيش بتروليوم» العملاقة.. تاريخ أسود

تشير أنطونيا جوهاسز، محلّلة الصناعة النفطية، إلى أنّ «بريتيش بتروليوم واحدةٌ من أقوى شركات الاستثمار في الولايات المتحدة. وعائداتها البالغة 327 مليار دولار في العام 2009 كافيةٌ لتصنيف بريتيش بتروليوم في المرتبة الثالثة في هذا البلد. تكرّس بريتيش بتروليوم نفسها بنشاطٍ للتأثير على سياسة الولايات المتحدة والمراقبة النظامية». يكاد لا يكون لقوّة وثراء بريتيش بتروليوم وعمالقة النفط الآخرين مثيلٌ في العالم، وهم يشكّلون تهديداً على حياة العاملين والبيئة ورؤانا بصدد الديمقراطية.

قبل ستين عاماً، كانت بريتيش بتروليوم تدعى شركة النفط الأنغلو إيرانية (آيوك)، وكانت حكومة محمد مصدّق الشعبية الإيرانية، التقدمية والمنتخبة انتخاباً ديموقراطياً، قد طلبت من الآيوك، والتي كانت احتكاراً يمتلك البريطانيون جزءه الأكبر، مقاسمة الشعب الإيراني أرباحها الناتجة عن النفط الإيراني. رفضت الآيوك، فأمّمت إيران صناعتها النفطية. لم يعجب ذلك الولايات المتحدة، فنظّمت وكالة الاستخبارات المركزية الإيرانية سي آي إيه انقلاباً ضد رئيس الوزراء محمد مصدق. كانت الآيوك، والتي أعيدت تسميتها لتصبح بريتيش بتروليوم، قد استعادت جزءاً كبيراً من احتكارها للنفط الإيراني بعد تجريدها منه، أمّا الإيرانيون، فقد عانوا من الدكتاتورية الفظة التي مارسها شاه إيران عليهم، ما زرع بذور الثورة الإيرانية للعام 1979.

هكذا إذاً، شرعت الشركة في العام 2000 بنموٍّ ديناميكي، وحصلت على أرباحٍ شابتها لـ«سوء الحظّ» سوابق كوارث متصلة بالنفط. ففي العام 2004، انفجرت مصفاة بريتيش بتروليوم في مدينة تكساس، ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً وجرح 170 آخرين. وفي العام 2006، عانى أنبوب نفط تمتلكه الشركة في آلاسكا من تسريبٍ بمقدار 200 ألف غالون من النفط الخام، ما أدى إلى ما أطلقت عليه وكالة حماية البيئة تسمية «أكبر تسرب حدث شمالي آلاسكا». تمّ تغريم بريتيش بتروليوم بمبلغ 60 مليون دولار على الكارثتين. ثمّ في العام 2009، غرّمت وكالة الأمن والصحة في العمل تلك الشركة بمبلغٍ إضافي قدره 87 مليون يورو بسبب انفجار المصفاة. وأعلنت وزيرة العمل هيلدا سوليس قائلة: «لقد سمحت بريتيش بتروليوم بتواصل مئات المخاطر الممكنة دون هوادة... الأمن في العمل هو أكثر من شعار. إنه القانون». وأجابت بريتيش بتروليوم بالتشكيك القطعي في مجمل الأعباء التي حملتها لها وكالة الأمن والصحة في العمل.

هل تكفي الغرامات؟

تواجه بريتيش بتروليوم حالياً غرامةً قدرها 3 مليارات يورو بسبب البقعة النفطية قرب شواطئ لويزيانا والتي ربما تصبح أسوأ كارثة بيئية في التاريخ ـ وهي الآن متهمة بعدم استباق الكارثة. لقد أظهرت وثائق أنّ بريتيش بتروليوم قد قلّلت من إمكانية حادثٍ كارثي في المنصة. بل إنها مضت إلى حدّ أنّها اقترحت في خطتها الاستكشافية للعام 2009 وتحليل العواقب البيئية أنّ المخاطر على الشواطئ والأسماك والحيوانات قليلة الاحتمال أو مستحيلة عملياً.

لقد أمضت شركة بريتيش بتروليوم، مالكة المنصة النفطية التي انفجرت في لويزيانا، سنواتٍ في محاربة المنظّمين الفيدراليين بصدد إجراءات الأمن اللازمة لمنع مثل هذا النمط من الحوادث في المياه العميقة. هنالك موضوعٌ يستثير القلق الفوري، وفق خبراءٍ في الصناعة، يتمثّل في عدم وجود نظام عن بعد يسمح للعمال بإغلاق رأس البئر في المياه العميقة في ديبووتر هوريزون لتجنب استمرار خروج النفط منه. في رسالةٍ أرسلتها شركة بريتيش بتروليوم في العام المنصرم لوزير الداخلية، عارضت قوانين مقترحة لإقامة قواعد جديدة تهدف إلى تعزيز معايير الأمن. «نحن نعتقد أنّ الأمن الحالي في الصناعة والإحصائيات البيئية تظهر بأنّ البرامج الطوعية... هي مثمرةٌ جداً حتى الآن».

هكذا، غيّرت الوكالة الفيدرالية الأمريكية المكلفة بتنظيم آبار التنقيب في أعالي البحار قواعدها منذ عامين لإعفاء بعض مشاريع التنقيب في المنطقة الوسطى من خليج المكسيك، ما يفسّر عدم تحضير شركة البتروكيماويات العملاقة بريتيش بتروليوم لخطة طوارئ في حال تسرّبٍ كبيرٍ للنفط ناتجٍ عن انفجارٍ في مشروعها ديبووتر هوريزون.

التنقيب في المياه العميقة محفوفٌ بالمخاطر. إنّه ليس «كازينو» تماماً، بمعنى وجود علمٍ مكرّس وهندسة وتقنية متصلة، لكن من المؤكد أننا سنكتشف بصعوبةٍ كبيرةٍ مدى المخاطر، ويتوضح أكثر فأكثر أنّ مجمل المخاطر يمثّل هدفاً متحركاً.. هنالك مخاطر جيولوجية ومخاطر تقنية هندسية ومخاطر بيئية بالنسبة لمخاطر رأس المال ومخاطر السوق. في كلّ بئرٍ عميقٍ يتم حفره، تترافق هذه المخاطر مع مساحةٍ صغيرةٍ جداً في عمق المحيط.

إنها مخاطر لا ضرورة لها. لم يكن هنالك داعٍ لحدوث هذه الكارثة، وكان بالإمكان احتواء الأضرار منذ اليوم الأول، وقد جعل فساد الحكومة ووسائل الإعلام هذه الكارثة البيئية والاقتصادية ممكنةً. لو أنّ المسؤولين الأمريكيين تابعوا خطة العام 1994 في مجال الرد على تسرب النفط الكبير في منطقة الخليج، فربما كان بالإمكان السيطرة على التسرب وبعيداً عن الشواطئ الأمريكية. المشكلة: لم يكن لدى الحكومة الفيدرالية ترتيبٌ واحدٌ للتحكم بمتناول اليد. 

كارثة كبرى

إنّ ظهور التسرّب من عمق الهاوية (بعمق 1600 متر) حيث تبلغ درجة حرارة الماء درجة مئوية واحدة تقريباً (في حين أنّ النفط حار)، يعني أنّ النفط حين يبلغ السطح قد امتزج بالماء ولا يبدو بالتالي من نمط الطبقة المخيفة الشهيرة في الكوارث السابقة نفسه. وهذا من حسن حظ بريتيش بتروليوم، لأنّ ذلك يعني أنّ تسرّب النفط خفيٌ عن عين الجمهور. لكنّ ذلك لا يعني عدم وجود مأساةٍ هائلة حالياً، تجتاح البيئة.

لتشتيت هذا التسرب البركاني النفطي وانتشاله، تلجأ بريتيش بتروليوم إلى مشتّتاتٍ تسميتها التجارية «كوركسيت». من الجدير بالذكر أنّ النفط سامٌ للحيوانات، لكنّ المشتتات الكيميائية لا تقلّ سميّةً عنه، وسميّة الاثنين معاً أعلى من مجموع سميّة كلٍّ منهما. يبدو أنّ قواعد العلاقات العامة لبريتيش بتروليوم هي التالية:

1 - التقليل من كمية النفط المتسرب والأضرار البيئية الناجمة.

2 - الإفراط في تقدير فعالية استجابة الشركة النفطية.

3 - محاولة شراء الأماكن القريبة بثمنٍ بخسٍ مقابل التخلي عن ملاحقة الشركة قضائياً من الجهات والدول المتضررة.

4 - نيل صمت أكبر عددٍ ممكن من الناس.

وبالفعل، فقد عرضت بريتيش بتروليوم مبالغ تصل إلى 5000 دولار على سكان وصيادي الساحل الأمريكي في لويزيانا مقابل تخليهم عن الملاحقات القضائية.

وقد صرّح أحد العاملين في بريتيش بتروليوم قائلاً إنّه «من الممكن جداً أن تصبح المنطقة الممتدة من خليج المكسيك حتى فلوريدا منطقةً ميتة، خالية من أيّة حياةٍ مائية». يمكن رؤية البقعة النفطية من أقمار الناسا الصناعية. وهي تبدو أسوأ بخمس إلى اثنتي عشرة مرةً مما كان يمكن توقعه أو مما جرى قوله. تنتشر هذه البقعة بسرعةٍ كبيرة ويمكن أن تبلغ عمّا قريبٍ سواحل لويزيانا. أعلن واثن قائلاً: «بدأت أدرك الحجم الهائل لهذه البقعة النفطية. يبدو أنّها انتشرت على مدى خليج المكسيك».

يبدأ البعض في القول إنّ هذه الكارثة القياسية ربما تقتل محيطات الكوكب، في حين أنّ النفط الناضح بضغطٍ كبيرٍ من «البركان» تحت الماء ربما ينجرف على طول الشاطئ الشرقي وحتى أوروبا مع التيارات البحرية. وهذا سيظهر لنا الكلفة الحقيقية لعصر النفط حيث أنّ 50 بالمائة من ثمار البحر التي يستهلكها الأمريكيون تأتي من خليج المكسيك. هذه المنطقة هي ذاتها مصب نفايات الولايات المتحدة التي ترمي فيها كمياتٍ من المنتجات الكيميائية التي تلوث السلسلة الغذائية بالزئبق وبنفايات صناعية أخرى. يحمل خليج المكسيك إحدى أكبر «المناطق الميتة» على سطح الكوكب، أي 15500 كيلومتر مربع من المياه التي لا يعيش فيها شيء. وهذا كان قبل تسرّب ديبووتر هوريزون. 

من سيدفع الثمن؟

لقد صرّح رئيس بريتيش بتروليوم بأنّ الحادث ليس حادثهم، لكنّه سينظّف بقعة النفط، محاولاً بهذا تخليص نفسه من الذنب. الحيلة أنّه وفق القانون الناظم لإقامة احتياطي الأموال المسمى صندوق تسرب النفط، لا تتجاوز مسؤولية بريتيش بتروليوم المدنية 75 مليون دولار، وتتكفّل ببقية التكاليف الضرائب المفروضة على النفط والتي يدفعها الأمريكيون، وفق صحيفة نيويورك تايمز. يمكن أن تؤدي هذه الكارثة البيئية إلى انهيار الولايات المتحدة اقتصادياً، في حال امتدت حتى المحيط الأطلسي وبعده.

ستكون الكلف فلكية. لكنّ تعاسة البعض سعادةٌ لغيرهم، كما يقول المثل. وهذا ما يعرفه مصرف غولدمان ساكس جيداً كما أنّ المزاعم التي يبدو أنّها مؤكّدة تشير إلى أنّ غولدمان ساكس قد ضاربت وقامرت على انخفاض أسهم ترانس أوشن قبل بضعة أيام من بداية الحدث المأساوي.

ختاماً، على ضوء هذه المعلومات كلها، يبدو من الحكمة التخطيط لانتقالٍ سريعٍ إلى مصادر أخرى للطاقة أكثر نظافةً، وفيرةً وحرّة. ينبغي أن ينتهي عصر النفط بسرعة لأنّه ربما فات الأوان لتجنّب إحدى أسوأ الكوارث البيئية في التاريخ، الناجمة عن مادةٍ وعن تكتلاتٍ كان يتوجب علينا التخلي عنها منذ وقتٍ طويل. 

*فرانسوا مارجينو:

تقني في الهندسة المعمارية، باحث مستقل ومذيع تلفزيوني.