بصراحة: أجور العمال بين الحكومة والأسعار!
العمال في جلساتهم ومجالسهم يكون الحديث الأول والسؤال الأول: هل هناك زيادة للأجور؟
العمال في جلساتهم ومجالسهم يكون الحديث الأول والسؤال الأول: هل هناك زيادة للأجور؟
في الطريق إلى تلك البلدة الوادعة، يقابلك على جنبات الطريق الحقول التي عاد الفلاحون إلى النشاط فيها، بعد أن أوقفتهم الحرب وأسباب أخرى إضافية يعرفها الفلاحون ويتحدثون عنها بمرارة وألم، مما أدى إلى تعطيل أعمالهم وتضيق الرزق عليهم وهذه من طبيعة الأشياء في مثل هكذا أوضاع وهي ليست من صنعهم بل فرضت عليهم فرضاً ولكن دائماً الفقراء من يدفع الثمن موتاً وجوعاً واعتقالاً وخطفاً.
الأزمة بين الحركة العمالية والحركة السياسية ليست وليدة الظروف الحالية أي: ظروف الأزمة الوطنية، بل هي تراكمية منذ عقود خلت كان فيها مستوى الحريات السياسية والديمقراطية منخفضاً إلى حد بعيد ومازال هذا الواقع مستمراً بأشكاله وألوانه المتعددة، الأمر الذي أدى إلى انكفاء الطرفين عن الفعل الحقيقي المؤدي إلى تطور تلك العلاقة، التي كانت نشطة في مراحل سابقة لعهد الوحدة بين سورية ومصر، لتأخذ شكل الاحتواء لهما أثناء الوحدة وما بعدها على أساس طيف واسع من الشعارات «الاشتراكية» التي غابت عن التداول في مرحلة تبني اقتصاد السوق، والسياسات الاقتصادية الليبرالية.
إذا ما استحضرنا الماضي القريب، أي مرحلة الثمانينات التي جرى فيها حصارٌ اقتصادي شبيه بالحصار الحالي المضروب على شعبنا ومعاملنا ومراكز الإنتاج الأساسية، وجرى كسره من خلال الدور الذي لعبه العمال والفنيون والمهندسون الوطنيون، في إيجاد البدائل من قطع التبديل للآلات التي كانت قطعها التبديلية تستورد من الدول الغربية الفارضة للحصار، والمواد الأولية اللازمة لاستمرار الإنتاج اللازم لمعيشة الناس.
تمر سنوات الأزمة واحدة بعد الأخرى يستذكر فيها الفقراء عموماً والمهجرون خصوصاً أحلامهم التي سرقت منهم وجعلتهم أرقاماً في سجل الحكومات والمنظمات الدولية، حيث يجري استثمارها في سوق السياسة العالمي والمحلي.
الورقة أو الدراسة الاقتصادية المتضمنة توصيف الواقع المعيشي للطبقة العاملة والمشكلات المختلفة التي اقترحت الورقة حلولاً لها على المديين : الأول إسعافي والثاني قصير ومتوسط المدى هي ليست المرة الأولى التي تقدم فيها النقابات للحكومة مقترحات وحلول بل سبقها رؤية اقتصادية قمنا بمناقشتها مشاركةً منا في بلورة رؤية نقابية تعبر عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة السورية.
دعا المرصد العمالي إلى ندوة تناولت تكاليف المعيشة وعلاقتها بالأجور وزيادتها والمصادر المتاحة أو التي يمكن تأمينها لزيادة الأجور.
تتشابه وتتكرر الأحداث، التي تصاب بها الشركات والمعامل الواقعة على خطوط النار، بحيث تتحول هذه الشركات إلى هدف مباشر أثناء العمليات العسكرية، وتصاب بأضرار جسيمة نتيجة لذلك ويصاب العمال أيضاً إصابات جسدية، و خسائر مادية، لدرجة أن يقع في صفوفهم شهداء وجرحى، ولكن السؤال المفترض أن يتبادر إلى الأذهان هو: أليس بالإمكان تقدير المخاطر المحدقة بهذه الشركات، والعمل على اتخاذ خطوات أستباقية لتجنيب الشركات والعمال ما حدث بها من أضرار؟
الحركة العمالية والنقابية في العالم منقسمة بين اتجاهين أساسيين، وهذا نتاج توازن القوى الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية فقد تمكنت قوى رأس المال من دعم ذاك الاتحاد المسمى الاتحاد الدولي للنقابات «الاتحاد الحر» وأحد داعميه الأساسيين هو «الهستدروت الإسرائيلي» الأمر الذي أدى إلى استمالة الكثير من الاتحادات النقابية خاصةً في أوروبا، والتوافق مع قوى رأس المال بضبط الحركة العمالية وتحديد أشكال مقاومتها وحراكها من أجل حقوقها وخاصةً عندما تكون المعركة من أجل زيادة الأجور التي هي قضية محورية وأساسية للحركة العمالية حيث تجري المساومات والاتفاقات التي تنقص من حقوق العمال في مطالبهم ولكن الحال لم يبقَ على ما هو مع انفجار الأزمة الرأسمالية العامة وتعمق الاتجاه الليبرالي في الاقتصاد الذي أدى إلى ارتفاع ملحوظ في نسب البطالة في دول المركز الرأسمالي الإمبريالي وكذلك في الأطراف التي تأثرت بانفجار الأزمة وترتب عليها التزامات مالية كبيرة كان انعكاسها على حقوق الطبقة العاملة واضحاً في مستوى معيشتها ورفاهيتها «مرحلة الرفاه الاجتماعي» التي كانت تقدم لها كرشوة مؤقتة.
الانتساب للتنظيم النقابي من قبل العمال هو: انتساب طوعي واختياري، ينطلق من أهمية دور النقابات الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في الدفاع عن حقوق ومطالب الأعضاء المنتسبين إليها، وهذا هو الدور الذي لعبته الحركة النقابية تاريخياً في مواجهة رأس المال المحلي والأجنبي، وتمكنت الحركة النقابية بمكوناتها السياسية كلها وغير السياسية كلها، من انتزاع الكثير من الحقوق، وفقاً لموازين القوى السائدة والتي كانت بمقاييس تلك المرحلة حالةً متقدمةً، وهي أسست لدور لاحق للحركة لعبته بشكل مستقل عن التدخلات كلها التي جرت لاحتوائها، مما عزز من دورها الفاعل على مختلف المستويات، ولكن السؤال الذي يطرح: هل كان بمقدور الحركة انتزاع هذا الدور دون اعتراف القاعدة العمالية وتوافقها مع البرنامج المطروح السياسي الديمقراطي والاقتصادي، المعبر عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة السورية؟.