بصراحة:لماذا يطالب العمال بسحب الثقة؟
الانتساب للتنظيم النقابي من قبل العمال هو: انتساب طوعي واختياري، ينطلق من أهمية دور النقابات الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في الدفاع عن حقوق ومطالب الأعضاء المنتسبين إليها، وهذا هو الدور الذي لعبته الحركة النقابية تاريخياً في مواجهة رأس المال المحلي والأجنبي، وتمكنت الحركة النقابية بمكوناتها السياسية كلها وغير السياسية كلها، من انتزاع الكثير من الحقوق، وفقاً لموازين القوى السائدة والتي كانت بمقاييس تلك المرحلة حالةً متقدمةً، وهي أسست لدور لاحق للحركة لعبته بشكل مستقل عن التدخلات كلها التي جرت لاحتوائها، مما عزز من دورها الفاعل على مختلف المستويات، ولكن السؤال الذي يطرح: هل كان بمقدور الحركة انتزاع هذا الدور دون اعتراف القاعدة العمالية وتوافقها مع البرنامج المطروح السياسي الديمقراطي والاقتصادي، المعبر عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة السورية؟.
سؤال تُفترض الإجابة عنه من خلال السياق الذي عملت فيه الحركة النقابية لعقود مضت وإلى هذه اللحظة، استناداً للواقع السياسي السائد الذي استمدّ منه قانون التنظيم النقابي وتعديلاته، القانون الناظم للعلاقة بين القيادة النقابية، وقواعدها، وخاصةً الصلاحيات الممنوحة للجان النقابية، ففي هذا القانون مصدر للمعلومات عن الواقع، ولا شيء أخر يمكن أن تفعله اللجان النقابية في واقعها، من حيث دورها المباشر في الدفاع عن حقوق ومصالح العمال في موقع عملها، وهي لجان مختارة في معظمها، ليس للعمال إرادة حرة في اختيارها والتبريرات لهذا الواقع كثيرة يعرفها القاصي والداني، وهي قد عكست نفسها في عدم رضى عند العمال، ويجري التعبير عنه بأشكال مختلفة أهمها: عدم المشاركة الفاعلة في «الانتخابات النقابية» أو محاولة سحب الثقة من اللجنة القائمة على رأس عملها وهذا بحد ذاته موقف ومؤشر ورسالة أيضاً، يوجهها العمال لأصحاب العقد والربط بهذا الشأن قد يأخذون بها والأغلب لا يأخذ بها.
إن تدهور الأوضاع المعيشية، وانخفاض مستوى الأجور الحقيقية، وخسارة العمال للعديد من المكاسب، و«تطنيش» الحكومات المتعاقبة لجهة عدم الالتزام بتأمين مستلزمات المعيشة الكريمة للعمال، رغم وعود الحكومة المتكررة للحركة النقابية، قد رفع منسوب عدم الرضى والاستياء احتجاجاً على الواقع الذي وصل إليه العمال، وللاحتجاج أشكال وألوان منها الإضراب عن العمل، أو سحب الثقة من اللجان النقابية، وجميعها أشكال مشروعة يؤيدها الدستور السوري.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 807