نبيل عكام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الأجر الذي يحتاج فيه العامل للحاجات الضروريّة التي تكفل له أدنى مستوىً من الحياة المعيشية، ويعتبر مقبولاً على نحو ما في المجتمع الذي يعيش فيه العاملون بأجر، يطلق عليه في معظم الأدبيات الاقتصادية بحد الفقر، ويقاس الفقر عادةً بناءً على دخل الفرد المعيل للأسرة التي يعيلها وليس الفرد، كي يستطيع هذا الدخل تلبية الحاجات الأساسيّة والضرورية لأفرادها.
النقابات العمالية هي تلك المنظمة الطبقية التي تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم وأجناسهم وعقائدهم ومهنهم دون تمييز. من أجل الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم وتحسين شروط وظروف العمل، والعمال لا يملكون إلا بيع قوة عملهم مقابل الأجر، وهم يسعون دائماً أن تكون الأجور كافية لمعيشتهم هم وأسرهم، وهم في صراع دائم مع أرباب العمل إن كان ذلك قطاع دولة أم قطاعاً خاصاً على حد سواء لزيادة هذه الأجور لتحسين معيشتهم.
يدور بين الكثير من العمال وخاصة بين عمال القطاع الخاص والعديد من النقابيّين الأسئلة، التي قد طرحنا البعض منها سابقاً والتي تأتي من خلال النقاشات بين أوساط العمال والنقابيين والتي منها:
النقابة هي المنظمة التي تنتظم الطبقة العاملة فيها، التي تسعى إلى تحقيق أهداف ومصالح الطبقة العاملة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، إضافة إلى حقوقهم التشريعية من خلال تنمية وعي العمال بمصالحهم وحقوقهم هذه، باستخدام تلك الأدوات الكفاحية المعروفة في القوانين والتشاريع الدولية والدستور لأن مهمة النقابة، هي العمل الدائم والمستمر، من أجل تحسين الأوضاع المعيشية، للعمال، كما ذكرنا سابقاً.
إنّ العمل النقابي لا بد أن يكون تعبيراً عمّا تعانيه الطبقة العاملة، وكافة الكادحين الفقراء المعدمين، فاليوم لا زيادة في الأجور، ولا حتى في تعويضات متممات الأجور المختلفة. ولكن تبدو هذه النقابات والعمل النقابي اليوم غير موجودة، في صفوف الطبقة العاملة سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة. وفقدت دورها في حياة العاملين بأجر، ولم يعد لها موقف واضح في ظل استفحال وشراسة قوى النهب والفساد.
عبرت منظمة العمل الدولية عن الأنشطة الاقتصادية التي تعمل خارج نطاق النظام الضريبي ولا تخضع لقوانين العمل النافذة في البلاد، والتي هي خارج عن أية عمليات إحصائية كانت تقوم بها المؤسسات المعنية، باستخدام مصطلح القطاع غير المنظم أو اقتصاد الظل.
مازالت الحكومة تتنكر لحقوق العمال، وبالأخص منها أجورهم، حيث حدها الأعلى لا يرتقي إلى حد الفقر العالمي، وتتجاهل تضحياتهم ودورهم في عملية البناء منذ ما قبل انفجار الأزمة وازدادت في ذلك خلال الأزمة، فالعامل السوري يعمل «بانتمائه الوطني وبإخلاصه» كما يقولون له، ويتحمل كافة الظروف الصعبة، حتى نفد صبره، إذ طالما هو الحلقة الأضعف ويدفع فاتورة النهب والفساد المستشري الذي أنهك البلاد والعباد. وخاصة بعد الحصار على شعبنا من قبل الغرب وفي مقدمتهم الأمريكان، الذي أظهر هشاشة السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة في ظل تآكل الدعم الاجتماعي المستمر، الذي حصل عليه العمال من خلال نضالاتهم السابقة، حيث دفع آلاف العمال ثمنها من لقمة العيش، أما السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي تمضي بها السلطة التنفيذية، لا ترتقي إلى مستوى الأزمة والمتغيرات والأزمات التي عصفت بالبلاد، بل تلبي مصالح قوى النهب والفساد وأصحاب الخوات المتعددة، حيث ازدادت هيمنة قوى الفساد والنهب على السوق المحلية إلى أقصى حد بهدف الحصول على الأرباح الفاحشة من خلال هذا الاستغلال الوحشي لمقدرات البلاد معتمدة بذلك على تشريعات الحكومات التي تضرب بعرض الحائط الدستور وحقوق الإنسان بعيش كريم.
يعتبر الضمان والحماية الاجتماعية من القضايا الأساسية في المجتمع، لأنها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالواقع المعيشي من ظروف اقتصادية واجتماعية، فالطبقة العاملة تعاني من ظروف معقدة، ويعود الجزء الأكبر منها إلى عدم تناسب الأجور مع الأسعار مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الفقر وارتفاع نسب البطالة.
يهدف الحد الأدنى للأجور إلى حماية العمال من الأجور المنخفضة التي لا تتناسب مع متطلبات الحياة المعيشية الأساسية وتأخذ في الاعتبار احتياجات العمال وأسرهم والحد من عدم المساواة، ما بين الرجال والنساء، حيث غالباً ما تشكل النساء نسبة كبيرة من العمالة ذات الأجور المنخفضة وخاصة في القطاع الخاص المنظم وغير المنظم منه، ويجب أن يتم تحديد الحد الأدنى للأجور من خلال المفاوضات بين المنظمات التي تمثل العمال وأصحاب العمل والحكومة، ويتم تعديلها بشكل دوري، مع مراعاة التغيرات في تكاليف المعيشة والظروف الاقتصادية المختلفة الأخرى.
يقوم أرباب العمل في القطاع الخاص والدولة بإعطاء القادة النقابيين بعض الامتيازات، والسؤال المهم هل هذه الامتيازات من أجل دفعهم للقيام بأعمال تفيد الطبقة العاملة وتحقيق مصالحها؟ أم لدفعهم إلى تبني سياسة بعيدة عن مصالح الطبقة العاملة، هذه الامتيازات المختلفة التي يحصل عليها بعض النقابيين تجعل هؤلاء النقابيين يميلون إلى الحفاظ عليها وتطويرها، ويصبحون شريحة خاصة ومميزة، داخل الطبقة العاملة والحركة النقابية مستفيدين منها، من امتيازات مادية ومعنوية، وبالتالي تعمل هذه الشريحة على الابتعاد عن المواجهات الطبقية وإخفاء جذور النضالات الحقيقة للعمال والحركة النقابية منذ نشأتها، التي ساهمت في تحصيل حقوق ومطالب الطبقة العاملة، وتنحو باتجاه التعاون مع أرباب العمل سواء الدولة أو القطاع الخاص تحت عباءة نحن وهم شركاء، وهي بالتالي تساهم في إنجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعادية للطبقة العاملة التي تسير فيها الحكومات المتعاقبة منذ البدء انتهاج اقتصاد السوق المنعوت بالاجتماعي.