النقابة والعمال

النقابة والعمال

النقابات العمالية هي تلك المنظمة الطبقية التي تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم وأجناسهم وعقائدهم ومهنهم دون تمييز. من أجل الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم وتحسين شروط وظروف العمل، والعمال لا يملكون إلا بيع قوة عملهم مقابل الأجر، وهم يسعون دائماً أن تكون الأجور كافية لمعيشتهم هم وأسرهم، وهم في صراع دائم مع أرباب العمل إن كان ذلك قطاع دولة أم قطاعاً خاصاً على حد سواء لزيادة هذه الأجور لتحسين معيشتهم.

ومن خلال هذا الصراع عرف العمال وسائل عديدة لتحسين شروط وظروف عملهم وتحسين مستوى معيشتهم، وتوصلوا خلاله إلى التنظيم في النقابات. والدولة في أي بلد هي ذلك النظام الاقتصادي الاجتماعي الذي يلبي مصالح طبقة معينة في هذا البلد، أما الحكومة، فهي تلك الأداة التي تنفذ مختلف القوانين، التي تضعها الدولة، عن طريق مجلس تشريع تقوم الدولة بتشكيله عبر إطلاق يد السلطات التنفيذية، في انتخابات تختار فيها من يكون أو لا يكون، وتقوم الحكومة بخدمة هذه المصالح.
واليوم الحقيقة التي لا تخفى على أحد والواضحة وضوح النهار، أن التنظيم النقابي يعاني من قصور في سياساته وبرنامجه الكفاحي اتجاه حقوق الطبقة العاملة، نتيجة ضعف الأدوات والوسائل المختلفة التي فقدها خلال الفترات الزمنية السابقة، مما ساهم في انخفاض الروح المعنوية للطبقة العاملة، وانخفاض مستوى الوعي الجماعي لديها، كما أضعف ذلك التنظيم النقابي من جانب تعداد المنتسبين إليه، ومن جانب جمهوره العمالي في الوسط العمالي والمجتمع، وبالتالي فقد المجتمع قوى نقابية واعية تحمل مطالب جذرية في الدفاع عن مصالح وحقوق العمال وعموم الكادحين والعاملين بأجر. نتيجة التضليل الذي مارسته الحكومات المختلفة ما قبل انفجار الأزمة الوطنية والذي أخذ أشكالاً عديدة، فارتفاع الأسعار سببه جشع التجار، وأزمة المحروقات سببها التهريب والمهربين وبسبب الحصار الجائر على البلاد، وأنه لدينا في المجتمع أزمة أخلاق، وكأن هؤلاء في منتهى الأخلاق قبل الأزمة وفجأة تحولوا إلى وحوش كاسرة، والحكومة والتنظيم النقابي شركاء، وموافقتها على خصخصة قطاع الدولة، عبر أشكال تضليلية أيضاً كالاستثمار والتشاركية وغيرها. إن الحكومة هي حكومة الرعاية الاجتماعية وحكومة ودولة ممانعة ومجتمع مقاوم واقتصاد مقاوم. ويفترض أن انفجار الأزمة الوطنية قد كشف أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الحكومات هي في الحقيقة أحد الأسباب الأساسية للأزمة المستحقة منذ تبني تلك السياسات الليبرالية المعادية لمصالح الطبقة العاملة والمجتمع، ويخبرنا تاريخ الطبقة العاملة السورية، أن نقابات العمال الحقيقية والقوية قد أنتجتها الإضرابات العمالية، وأن انتصار النقابات كان مرهوناً دائماً بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الأساسية (الاحتجاج، والتظاهر، والاعتصام والإضراب). وكذلك أيضاً يخبرنا التاريخ أن النقابات الحقيقية للعمال لم تنفصل عن قضايا وطنها فكان العمال ونقاباتهم دائماً في مقدمة الصفوف في مقاومة أعداء الوطن والاستغلال الرأسمالي في المجتمع، وعرفت خلال ذلك ترابط المصالح المشتركة بين أعداء الوطن وعملائهم المحليين، ومدى عداء كل هؤلاء للعمال.
إن العلاقة بين النقابة، وبين الطبقة العاملة، هي علاقة عضوية، ومن المفترض أن الكوادر النقابية، ينتمون إلى الطبقة العاملة، والبرامج النقابية هي برامج لتعبئة الطبقة العاملة، وعموم الكادحين والعاملين بأجر من أجل مطالبهم وحقوقهم المختلفة، وأي اقتصاد تريد، وشكل الدولة والمجتمع الذي نطمح إليه. وبالتالي عليها إشراك جميع العاملين في صياغة هذا البرنامج لجعل بيئية العمل النقابي أكثر كفاءة وفاعلية، ويجب على النقابة العمل في جميع الأوقات لتحسين ظروف وشروط العمل، وأن تسير عملية التحسين باستمرار دون توقف، فالتغيّرات الصغيرة يمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة في المستقبل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1079