العمل غير المنظم يزداد اتساعاً

العمل غير المنظم يزداد اتساعاً

عبرت منظمة العمل الدولية عن الأنشطة الاقتصادية التي تعمل خارج نطاق النظام الضريبي ولا تخضع لقوانين العمل النافذة في البلاد، والتي هي خارج عن أية عمليات إحصائية كانت تقوم بها المؤسسات المعنية، باستخدام مصطلح القطاع غير المنظم أو اقتصاد الظل.

ومع مرور الوقت اتسع مجال هذا القطاع وأصبح ظاهرة واسعة النطاق في الاقتصاد وخاصة في بلدان الأطراف وأصبح يضم في صفوفه جيشاً هائلاً من العمال المتخرجين من الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية المختلفة وغيرهم، ويعود سبب نمو الاقتصاد غير المنظم إلى السياسات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية القاصرة عن تطوير المجتمع، وهي سياسات غالباً ما توضع دون تشاور ثلاثي أطراف الإنتاج وبالأخص منهم ممثلو العمال، إضافة إلى نقص القواعد القانونية المناسبة وفقدان الثقة في المؤسسات الرسمية والإجراءات الإدارية المعقدة. ويعتبر قطاع الاقتصاد غير المنظم والعمل فيه، من سمات العديد من الدول التي يعاني اقتصادها وأسواق العمل فيها من فجوات واختلالات كبيرة نتيجة تشوه اقتصادات هذه الدول، وبسبب انتشار الفساد والنهب الكبيرين فيها، وانتهاج حكوماتها سياسات اقتصادية ليبرالية مشوهة مرتهنة إلى وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين بما فيها السياسات الاقتصادية التي تنحو نحو الخصخصة. وبمعنىً أدق ينشأ القطاع غير المنظم مع غياب دور الدولة وضعف برامجها وخططها التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي لا تأخذ بعين الاعتبار معدل النمو السكاني وزيادة الفقر والبطالة في البلاد وتكون عملية توظيف الاستثمارات ذات طابع عشوائي حيث لا تلبي إلا مصالح قوى محددة ومحدودة، وغالباً ما تكون تحت شعارات ويافطات براقة كدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة أو المتناهية في الصغر بحجة التقليل من نسب البطالة واستيعاب الخريجين الداخلين إلى سوق العمل وغيرها... إلخ.
وتبين بعض الإحصاءات لقوة العمل في سورية بأنّ حوالي 83% من العمال في القطاع الخاص غير منضوين تحت مظلة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وغير خاضعين لقوانين العمل النافذة إضافة إلى أنهم غير معروفين لدى النقابات وغيرها منذ ما قبل انفجار الأزمة الوطنية في البلاد، ويقدر بأقل من 11% من العمال في القطاع الخاص يحصلون على بعض الحماية الاجتماعية. فعندما يكون أكثر من نصف الاقتصاد الوطني وأكثر من ثلثي سوق العمل غير منظم لا يخضع لأيّ من السجلات الرسمية أو أي شكل من أشكال أنظمة العمل، وحتى أية مسألة قانونية أو فنية من ضبط الجودة أو معايير عمل واضحة ولا يخضع عماله لأية حماية قانونية، فإنه ليس من الغريب أن نرى كل هذه التشوهات الاقتصادية وفقدان العدالة الاجتماعية.
فمنذ أن تبنت الحكومة السياسات الاقتصادية الليبرالية وحتى اليوم لم تستطع أن تحل أية مشكلة في الاقتصاد الوطني وخاصة في سوق العمل الصناعي منه والزراعي والخدمي سواء كان في القطاع المنظم لدى قطاع الدولة والقطاع الخاص أو غير المنظم الذي يزداد اتساعاً، رغم أنه من المفترض أن يعمل على تنظيم سوق العمل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والاتحاد العام لنقابات العمل.
يعاني سوق العمل في الاقتصاد السوري من العديد من المشاكل نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم ومن هذه المشكلات وبالدرجة الأولى منها مشكلة البطالة، ومشكلة الأجور، وأيضاً ظروف العمل غير اللائق وتراجع الحماية الاجتماعية للعمال في القطاع الخاص سواء من قبل النقابات أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والخلل في توزيع قوة العمل بين القطاعات المختلفة. مما أدى إلى اتساع العمل غير المنظم كما ذكرنا آنفاً، وكبر العمل الهامشي وتوسعه، ويربط العديد من الخبراء الاقتصاديين تراجع معدلات النمو الاقتصادية باتساع سوق العمل غير المنظم، وعدم قيام الدولة بإنتاج فرص عمل جديدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1075