وجهة نظر في أداء العمل النقابي

وجهة نظر في أداء العمل النقابي

يقوم أرباب العمل في القطاع الخاص والدولة بإعطاء القادة النقابيين بعض الامتيازات، والسؤال المهم هل هذه الامتيازات من أجل دفعهم للقيام بأعمال تفيد الطبقة العاملة وتحقيق مصالحها؟ أم لدفعهم إلى تبني سياسة بعيدة عن مصالح الطبقة العاملة، هذه الامتيازات المختلفة التي يحصل عليها بعض النقابيين تجعل هؤلاء النقابيين يميلون إلى الحفاظ عليها وتطويرها، ويصبحون شريحة خاصة ومميزة، داخل الطبقة العاملة والحركة النقابية مستفيدين منها، من امتيازات مادية ومعنوية، وبالتالي تعمل هذه الشريحة على الابتعاد عن المواجهات الطبقية وإخفاء جذور النضالات الحقيقة للعمال والحركة النقابية منذ نشأتها، التي ساهمت في تحصيل حقوق ومطالب الطبقة العاملة، وتنحو باتجاه التعاون مع أرباب العمل سواء الدولة أو القطاع الخاص تحت عباءة نحن وهم شركاء، وهي بالتالي تساهم في إنجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعادية للطبقة العاملة التي تسير فيها الحكومات المتعاقبة منذ البدء انتهاج اقتصاد السوق المنعوت بالاجتماعي.

إن وجود هذه الشريحة في الحركة النقابية خلال عملها في صفوف العمال، عبر العقود السابقة قد أوضح الآثار السلبية على مصالح وحقوق الطبقة العاملة ومطالبها المشروعة في العيش الكريم، من خلال أساليب وطرق عملها التي اتبعت خلال العقود الماضية التي مازالت حتى اليوم، وأدت ومازالت تؤدي إلى إضعافها وإبقاء غالبية العمال خارج هذه النقابات وخاصة عمال القطاع الخاص وتحويل المنظمة النقابية القائمة إلى قناة تيسير للسياسات الاقتصادية الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح العمال والمجتمع، وأداة لتدجين العمال ومساهمة في إخضاعها لسطوة أرباب العمل لدى قطاع الدولة والقطاع الخاص. علماً أن هذه الظاهرة قد شهدتها الحركة النقابية في العديد من دول العالم.
إن حال الطبقة العاملة اليوم في أسوأ ما يكون على كل المستويات والصعد وهذا يتطلب من الحركة النقابية تغيير مسارها سواء لجهة العلاقة مع العمال من حيث تبني مطالبهم والدفاع عن مصالحهم أو لجهة طريقة وصول القيادات النقابية عبر الانتخابات دون تدخلات في خيار العمال.
مهمة النقابيين الكفاحيين المتسلحين بإرادة التغيير الشامل والجذري للمجتمع، والمقتنعين أن طبقة العمال هي أحد عناصر هذا التغيير، وأن النضال النقابي مدرسة لتربية العمال من أجل وحدتهم وقوتهم والتعرف على أعدائهم وأسلحتهم وخدعهم المختلفة.
يجب ألّا تكون المفاوضات والاتفاقات مع المستغِلين قيداً يكبل حرية العمال النقابية ونضالهم، إن الخطر الكبير والشبح الذي يهابه المستغلون هو إحياء الديمقراطية في صفوف الحركة النقابية وخاصة عند اختيارها ممثليها المشهود لهم بنضالهم ووعيهم اتجاه حقوق طبقتهم العاملة.
فالقضية اليوم في سياسة النقابات وعلاقاتها مع العمال وأصحاب العمل في القطاع الخاص وقطاع الدولة على حد سواء لم تعد بموقف جزئي صغير من قضية محددة فقط، وندعي أننا حققنا ذلك الإنجاز الكبير سواء كان ذلك على مستوى هيكلية التنظيم النقابي أو تحقيق ذلك الجزء البسيط الذي لا يغني أو يسمن من جوع، بل بحاجة إلى إستراتيجية عمل نقابي جديد بكامله وكافة جوانبه التي يجب أن تبنى على مستوى عالٍ من الاستقلالية للحركة النقابية. وقد يُطرح سؤال كيف تكون الحركة النقابية مستقلة وكافة أجهزة أرباب العمل المختلفة تتدخل في شؤونها من أصغر قضية إلى أكبرها بما فيها عمليات الانتخاب النقابية حتى أنه لا يستطيع أي عامل من الوصول إلى أي موقع في الهرم النقابي إن لم يكن قد نال الرضا من هذه الأجهزة عبر القائمة المغلقة المقترحة من قبل تلك الأجهزة والناجحة مسبقاً. إن الأمل مازال على حراك الطبقة العاملة والذي قد بدأ يعطي تلك الإشارات الضرورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1071
آخر تعديل على الإثنين, 23 أيار 2022 13:43