العمل النقابي اليوم
إنّ العمل النقابي لا بد أن يكون تعبيراً عمّا تعانيه الطبقة العاملة، وكافة الكادحين الفقراء المعدمين، فاليوم لا زيادة في الأجور، ولا حتى في تعويضات متممات الأجور المختلفة. ولكن تبدو هذه النقابات والعمل النقابي اليوم غير موجودة، في صفوف الطبقة العاملة سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة. وفقدت دورها في حياة العاملين بأجر، ولم يعد لها موقف واضح في ظل استفحال وشراسة قوى النهب والفساد.
بدعت السلطات التنفيذية في الحد والتقليص من أهمية العمل النقابي، ومن أهمية النقابة للعمال، ومن جهة أخرى تقاعست النقابات، في استخدام الأدوات والأشكال النضالية، للرد على ما تمارسه السلطة التنفيذية، وما يمارسه أرباب العمل تجاه النقابات والعمال، مما أدى إلى تخلف العمل النقابي، وأصبح سقف نضالها رفع مذكرة هنا ومذكرة هناك، ناسين جل عملهم بتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، ورفع الظلم عن العاملين بأجر وسائر الكادحين.
نشأت النقابات عبر نضالات العمال ومعاركهم ضد المستغلين من أجل تحسين ظروف وشروط العمل، حيث يسعى أرباب العمل بشكل دائم للحصول على أعلى الأرباح التي يكون مصدرها الأساس تخفيض أجور العمال وتكثيف استغلال العامل من خلال إطالة يوم العمل وتقليص شروط الصحة والسلامة المهنية إلى أقصى الحدود أو حتى إلغائها، والتهرب من تسجيل العمال لدى التأمينات الاجتماعية... إلخ، من أساليب وطرق النهب والاستغلال التي تمارس على العاملين.
أغلبية الطبقة العاملة لا يحصلون على الحد الأدنى للأجر الذي ضمنه الدستور والتشريعات والمواثيق الدولية من اتفاقيات العمل الدولية، وهو الحد المرتبط بمستوى المعيشة الضروري، التي يعاني منها العمال من خلال الارتفاع المستمر لأسعار كافة المواد التي تتطلبها المعيشة وبالأخص منها المواد الأساسية والضرورية للحياة. فالحد الأدنى المعمول به اليوم من خلال جداول الأجور المحددة بقوانين العمل النافذة لا يستطيع أن يؤمن للعامل أو يستجيب لحفنة من بعض الحاجات الأساسية في حدها الأدنى.
النقابة سلاح العمال الأفضل لتحسين ظروف عملهم وتحسين شروطه والنقابة هي مدرسة طبقية لوعي الطبقة العاملة لموقعها في المجتمع ووحدة الطبقة العاملة، وتضم النقابات عمالاً من مختلف الانتماءات السياسية وغيرها من الانتماءات، وعملية فرض الخيار السياسي الذي تمارسه عليها أجهزة السلطة التنفيذية وأرباب العمل، التي اتبعت خلال العقود الماضية ومازالت حتى اليوم، أدت وما زالت تؤدي إلى إضعافها وإبقاء غالبية العمال خارج هذه النقابات وخاصة عمال القطاع الخاص وتحويل المنظمة النقابية القائمة إلى قناة تيسير للسياسات الاقتصادية الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح العمال والمجتمع، وأداة لتدجين العمال ومساهمة في إخضاعها لسطوة أرباب العمل لدى قطاع الدولة والقطاع الخاص.
تحولت النقابة إلى أداة تهادن طبقي واستبدلت النضال النقابي وأدواته المجربة والناجعة في تحصيل الحقوق بالرهان على المذكرات والكتب كما ذكرنا آنفاً، مما نتج عنه من تغيير شامل لوظيفة النقابة ولأساليب النضال وللديمقراطية الداخلية في صفوف الحركة النقابية، ولطبيعة العلاقة مع أرباب العمل المختلفة وجل ما نتخوف منه أن يكون مصير الحركة النقابية التشرذم وفقدان وحدة الطبقة العاملة إذا استمرت هذه الحالة والطريقة والأساليب المتبعة التي أثبتت عدم جدواها بغية تحصيل حتى أقل الحقوق والمطالب العمالية سواء بالأجور أو الصحة والسلامة المهنية أو الطبابة وحتى متممات الأجر من إضافي وطبيعة عمل وحوافز وغيرها من الحقوق، مما يسهل على أعدائها افتراسها بكل سهولة، لقد آن الأوان لوضع جديد يمضي بعيداً عن هذه الأساليب والوسائل التي تعمل بها النقابات اليوم التي لا تساهم أو تساعد في توحيد صفوف العمال والحركة النقابية، إن الحرب بين العمال ومستغليهم دائمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1076