عمال القطاع الخاص: واقع صعب

عمال القطاع الخاص: واقع صعب

تلعب الأوضاع المتردية التي يعيشها عمال القطاع الخاص دوراً كبيراً في ضعف الطبقة العاملة السورية عموماً، كونها تبقي العمال في حالة قلق دائم على مصيرهم العملي ولقمة عيشهم، خاصةً وأنها تترافق مع غياب التشريعات المتكاملة الناظمة والضابطة لحقوقهم. فالقانون رقم «17»، وبالرغم من أنه حمل بين طياته شيئاً من الإيجابيات، إلا أنه لم ينصف العامل.

وهكذا، فلا تزال هناك خيبة أمل كبيرة عند عمال القطاع الخاص الذين لهم دستورياً كامل الحق في توفير فرص عمل لهم، وضمان الكثير من الحقوق الأخرى الملازمة، كحقهم في الإضراب والتمتع بالتأمين الصحي والتأمينات الاجتماعية. وخصوصاً وأننا ما زلنا نشهد تراجعاً في قدرة الاقتصاد على إيجاد فرص العمل المناسبة للشباب، الأمر الذي يؤدي يومياً إلى تفاقم مشكلة البطالة، وبالتالي تراجع وضعف الأجور وتدهورها، مما جعل الكثير من المواطنين يرزحون تحت خط الفقر، بكل ما يفرزه ذلك من انتهاكات متعلقة بشروط العمل.

سوء أوضاع العمال والضغوط التي تمارس عليهم

هناك قلق كبير ينتاب العمال السوريين بسبب وجود الكثير من التحيز والتمييز ضدهم في أماكن عملهم، بما في ذلك الشريحة المتعلمة التي غالباً ما تكتشف أنها لن تستفيد من شهاداتها في هذا القطاع، سواء من حيث ظروف العمل أو شروطه أو درجاته وتراتبيته. وكذلك فإن ظروف عمل النساء صعبة للغاية، فالكثير منهن يقبلن بالعمل وهن محرومات من حق الأمومة وحقوق أخرى مثل الدوام المختلف والأجور، ولا يستفدن من الحماية التي يوفرها قانون العمل. علماً أنه في بعض مجالات العمل، يمارس على النساء العاملات كل أشكال الاضطهاد والحرمان والتعسف، وضعف الأجور التي لا تتناسب مع أوقات دوامهن، مثل العاملات في معامل الخياطة ومحلات الألبسة والعاملات في المنازل.

إذاً، فلا بد من قانون عمل جديد متطور ومنصف، متوافق عليه بين أصحاب العلاقة: الدولة وأرباب العمل والعمال. إذ كما تبين، توجد الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى بحث وإيجاد حلول بصورة تحقق بعض العدالة.

حق الإضراب

يجب على قانون العمل أن يتيح حق الإضراب للعمال، الذي يشكل الخطوة الرئيسية لإنهاء الاضطهاد وسلب الحقوق. فحتى هذا الوقت، نرى أن الإضرابات ممنوعة في سورية، علماً أنها في كل الدول تشكل خط الدفاع الأول للعاملين لحماية حقوقهم ومكتسباتهم. فوسائل دفاع العمال المتاحة حالياً غير كافية نتيجة ضعف المفتشين، وضعف القوانين، ونتيجة الفساد العام، وهو ما يؤدي إلى حرمانهم من أبسط الشروط الصحية والإنسانية، وتزايد مخاطر العمل.

ضعف الوعي القانوني والنقابي لدى العمال في القطاع الخاص

تسود في القطاع الخاص السوري مزاجية الرأي الواحد لرب العمل، مستغلاً عدم وجود رقابة صارمة، أو يقينه من تواطؤ الجهات ذات الصلة معه، وخصوصاً بعض مسؤولي ومفتشي التأمينات. فمسألة تسريب العمال وعدم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، وعدم تسجيل العمال بأجورهم الحقيقية، وإجبار العمال على العمل الإضافي بأجور منخفضة، وعدم ضبط مسألة الاستقالة وبراءة الذمة، وعدم التزام الشركات بفقرة وجود نظام داخلي لكل منشأة... كل هذا من شأنه أن ينعكس سلباً على العامل، وفيه استغلال واضح للطبقة العاملة عموماً.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، يجب منح تعويض طبيعة العمل وبدل المسؤولية للعاملين في أعمال دقيقة وحساسة كأمناء المستودعات، والعاملين في الأعمال التي تشكل خطراً على حياتهم أحياناً، وعلى أجسادهم أحياناً أخرى. وكذلك مساعدة المرأة العاملة عند الولادة من خلال دفع مصاريف المشافي والولادة، ودفع طبابة للعمال.

إن الاطلاع على هذه المشاكل والصور والمعاناة التي تمارس على عمال هذا القطاع، وأهم السلوكيات التي يتبعها أصحاب العمل وسطوتهم على العمال، ليس أمراً معقداً. وعلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية ووزارة الشؤون الاجتماعية القيام بدورهما وواجباتهما تجاه هذه السلبيات التي ساهمت بشكل كبير في استغلال الطبقة العاملة وتدهورها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1231