بصراحة .. أجور العمّال قضية وطنية وطبقية
من المؤكد أن الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية وخاصة في هذه الأوقات الصعبة التي يتعرض لها العمال والمعروفة للجميع؛ فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، عبر تحسين القدرة الشرائية للأجور بالنسبة للأسعار، وخاصة مع غلاء الأسعار التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، رغم كل ما يقال عن هبوط في الأسعار، وهذا يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ويعني تعزيز انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
الفريق الأول مسلح بكل الوسائل الضرورية التي تجعله مستمراً في تسلطه واستغلاله، والفريق الآخر مجرد من إمكانياته، ومكبلةٌ طاقاته ومحروم من حقوقه الدستورية التي تضمن حقوقه في الدفاع عن حياته.
إن الطبقة العاملة السورية لديها الكثير من المجسّات التي تستشعر بها تحسن وضعها المعيشي أو تدهوره، وأهمها الأجور الحقيقية التي يتقاضاها العمال، والتي لا تسد الرمق الآن، والحديث المتواصل عن زيادة للأجور يطبّل بها الإعلام ويزمّر، يراد منها طمأنة العمال إلى إمكانية تحسين أوضاعهم، الذي يبقى في عِداد الوعود الكلامية فقط حتى الآن، ومحاولة تأريض حالة الغليان المستتر الذي ينتاب عموم الفقراء، ومنهم الطبقة العاملة بسبب أجورها الضعيفة التي أوصلت غالبية الطبقة العاملة إلى ما دون خط الفقر، الذي حددته الحكومة السابقة في بياناتها وإحصاءاتها. والحقيقة أن التحسن في المستوى المعيشي والذي تجري الدعاية له هو تحسن معدلات النهب لقوى السوق الكبرى، وانخفاض حقيقي في معدلات الأجور، وهذه نتيجة طبيعية للسياسات الاقتصادية التحريرية (أيْ الليبرالية وتحرير الأسعار)، والاستثمارية والأجرية، التي كانت تتبعها الحكومة السابقة وتستمر بها الحكومة الحالية المسماة تصريف أعمال، والتي ليس آخرها إزالة الدعم عن المشتقات النفطية والسير باتجاه إزالة ما تبقى من دعم للكثير من المواد الضرورية لعيش الفقراء تحت مبرر عدم توفر الموارد الكافية، وهذا الكلام مناف للحقيقية حيث الموارد موجودة في جيوب الناهبين الكبار.
ما نود أن نقوله في كل ما تقدم، هو أن قضية الأجور -وزيادتها زيادة حقيقية تستطيع أن تصحح المعادلة المائلة الآن لمصلحة الأرباح، أي لمصلحة رأس المال- هي قضية وطنية من الدرجة الأولى، تتحمل مسؤوليتها كل القوى النظيفة في المجتمع، وبالأخص الحركة النقابية التي يقع على عاتقها النضال من أجل ذلك جنباً إلى جنب مع الطبقة العاملة في اعتصاماتها ووقفاتها الاحتجاجية، كي يشكل هذا الأمر عامل ضغط وكذلك رسالة للمعنيين بأنّ الطبقة العاملة قادرة على الحركة وستواصلها حتى انتزاع حقوقها في أجر عادل وحقها في مكان عملها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1215