بصراحة ... خطوة عملية واحده تغني عن دزينة تصاريح
بين الفترة والأخرى، يتصاعد الجدل حول قضية هامة لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، وهي: هل ستزيد الحكومة الرواتب والأجور للعمال بشكل يغطي الحد الأدنى لمستوى المعيشة؟!
فكلما أمعنت الحكومة في تطبيق نهجها البعيد عن مصالح الـ90% من المواطنين يتعمق الفرز أكثر لتتضح الرؤية، ويتبين للطبقة العاملة وفقراء الشعب السوري، الخيط الأبيض من الخيط الأسود، المتمثل بالضرر البالغ الذي أحدثه نهج الحكومة الذي سارت عليه وما زالت تعمقه أكثر، والمتوافق مع مصالح الأقلية، التي همها الوحيد جني الأرباح الطائلة ومركزة الرساميل الكبيرة بين أيديها، حتى أصبحت هذه الأقلية هي من تقرر اتجاهات ومسارات الاقتصاد السوري، مدعومة بكل ما يلزم قانونياً وغيرَ قانونيٍّ لحماية مصالحها.
وفي هذا السياق، يأتي العديد من جهابذة الاقتصاد الحكومي لينصحوا الحكومة ألّا تزيد الأجور والرواتب للعاملين في الدولة وفي خارجها، انطلاقاً من حرصهم على (مصالح) العاملين الذين سيتضرّرون من هذه الزيادة إنْ حصلت، بسبب أنّ الليرة السورية ستنخفض قيمتها الشرائية وسترتفع الأسعار، وستزيد نسب التضخم، وبالتالي سيفقد من زيدت أجورُهم الغايةَ المرجوة من هذه الزيادة، وهي تحسين مستوى معيشتهم، وأن تجد بدلاً من ذلك طرقاً أخرى لتحسين الوضع المعيشي!
أليس هذا موقفاً سياسياً وطبقياً بامتياز؟ عبّر من خلاله «الاقتصاديّون» بكل وضوح وصراحة عن ذاك الجدل (الصراع) الدائر الآن في المجتمع، وفي الأوساط السياسية والاقتصادية حول النهج الاقتصادي للحكومة؟ وتحديداً حول موقفها من قضية الأجور وزيادتها، والتي هي قضية وطنية لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، حيث تتوقّف على حلِّها حلّاً حقيقياً إعادةُ جزءٍ مما يُنهَب عبر الأرباح إلى المنهوبين عبر الأجور.
والسؤال الهام الذي يحتاج إلى إجابة، وهو برسم النقابات: كيف سيكون واقع وحال الطبقة العاملة السورية، إذا ما بقيت الأجور على وضعها المزري، وهي بانحدار مستمر؟ وفي هذا السياق طالب المكتب التنفيذي في اجتماعه الدوري الأخير يوم الثلاثاء (30 تموز 2024) بضرورة «الإسراع بزيادة الرواتب والأجور والتعويضات بما يتناسب مع تكاليف المعيشة» ولكن لم يُضَمِّن المكتب التنفيذي مطلبَه هذا كيف وما هي مصادر الزيادة للرواتب والأجور، وتركَها مفتوحة للظروف عسى ولعلَّ تحدث الزيادة التي يطالب بها دون خطوة ملموسة بهذا الاتجاه سوى المطالبة فقط بزيادة الأجور.
إن قضية الأجور وزيادتها وفق سلّم متحرّك مع الأسعار، يحتاج إلى تعديل في ميزان القوى المختلّ الآن لمصلحة قوى السوق، التي تملك مفاتيح القرار الاقتصادي، وهذا التعديل المنشود في ميزان القوى يحتاج إلى كلّ القوى المتضرّرة من النهج الاقتصادي الليبرالي الذي تسير عليه الحكومة، وفي مقدمة هذه القوى الطبقة العاملة السورية المتضررة وهي الخاسر الأكبر من ذلك النهج.
إنّ حلّ قضية الأجور وتحسين المستوى المعيشي لأغلبية الشعب السوري هي خطوة ضرورية باتجاه انتزاع الحقوق الاقتصادية والسياسية للطبقة العاملة، فهل تفعل القوى الوطنية والطبقة العاملة ما يجب عليها من أجل الدفاع عن أجور الطبقة العاملة وحقوقها؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1186