ذاب الثلج وبان القحط
اليوم ذاب الثلج وبان المرج ها هي الحكومة تقول لسنا حكومة العمال والفلاحين وربما فعلت حسناً لتزيل شيئاً من الغشاوة التي تختبئ خلفها عن أعين النقابات. تعاني الطبقة العاملة السورية وكافة العاملين بأجر، في مختلف القطاعات الإنتاجية منها والخدمية منذ أن تبنت السياسات الحكومية الاقتصادية الليبرالية من الهجوم على مكتسباتها وحقوقها الاجتماعية وتستمر بقضم ما تبقى من هذه الحقوق تنفيذاً لتعليمات صندوق النقد الدولي، والذي يأتي في مقدمته الهجوم المستمر على الأجور من خلال زيادة الأسعار على السلع الضرورية في حياة العباد، وأهمه أن العمال لن يستطيعوا الدفاع عن حقوقهم ومكاسبهم نتيجة الظروف المتعددة التي تحيط بالبلاد، وفقدانهم لأدواتهم الاحتجاجية المختلفة، رغم لحظ بعضها في الدستور النافذ. باتت الطبقة العاملة مهمشة ومنسية حقوقها.
عندما تلتقي مع أي عامل تعصف المطالب بالجملة فمن ضعف الرواتب والأجور رغم الزيادة الاسمية الأخيرة تبقى هزيلة، إضافة إلى هضم الحقوق والمكتسبات ويزداد عليها الافتقاد إلى عقود العمل الواضحة والموثقة لدى وزارة العمل.
توجد معايير دولية للحد الأدنى للأجر تم تحديدها من خلال المواثيق الدولية والعربية، إذ يجب أن يكون تحديد الأجر مرتبطاً بالتكاليف الحقيقية لمتطلبات المعيشة التي تضمن حياة كريمة للعامل وأسرته ويتناسب مع ظروف المعيشة والارتفاع المستمر في أسعار السلع المختلفة التي يحتاجها العامل يومياً أو التي هو بحاجة إليها بأوقات متفرقة والخدمات المختلفة التي يحتاجها العامل من نقل وكهرباء ومياه واتصالات وغيرها، وبالتالي يجب أن لا يقل الحد الأدنى للأجور عن متوسط تكاليف المعيشة للعامل وأسرته المعفى من كافة الضرائب المفروضة عليه ، وليس كافياً اليوم إعفاء الحد الأدنى للأجر من ضريبة الدخل، الذي لا يصل إلى حجم حبة العدس أمام حجم الغلاء الفاحش اليوم.
إن اختلال هذه المعادلة يكشف عن خلل كبير اقتصادي واجتماعي وهو يعبر عن مستوى عالٍ من النهب والفساد الكبير. من المعروف أن العامل هو الطرف الضعيف في علاقة العمل وحمايته واجب وطني. والأجر هو الذي يلبي احتياجات العامل وأسرته ويجب أن يتم تحديده من خلال لجنة ثلاثية متوازنة التمثيل تجمع الحكومة والعمال وأصحاب العمل وفق آلية ملزمة بعد صدور قرارها بالتوافق. وكان قانون العمل رقم / 17 / قد اعتمد اللجنة الوطنية للحد الأدنى العام للأجور، مع العلم أن هذه اللجنة لم تجتمع منذ صدور هذا القانون الذي كلفها باجتماعات سنوية واستثنائية لهذا الغرض.
وكنا قد طرحنا في العديد من المرات هذا السؤال، هل قامت الحركة النقابية بحساب تكلفة المعيشة من سلع وخدمات وأعدت البيانات والإحصاءات الضرورية كي يكون لديها أساس يتم تحديد الحد الأدنى للأجور ودعم مطالبتها برفع الحد الأدنى للأجور إلى ذلك الحد من متوسط المعيشة، وأعتقد أنه ليس معيباً لها أن تستعين بالخبراء والاختصاصيين في حال عدم توفر الكادر المؤهل لديها رغم تاريخها الطويل ليكون في جعبتها رقم مناسب للحد الأدنى للأجر تعتمد عليه وتعمل من أجله بكل وضوح وجدية.
وعودة على بدء، لا بد للتنظيم النقابي أن يكون لديه ذلك البرنامج الذي ينطلق بشكل أساسي من مصلحة الطبقة العاملة في حماية حقوقها كافة، وخاصة ذلك الأجر المجزي الذي يوازي تكاليف معيشتها متسلحة بكل الأدوات التي ضمنها وكفلها الدستور للتخلص من أسطورة نحن والحكومة فريق عمل واحد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1138