عند الحكومة.. كل شي بحسابه

عند الحكومة.. كل شي بحسابه

أكثر القضايا عرضة للمخالفات الدستورية، والتي كانت آثارها موجعة هي القضايا المتعلقة بمصالح وحقوق الفقراء، ومنهم العمال الذين كان وقع الأزمة عليهم شديداً، ومع هذا فلا أثر «للناطقين» المفترضين باسمهم تحت قبة البرلمان حيث «يضم بين جنباته حسب قانون الانتخابات 50% عمالاً وفلاحين» ولا أثر لمصالح وحقوق العمال والفلاحين في هذه المواقع أو في غيرها من المواقع الأخرى مع وجود الأغلبية شكلاً والمفترض أنها تمثل العمال والفلاحين حيث يغضون الطرف عنها، وخاصة على مستوى معيشتهم الذي وصل إلى مستويات لا يُسَرُّ منها العدو ولا الصديق، وهي استحقاق دستوري بامتياز كما يقال حمّل الدستور الحكومات مهمة تطبيقه وتنفيذه.

الحكومات المتعاقبة لم تقم بما هو متوجب عليها القيام به دستورياً، بل ذهبت بعيداً في اتخاذ الإجراءات الكفيلة على إدامة فقرهم «وتعتيرهم»، وفي هذا السياق وللعلم لم نرَ من يمارس دوره الرقابي التشريعي والقضائي من أجل محاسبة الحكومات على فعلتها وانحيازها نحو قوى رأس المال، وهذا له أسبابه.
أولاً: غياب الدور الفاعل لأصحاب المصلحة في الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم، وثانياً: لغياب الحريات الديمقراطية والحريات النقابية التي تمكّنهم من ذلك إذا ما تمكنوا منها.
وعلى سيرة الوضع المعيشي للمعترين جميعاً عمالاً وفلاحين وحرفيين ومهمشين وأبناء السبيل وغيرهم، وعلى سيرة أن الحكومة «تبدع» بحلولها لجهة تخليص الناس الذين تم ذكرهم من محنتهم وذلك بأن ينتظروا «فرج الله» القادم وهذا الفرج القادم قد ربطته الحكومة بتوفر الموارد للدولة التي يتم تأمينها ليس من الإنتاج، بل من رفع نسبة الضرائب والرسوم ومن رفع الدعم عن الذين يستحقونه والذين لا يستحقونه وتحرير الأسعار للكثير من المواد الضرورية حيث الخزينة ستمتلئ، وبعدها ستمن الحكومة على العمال والعاملين بأجر بأنها ستزيد لهم الأجور وغير هذا الكلام لا يوجد كلام عند الحكومة لزيادة الأجور لأن المصادر الأخرى التي يمكن زيادة الأجور من خلالها بدون مخاطر اقتصادية ممنوع الاقتراب منها وهي محرمات والمقصود بهم الذين نهبوا ثروة البلاد والعباد.
الحكومة تطرح العديد من الأفكار والتوجهات منها المشاريع الصغيرة ومنها تأمين فرص عمل وتعلن عن مسابقات يتقدم لها آلاف العاطلين عن العمل من أجل تخفيض نسب البطالة ولكنها تصطدم بقضايا كثيرة تمنع تحقيق هذا الهدف، هدف التشغيل في المعامل والمؤسسات «المعامل ذات النقص الكبير في عدد عمالها» وأهمها الحد الأدنى للأجور المعلن والذي لا يكفي لثمن طعام أو دخان للعامل يومياً وبالتالي عزوف العمال عن العمل على أساس الحد الأدنى المعمول به حالياً، يعبر عن مأزق حقيقي للحكومة لتطبيق ما تقوله حول الإنتاج وتطويره وهو غياب العنصر الأهم في العملية الإنتاجية، ولكن لم تقل لنا الحكومة بسياق عرضها علينا زيادةً لفرص العمل كيف ستؤمن تلك الفرص لملايين العاطلين والمعطلين عن العمل؟ أليس تأمين فرص العمل يحتاج إلى استثمارات كبيرة؟ يعني يحتاج إلى موارد تقول الحكومة بأنها لا تملكها بالقدر الكافي من أجل زيادة الأجور، فكيف ستؤمنها للاستثمار الذي سيؤمن فرص عمل وينمّي العملية الإنتاجية؟ أم إن تأمين فرص العمل يكون بما سيأتي إلى البلد من استثمارات المحسنين في المشرق والمغرب، وعندما يأتون للاستثمار، أليس في حساباتهم الاقتصادية والسياسية المردود الذي سيحصلون عليه سياسياً واقتصادياً؟ لأنه ليس هناك شيء لوجه الله في عالم رجال الأعمال والاستثمار، وكل شي بحسابه «وحكّلي لحكّلك».
أيها «السادة» الشعب السوري بأغلبيته الفقيرة قد خبر سياساتكم وما جرّته عليه من ويلات وظلم، وجعلته يهيم على وجهه في أركان المعمورة باحثاً عن مأوى يستظل تحته، وعن فرص عمل لم يستطع أن يجدها في موطنه، واليوم تَعِدونه بما هو فاقد له «وعم تعملوا له البحر طحينه» مع أن الطريق إلى خلاص الناس من أوضاعهم التي يعيشونها، أو على الأقل تحسينها، بَيِّنٌ وواضح، وهو جيوب من سرقوه وحرموه من حقه، فيما ينتجه من ثروةٍ جرى الاستيلاء عليها بأشكال وألوان يخبرها أصحاب الحل والعقد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1113