الأحوال العمّالية في العام 2022
يصادف صدور هذا العدد مع استعداد الطبقة العاملة لبدء عام جديد من معاناتها اليومية على مختلف الصعد المهنية والأجرية وحرياتها النقابية التي تمكنها من الدفاع عن حقوقها ومصالحها.
رصدت قاسيون خلال العام المنصرم العديد من القضايا والمطالب العمالية كالأجور والصحة والسلامة المهنية والتأمينات الاجتماعية والتشريعية والمؤتمرات النقابية السنوية.
بوصلة العمل النقابي 1054
نقاباتنا مازالت مطواعة ولطيفة؟؟ تصمت عندما يتم تهميشها وتجاهلها أو إقصاؤها، وتركض فرحة، وتبدأ بكيل الثناء والمديح عندما يقدم لها بعض الفتات من مطالبها أو حقوقها المشروعة والتي لا تسمن أو تغني من جوع من قبل السلطات التنفيذية. وهذا ما نلاحظه في كافة الاجتماعات النقابية من مؤتمرات سنوية وغيرها منذ عدة عقود. لتجاوز الوضع الحالي الذي تعيشه الحركة النقابية؟ لا بد من تصحيح مسار الحركة النقابية وإعادة بنائها الكفاحي التي وجدت من أجله بالدفاع عن حقوق العمال وتحقيق مصالحهم، التي فقدتها خلال المراحل السابقة وخاصة الأجر العادل الذي يحقق تلك الحياة الكريمة للعمال وكافة الكادحين. وذلك بالابتعاد عن أساليب الاستجداء والترجي أو التفضل والإحسان...
ليش نحنا عنا نقابات 1058
شهدت الفترة الماضية انعقاد المؤتمرات النقابية على مستوى البلاد من شرقها إلى غربها وبجميع النقابات ومنها نقابات دمشق وريفها التي تعتبر الأكبر والأوسع وتابعنا باهتمام طروحاتها وقضاياها ما نحاول تناوله هنا مدى وصول صدى هذه المؤتمرات إلى العمال المنغمسين في أعمالهم ونضالهم الطبقي والمعيشي، وحقيقة علاقتهم بنقاباتهم.
في لقائنا بعشرات العمال والعاملات وصلنا إلى نتيجة مفادها بأن أكثر من 95% من العمال الذين قابلناهم لم يسمعوا بالنقابات لا من قريب ولا من بعيد، وكان السؤال الأكثر شيوعاً «شو يعني نقابات؟» في حين جاء في المرتبة الثانية «ليش نحنا عنا نقابات؟» أما الأسئلة الأخرى فكانت «شو تعمل هي النقابات؟ شو نستفيد منها» وهلم جرى... وكأن هذا المبنى الكبير في ساحة المحافظة بطوابقه ومكاتبه واستثماراته الرابحة، مغترب عن عمّاله بقدر اغتراب العمال عنه، وليس من الصائب انتظار العمال كي يأتوا للنقابات وهم لا يعلمون بها، بل إن واجب النقابات أن تكون حاضرة أينما حضروا وهي المعنية بذلك، لتستعيد دورها وترتقي بعملها وتمثل العمال ومعاناتهم ونضالاتهم، ولا معنى لوجودها إن لم تكن كذلك.
تمخّض الجبل فولد فأراً 1060
بعد كل ما يعانيه العمّال والموظفون من انخفاض للأجور فاجأتنا الحكومة ومعها للأسف الاتحاد العام لنقابات العمال صاحب شعار نحن والحكومة شركاء، وبعد صمت طويل ومطبق تحدثت الحكومة عن رفع الأجور ولكن من خلال رفع متممات الأجور والحوافز والمكافآت أو رفع الضريبة عن الرواتب والأجور عند حد 92 ألفاً....لماذا الالتفاف على المشكلة الحقيقية وهي مستوى الأجور المتدني جداً قياساً بمستوى المعيشة والبحث عن مخارج وهمية لحلها، فمشكلة الأجور معضلة حقيقية تهدد حياة ومستقبل 90% من الشعب السوري وحلّها يتطلب إرادة سياسية جدّية فهي معركة وطنية بامتياز لا تقل أهمية عن الدفاع عن الوطن لأن الفقر هو العدو الأول للشعب بات يهدد الملايين بالجوع.
بصراحة... حتى النبش بالقمامة عليه ضريبة 1061
صرح مصدر مسؤول في محافظة دمشق أن مهنة النبش ليست من المهن المصنفة وأن العمل بها يعرض العامل لغرامة تقدر بثلاثة آلاف ليرة سورية أي جباية جديدة تفرض على الفقراء الذين دفعتهم ظروفهم للعمل في هذه المهنة ولا ندري إن كان يعي هذا المسؤول أو من اتخذ هكذا قرار المسببات التي تدفع بالأهل لرمي أطفالهم للنبش بالقمامة... يبحثون فيها عن النفايات المختلفة.... لبيعها في مراكز التجميع لهذه النفايات... مقابل ثمن بخس لا يساوي ما يتعرض له الأطفال من أمراض وتحرش وتسرب من المدارس لقيامهم بهذه الأعمال...عمال التنظيفات هل ستفرض عليهم نفس الضريبة أو المخالفة وهم يقومون بنفس الأعمال السابقة.. وهم محقون في عملهم الإضافي هذا كون أجر العامل في شركات التنظيف الخاصة لا يتجاوز الـ 100 ل س عن كل ساعة عمل وهذه الأجرة قد لا تكفي قوت يوم واحد لعائلته.. مع العلم بأن هذا العامل محروم من كل أشكال وأنواع الضمان إذا ما أصيب بمرض أو إصابة عمل..
الموقف الوطني وطريقة توزيع الثروة 1065
قضية الأجور والرواتب ومعدل توزيع الثروة والعدالة الاجتماعية لم تكن في يوم من الأيام مسائل ثانوية، وإنْ كان هنالك من يطالب دائماً بـ«تأجيلها» تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! المعركة المستمرة منذ عقود...وهذه القضية العميقة والجوهرية باتت تظهر... خفايا البرامج السياسية والاقتصادية للقوى السياسية ومصلحة أية طبقة تخدم بالنهاية... يتحدث النظام عن عدم قدرته على زيادة الأجور والرواتب بسبب عدم توفر الموارد حسب زعمه، ولكنه يعلم أن رفع الأجور يتطلب تغيير توزيع الثروة لمصلحة الأغلبية وهو ما لا يريده كما توضح الممارسة؛ فالموارد موجودة ولكن ممنوع الاقتراب منها، وهي حكرٌ على فئة معينة لا تمثل سوى أقل من 10% من السوريين، حيث تتماشى الحكومة مع عملية مركزة الفساد أكثر فأكثر... فيما توزع عبر النقابات المهنية والعمالية التي تسيطر عليها خطابات تحمل شعارات وطنية للفقراء.
بصراحة... الوضع المعيشي في جحيم الأسعار 1073
أغلبية الشعب السوري بمن فيهم العاملون بأجر يعيشون بحالة عوز وفقر شديدين، كون الأجور التي يتقاضونها تعادل من الجمل أذنه قياساً بتكاليف المعيشة التي تحلّق عالياً ولا تطالها حاجاتهم الأساسية، تتحفنا الحكومة إزاء هذه الأوضاع ببياناتها وأرقامها المعلنة عن حجم الدعم... فهي بقراراتها وإجراءاتها تقوم بسحب الدعم الذي كان موجوداً، والذي كان يخفف بعض العبء عن كاهل الفقراء حيث تقول لنا فيها إنها تدعم المواد الضرورية والأساسية وأنها تحارب الاحتكار والفساد الكبير، ولكنّ العبرة.. بالنتائج التي سيلمسها الفقراء بمستوى معيشتهم والنتائج يعلمها القاصي والداني، وكذلك.. جهابذة الاقتصاد الحكومي يعلمون أن المستوى المعيشي لم يتحسن بالرغم من كل ما يقال إعلامياً، ولن يتحسن طالما مصادر عيشنا ممسوكة من قبل حفنة صغيرة ترعاها الحكومة، وتمدها بكل أسباب التحكم في مفاتيح ما يحتاجه الناس في معيشتهم.
خطوة ملموسة خير من دزينة تقارير 1086
إن التوصيف العام لواقع الحال الذي يقدم في التقارير النقابية للواقع العمالي وواقع العمل ضروري، ولكن هذا لا يغير من الأمر شيئاً طالما أن المسببات الأساسية لتدهور أحوال العباد لم يشر إليها.. حيث يبنى عليها شكل ومضمون القرار المفترض اتخاذه لمواجهة ما يجري بحق الشعب السوري والطبقة العاملة، أي عندما تقول النقابات إن المسبب الرئيسي للكارثة الإنسانية والمعيشية للطبقة العاملة سببها قوى الفساد والنهب الكبيرين المستحوذين على الثروة التي ينتجها العمال، وأن الحكومة بسياساتها ونهجها المنحاز إلى جهة هاتين الشريحتين تكون قد حددت العدو الطبقي الذي يقوم بعملية النهب، وكذلك ستحدد شكل وأدوات المواجهة المفترضة مع هذا العدو دفاعاً عن المصالح الوطنية والطبقية للطبقة العاملة، وتكون التعبئة للعمال بهذا الاتجاه هي الطريق الأقصر لحصول العمال على حقوقهم المختلفة، ولكن البقاء ضمن الحدود التي تأتي على ذكرها التقارير النقابية عادةً، يعني أن النقابات متصالحة مع الأمر الواقع وهي ترى بعين واحدة، ولن يحصل العمال... على شيء سوى على الفتات الذي سيرمى لهم، وهذا يضر ضرراً كبيراً بمن تمثلهم النقابات....
عن ربط الأجور بالإنتاج شعار قديم يتجدد 1088
تتحدث الحكومة دائماً خلال اجتماعاتها مع النقابات أن زيادة الأجور والرواتب موضوعة ضمن الخطط الحكومية، ولكنها تربط زيادة الأجور بزيادة الإنتاج وهي تعمل حسب زعمها على دعم مستلزمات عملية الإنتاج لزيادة الأجور... كلام الحكومة عن ربطها زيادة الأجور بزيادة الإنتاج يعتبر عملاً غير دستوري، فربط الأجور بالإنتاج فيه مخالفة واضحة للدستور الذي نص في المادة الثالثة عشرة منه على (أن السياسة الاقتصادية للدولة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي وعدالة اجتماعية) ومن متطلبات العدالة الاجتماعية أن تؤمّن الحد الأدنى للأجر متطلبات المعيشة للمواطن بغض النظر عن الإنتاج... فإذا كان وسطي المعيشة للأسرة المكونة من خمسة أفراد أكثر من مليونين ليرة فهل الحد الأدنى للأجور اليوم يؤمن حياة كريمة للعامل ويتوافق والدستور؟؟
بصراحة... الأجور بين الناهبين والمنهوبين 1091
إنّ قضية الأجور قضية سياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية موارد، حيث تعني: الموقف من الناهبين، فبقاء الأجور على ما هي دون زيادة حقيقية من جيوب الناهبين، حيث الموارد التي تُمكّن من زيادة حقيقية، يعني انحيازاً واضحاً للناهبين على حساب المنهوبين، وهذا الواقع يدركه العمال تماماً بحسهم الطبقي، وبعملهم الفعلي خلف الآلات، ويعرفون أن طريق حصولهم على حقوقهم ليس بالتصريحات والخطب...
القطاع الصناعي.. بين أخذ ورد 1093
القطاع العام والخاص الصناعي أكثر القطاعات الاقتصادية التي أثارت وما زالت تثير جدلاً واسعاً... كون هذا القطاع الهام هو الدريئة التي جرى ويجري تصويب النيران الغزيرة عليها من جانب قوى السوق، ومن داخل جهاز الدولة، وذلك عبر إجراءات اتخذتها بحقه الحكومات السابقة والحالية.. إن الحركة النقابية.. تتحمل المسؤولية من موقع الشريك للحكومة في قراراتها وخططها المختلفة في الدفاع عن قطاع الدولة والخاص الصناعي دفاعاً حقيقياً، وهي تعبر عن شراكتها مع الحكومة في كل قراراتها ومسؤولة مثلها عن النتائج المترتبة عن تلك القرارات، فلماذا الموافقة على إجراءات الحكومة بما يخص الواقع الصناعي بدلاً من مواجهة تلك المشاريع، وطرح بدائل حقيقية تعبّر عن المصالح الوطنية للطبقة العاملة والشعب السوري... الذي يريد أن يعيش بكرامته وحريته في وطنه.
الإضراب ضرورة للسلام الاجتماعي 1094
إن الهدف من الإضراب لا بد أن يتسق مع الهدف من تكوين المنظمة نفسها، ويعنى ذلك أن الإضراب الذي يجيز لمنظمات العمال الدعوة إليه، هو الإضراب الذي يهدف للدفاع عن حقوق عضويتهم المتصلة بشروط خدمتهم. ومصالح عضوية منظمات العاملين المتصلة بظروفها المعيشية... إذ إن السياسات الاقتصادية العامة كرفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة تؤثر سلباً على المستوى المعيشي للعاملين... إذ يتوجب عليها أن تبحث عن حلول للمشكلات التي تتسبب فيها السياسات الاقتصادية والاجتماعية العامة.. تبعاً لذلك يجب من حيث المبدأ أن تكون قادرة على استخدام سلاح الإضراب لتحقيق حلول لصعوبات سببتها اتجاهات رئيسية لسياسات اجتماعية واقتصادية لها أثر مباشر.. على العمال بصفة عامة، فيما يتعلق بالعمالة والحماية الاجتماعية ومستوى المعيشة.
بصراحة... فوق الموتة عصة قبر 1096
في كل يوم تقريباً تعلن الحكومة عن جملة قرارات مفادها ألّا تبقي في جيوب الشعب السوري قرشاً واحداً ومن ضمنهم أصحاب المعامل والفعاليات الاقتصادية المرتبطة بالإنتاج حيث عملت الحكومة على طرح حلول خلبية في تأمين الطاقة، منها الخطوط الذهبية «الكهرباء»، ورفع أسعار المشتقات النفطية الصناعية المازوت والفيول واستتبعتها بشعار الإصلاح الضريبي وهو فرض إتاوات باهظة يصل بعضها للمليارات من الليرات السورية وهذه الضرائب الباهظة جعلت أصحاب المعامل يفكرون بطريقة أهون الشرّين وهو إغلاق المعمل وتسريح العمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1103