تفريط حكومي بمؤسسة التأمينات الاجتماعية
لكل فرد باعتباره عضواً بالمجتمع الحق بالشمول في الضمان الاجتماعي «المادة /22/ من الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948».
ومن خلال التجربة العملية والواقع نرى بأن فكرة الضمان الاجتماعي غائبة عن مجتمعاتنا في بلدان العالم الثالث ولو بشكل مبسط حيث هناك ضعف في نشر الوعي ولا سيما الإعلام التأميني بشكل خاص وعادة ما يعتقد رب العمل أو العامل أن الاشتراك في التأمينات هو ضريبة تفرض على الطرفين للدولة ومن الأفضل التهرب منها أو تخفيض الأجور أثناء الاشتراك فيها، مع أن الضمان الاجتماعي هو أساس تقدم المجتمعات وتطورها ومقياس التقدم والرفاه الذي يتم تحقيقه في الدول.
ويعد الضمان الاجتماعي في غالبية بلدان العالم هو حق مقدس يشترك فيه كافة أفراد المجتمع من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو العدالة الاجتماعية، والدستور السوري لعام 2012 نص على أن الهدف من السياسات الاقتصادية هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعمل مؤسسة التأمينات الاجتماعية وفقاً لأحكام القانون رقم /92/ لعام /1959/ وتعديلاته ومن المبادئ الأساسية الهامة التي تحكم عمل المؤسسة أن التأمين إلزامي وليس اختيارياً، والمواد القانونية الناظمة تعتبر من النظام العام ولا يجوز مخالفتها لأن ذلك يعتبر باطلاً.
وأهم ميزات التأمينات الاجتماعية يمكن اختصارها بأنها طبقت على العمال والمستخدمين زراعة– صناعة– تجارة وأصحاب الأجور المتدنية، كما شملت ضمان المرض والأمومة والشيخوخة والوفاة والعجز.
دور مؤسسة التأمينات الاجتماعية والواقع
من المؤكد أن الحديث عن دور التأمينات الاجتماعية في المجتمع وخاصة في هذه الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد يعد من حيث القيمة أو الفائدة المرجوة غير متحققة أو تكاد لا تذكر، بسبب ارتفاع أسعار الصرف وانخفاض مستوى المعيشة واتباع سياسة تجميد الأجور والرواتب والتي أدت إلى نتائج كارثية على المجتمع وخاصة على الطبقة العاملة وعلى المتقاعدين منهم بالذات، وبالتالي يعود إفشال الهدف من إنشاء أو تطوير مؤسسة التأمينات الاجتماعية وتنشيط دورها في ضمان حياة كريمة للعامل بعد تعرضه للإصابة أو بعد تقاعده عن العمل إلى السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تعمدت خفض مستوى المعيشة إلى أدنى مستوياته مع تحرير الأسعار ورفع الدعم إضافة إلى ارتفاع أسعار الصرف كل ذلك أدى إلى إضعاف دور مؤسسة التأمينات الاجتماعية وبات المتقاعدون يعيشون ظروفاً أسوأ حيث لا تؤمن اليوم رواتب التأمينات سوى الخبز للعائلة فقط وهو ما اضطر غالبية المتقاعدين للبحث عن عملٍ آخر بعد التقاعد وهم الذي من المفترض أنهم تقاعدوا ليستريحوا بعد سنوات شاقة من العمل، ورغم كل ما يعانونه من أمراض مزمنة.
تصرف الحكومة مع أموال العمال
ناهيك عن تصرف الدولة بأموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية واستهتارها في تسديد الديون المستحقة عليها للمؤسسة قبل الأزمة وبعدها، بالرغم من تسديد وزارة المالية لجزء من أموال المؤسسة إلا أنه تبقى المؤسسة هي الخاسر الوحيد بسبب انخفاض قيمة النقد.
ومع أنه لا يوجد نص دستوري ولا قانوني يذكر أن وزارة المالية أو أي وزارة أخرى مسؤولة عن أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية والتي تسمى تجاوزاً مؤسسة عامة، والتي يتم تعيين مديرها العام تجاوزاً أيضاً من قبل رئيس مجلس الوزراء دون استشارة نقابات العمال أو أرباب العمل، ومع ذلك صرح وزير المالية مجدداً وأمام مجلس الشعب خلال سؤاله عن تساؤلات أعضائه عن مشروع الموازنة العامة أنه الوكيل الحصري وبالإكراه ومن دون منازع على أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ولقد أرغمت وزارة المالية المؤسسة وطيلة ثلاثة عقود على تحويل مليارات من أموال الطبقة العاملة إلى صندوق الدين العام واستخدمتها رغماً عن العمال بتمويل مشاريع تنموية مختلفة.
ولم تكتف الوزارة بشفط أموال المؤسسة بل شطبت 60 ملياراً وأطفأتها في إحدى الموازنات العامة وكأنها لم تكن وعندما كان أحد من أعضاء نقابات العمال يسأل وزير المالية السابق عن هذه الأموال يقول انسوها، ولقد سبق لمدير التأمينات الاجتماعية أن أكد أنه لا توجد مشكلة في ديون القطاع الخاص لأنها بسيطة جداً، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتأخرين لكن المشكلة هي في ديون القطاع العام حيث لا يمكن اتخاذ أي إجراء قانوني إزاء هذه الجهات العامة كما لا يوجد نص قانوني يعفي الجهات العامة من تسديد اشتراكاتها عن العمال أسوة بالقطاع الخاص.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1103