العمال يدركون
الأزمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي الإمبريالي هي نتاج طبيعة هذا النظام ولا يمكن أن يوجد لها حلّ دون وضع حدّ لهذا النظام الذي أنتجها، وأن يحلّ محلّه نظام جديد يلبي مصالح المجتمع عامة ومصالح الطبقة العاملة خاصة، تبيّن الوقائع أنّ الأزمة مستمرة وأنّها لا تزال تفعل فعلها في اقتصادات البلدان الرأسمالية الكبرى. وكذلك في بلدان الأطراف التابعة أيضاً. والعمال في جميع هذه البلدان هم الضحايا الرئيسيون، والحلول الترقيعية التي تنهجها الرأسمالية في كل بلد من أجل تخطّي الأزمة تعمد على إلقاء تبعاتها على كاهل الطبقة العاملة وعموم الكادحين بأجر. أما السياسات والإجراءات التي تطبّقها ليس لها سوى هدف واحد وهو الدفاع عن الرأسمال الكبير وعن أصحاب الطغم المالية والصناعية الكبرى.
الغضب الذي نشاهده اليوم لعمال العالم والشعوب في مختلف البلدان الرأسمالية ودول الأطراف أيضاً، أنهم يدعون إلى النضال المباشر لمواجهة الرأسمالية فيها. أما الذين يدعون إلى المطالبة ببعض حقوق العمال من خلال تعديل بعض القوانين والإصلاحات البسيطة. فهم يسعون إلى حماية مصالح قوى الاحتكار المختلفة المحلية منها والدولية بما فيها احتكارات الطغم المالية للإمبريالية العالمية
وفي سورية أثبتت السياسات الاقتصادية المتبعة، أنها اختيارات رأسمالية تخدم مصالح أقلية طبقية من قوى النهب والفساد الكبير الجشع، همها الوحيد تكديس الأرباح وهذه القوى هي التي ترسم وفقاً لمصالحها توجهات السلطة التنفيذية منذ أن تبنت ما سمّته سياسات السوق الاجتماعي تحت شعار الإصلاح الاقتصادي. التي لم تنتج سوى مزيداً من الفقر ومزيداً من الحرمان. وضعف القدرة الشرائية للعاملين بأجر، الذي لم تشهد تدهوراً مثله من قبل نتيجة لتحرير الأسعار وتجميد الأجور.
إن العامل البسيط أصبح يدرك أن سبب فقره وبؤسه هو توجهات الحكومة المتبعة، بعد أن أدرك أنها سبب ارتفاع الأسعار لكثير من المواد مثل الزيت والسكر الأعلاف والأسمدة وأسعار المحروقات والطاقة الكهربائية. فهذه الحكومة لا تلبي مصالح مواطنيها وخاصة العاملين بأجر بل مصالح الفساد والنهب الكبيرين والقوى الداعمة والراعية لها، وهي السبب الأساسي لما آلت إليه البلاد. إن من يبحث عن وضع اجتماعي سليم عليه أن يتخذ إجراءات عاجلة لتخفيف آلام الناس، لا أن يطالبهم بمزيد تحمّل الأعباء والمصاعب.
السؤال هل سيتوقف الاعتداء المستمر على حقوق العاملين بأجر عموماً؟ وهل سيتوقف الغلاء؟ إن ما يجري في البلاد من غلاء كبير واستشراس لقوى النهب والفساد، ينبئ بما لا يحمد عقباه، وقضية تجميد الأجور للعاملين ازداد تأثيرها المباشر على حياة ملايين الناس الذين يعتمدون على رواتبهم بشكل أساسي، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الحكومة، والتغول في تقليص دعم الدولة عن مختلف المواد الأساسية والضرورية ومحاولة خصخصة قطاعات الدولة المختلفة بما فيها القطاعات السيادية كالاتصالات والكهرباء وغيرها، وجعلها ملكاً لقوى النهب والفساد أو ممثليهم، ستزيد من الفقر والبطالة والشقاء لكل المواطنين السورين، باستثناء هذه القوى الناهبة المتواجدة في جهاز الدولة وخارجه.
القول اليوم برسم النقابات: انتهت مرحلة السكوت عن هذا الوضع السائد واعتباره قدراً لا سبيل لرده. العاملون بأجر وكافة الكادحين هم بانتظار نقاباتهم لتصحو من هذا السبات الطويل التي مرت به. وإذا بقيت الحركة النقابية بعيدة عمّن تمثلهم، سوف تبقى هذه الحركة معزولة عن قواعدها، ولإنهاء الفساد والنهب الكبيرين لا بد من دور تقوم به النقابات العمالية وجماهير العمال والنقابات المهنية الأخرى من معلمين وطلاب وفلاحين وحرفيين، وجميع الراغبين بالخلاص من هذا الواقع المرير.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1095