القطاع الصناعي.. بين أخذ ورد

القطاع الصناعي.. بين أخذ ورد

القطاع العام والخاص الصناعي أكثر القطاعات الاقتصادية التي أثارت وما زالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية والاقتصادية، وهذا طبيعي كون هذا القطاع الهام هو الدريئة التي جرى ويجري تصويب النيران الغزيرة عليها من جانب قوى السوق، ومن داخل جهاز الدولة، وذلك عبر إجراءات جدّية اتخذتها بحقه الحكومات السابقة والحالية والفرق الاقتصادية الملحقة بها.

والحجج بهذا الموقف بأنه قطاع يشكل عبئاً على الدولة ومواردها والهجوم عليه خير وسيلة للدفاع عن تلك الموارد التي يمكن تحسينها عبر أشكال أخرى من الاستثمارات « السياحية » مثلاً، التي يمكن أن تكون عائديتها سريعة ولا تحملنا الأعباء التي تتحملها الدولة، وتصب في هذا السياق جملة القوانين التي صدرت مثل قانون التشاركية وقانون الاستثمار بتعديلاته الأخيرة حيث تمني الدولة نفسها بأن يتزاحم المستثمرون على جلب أموالهم وتشغيلها وتساعدها بذلك جملة التسهيلات الكبيرة التي ستقدمها الحكومة للمستثمرين، ولا ندري إن كانت تعلم الحكومة بأن رأس المال يحتاج إلى سوق مستقر سياسياً وأمنياً هذا في حال سمح لهذا الرأس مال بالقدوم والاستثمار لأن هذا المدعو مستثمراً ليس حراً في حركته الاستثمارية بل يخضع للمراكز المالية الإمبريالية وهي من توجه بالحركة طالما هذه الحركة تفيد سياسياً واقتصادياً تلك المراكز.

المشاريع الإصلاحية

(المشاريع الإصلاحية) كثرت وتعددت أشكالها ومضامينها، وهي ليست بريئة من حيث موقفها «الإصلاحي»، بل هي كسابقاتها من المشاريع التي طُرحت في عهد الحكومات السابقة جميعها تؤدي إلى نتيجة واحده وهي إضعاف القطاع الصناعي والزراعي لحساب القطاعات الأخرى المسماة بالاقتصاد الريعي وفي هذا خير لقوى النهب والفساد الكبيرين.
إنّ واقع القطاع الصناعي الآن ليس في أحسن حالاته من حيث الدور الاجتماعي والصناعي وتلبية حاجات الشعب السوري الأساسية، وبالرغم من كل ما تعرض له من نهب وإهمال وتخريب بالإضافة إلى ما جرى من هجرة لكثير من الصناعات- وخاصة النسيجية منها- إلى دول الجوار وإلى مصر وتركيا والأردن حتى بات الصناعيون السوريون في هذه الدول من الأوائل على صعيد الاستثمار الصناعي وغيره من الاستثمارات، ومع هذا فإنه ضمن إمكاناته المتاحة التي وضع فيها- وجرّدته من إمكانية تطوره الطبيعي- فإنه يمكن أن يؤدي دوراً مهماً من خلال مساهمته الفعالة في تأمين الموارد اللازمة لخزينة الدولة، ومع هذا أيضاً ما زال الهجوم مستمراً على دوره.

الرقابة العمالية والنقابية

إن الحركة النقابية في خضمّ الجدل الدائر حول المشاريع (الإصلاحية المطروحة) تتحمل مسؤولية من موقع الشريك للحكومة في قراراتها وخططها المختلفة في الدفاع عن قطاع الدولة والخاص الصناعي دفاعاً حقيقياً، وهي تعبر عن شراكتها مع الحكومة في كل قراراتها ومسؤولة مثلها عن النتائج المترتبة عن تلك القرارات، فلماذا الموافقة على إجراءات الحكومة بما يخص الواقع الصناعي بدلاً من مواجهة تلك المشاريع، وطرح بدائل حقيقية تعبّر عن المصالح الوطنية للطبقة العاملة والشعب السوري، والتي من مصلحتها الحفاظ على قطاع الدولة الصناعي قطاعاً رائداً ومتطوراً، وهذا ممكن عبر إعادة تأميم القطاع العام الصناعي من ناهبيه وضخ الاستثمارات الضرورية فيه لكي يستعيد عافيته ثانية، وانتزاع حق الرقابة على شركات القطاع العام الصناعي والزراعي من خلال الرقابة العمالية والنقابية على أداء هذا القطاع، وهذا يكون بتثبيت حقوق الرقابة دستورياً وكيف ستمارس الرقابة دورها، الأمر الذي سيقطع الطريق على كل العابثين من قوى السوق وحلفائهم في الحكومة، لكيلا يبقى قطاع الدولة الصناعي مُسخَّراً لتحقيق مصالحهم الاقتصادية والسياسية وبعدها يُرمى عظماً، وهذا على نقيض من مصالح الشعب السوري، الذي يريد أن يعيش بكرامته وحريته في وطنه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1093